الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

لبناني يحرق نفسه: الشعب يريد النجدة

رلى راشد
لبناني يحرق نفسه: الشعب يريد النجدة
لبناني يحرق نفسه: الشعب يريد النجدة
A+ A-

كان الحدث المحوري يجري في #بيروت وفي قلبها تحديدا. تتدفّق الجماهير الغفيرة إلى إحدى الساحات ثم إلى الأخرى. مجموعات تغلّ في المكان ثم تنسحب وتُعيد التموضع، بينما عيون الكاميرات مُثبتتة على حراك لا ينفكّ يتضخّم من تلقاء نفسه.


في المقلب الآخر عند الطرف الجنوبي وفي عاصمته صيدا وأمام سراياها الحكومية، كان هناك حدث ثان حَجَبَته ضوضاء المركز. رجل بهوية عبد الرحمن الجويدي عمد إلى إضرام النار بجسده الذي جَمره القهر وأنهكه القنوط قبل الألسنة المُلتهبة. رجل أراد على ما كُتب، أن يلتحق ومن خلال تصرفه بحركة #طلعت_ريحتكم الناشطة على بعد عشرات الكيلومترات منه، فراح يستدعي الحريّة وفرص العمل التي تبخّرت من أمامه كقطرات المياه في عزّ الصيف.


يُهيّأ للبنانيين اليوم بأنهم متروكون إلى أقدارهم القاتمة، فرادى وجماعات. يَستبّد بهم الإحساس بأن صدورهم باتَت عاجزة عن الإتساع لمآسيهم المُطبقة على حيواتهم منذ عقود. يشعرون وكأنهم على وشك الإنفجار، وان الوقت حان للإستغاثة.


ها هم اللبنانيون يطلبون النجدة، وها هم يُعلون الصوت غير انه يخرج كأنين المُنازعين. يتبدّى إنها الصرخة الأخيرة قبل أن يُسلموا الروح.
يلتحق البعض بالموجة الجماهيريّة، ينضمّ إليها تلقائيا آملا بأن يتضاعف صوته المفرد، يهيم في الشوارع لأن جدران المطارح العابقة بروائح النفايات على أشكالها تضيق شيئا فشيئاً عليه وكأنها لن تتأخر في خنقه، في حين لا يجد البعض الآخر سبيلاً ناجعا سوى الإلتفاف على عزلته ولا يجد سوى بَدَنه ينتقم منه من جور الولادة في وطن بات لا يشبهه.


يقول فعل الحرق الصيداوي المُتعمّد اننا بتنا نقف على الهاوية وأن المنزلق سحيق. يحكي عن شعب صارت عنده المُجازفة بقتل النفس أهون الشرور.
الرجل الذي كاد أن يحترق والذي جرى لفُهُ بما تيسر وعلى عجالة، الرجل الخانع الرأس، يُشبهنا جميعا. يشبه #اللبنانيين الذين يتعرّضون للمَهانة لمجرد إيمانهم ببلاد تخلّت عن دورها الضامن لجميع مواطنيها فصار يتوجّب علينا البحث عن أوطان بديلة.


أذكر اني رأيتُ في العاصمة التشيكية براغ قبل فترة وجيزة، وعلى مقربة من القصر المهيب الذي يظلّل المدينة وَجها حَجريا ثُبّت على حائط متحف الفنون التزيينيّة. استلهمت الملامح وجه طالب التاريخ والإقتصاد السياسي يان بالاك أول التشيكوسلافاكيين المُقدمين على حرق أنفسهم في أعقاب قمع ربيع براغ. لحقَ به بعدذاك أكثر من عشرة أشخاص في أنحاء أوروبا الشرقية وإثنان في براغ أحدهما يان زاييك. لم يرغب زاييك في أن يجري تأويل فعله وبأن يجري السطو عليه. عمد من أجل ذلك إلى تفسير مرماه مُعلنا انه لا يريد لتصرّفه أن يكون المُقدّمة لفترة حداد أو أن يكون المدخل لتحقيق الشهرة. قال انه يريد أن يمنح "الشجاعة للآخرين لكي يقاوموا، أخيرا، ميل الديكتاتوريين للسيطرة عليكم".


لا نريد للبنانيين أن يموتوا حرقا طمعاً بالحريّة. لا نريدهم أن يذوقوا طعم اللهيب لكي لا يكويهم الإستهتار بأرواحهم.


 


[email protected]
Twitter: @Roula_Rached77


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم