الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

اليونان في طريقها إلى مغادرة "الأورو"

المصدر: "النهار"
موريس متى
اليونان في طريقها إلى مغادرة "الأورو"
اليونان في طريقها إلى مغادرة "الأورو"
A+ A-

ساعات قليلة تفصل اليونان عن التعثّر في سداد مستحقات بقيمة 1.6 مليار أورو لصالح صندوق النقد الدولي، ما يعني دخول البلاد السيناريو الاسوأ اي بدء مسيرة الخروج من منطقة الأورو. وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس كان واضحا في هذا الشأن، حيث أكد ان بلاده لن تتمكن من سداد ديونها المستحقة للصندوق، والتي تنتهي مهلة سدادها منتصف ليل اليوم، في حال عدم تمديد برنامج الإنقاذ المقدم لأثينا ومدها بالاموال اللازمة، رغم انه اشار إلى وجود أمل في التوصل لاتفاق في "اللحظة الأخيرة" مع الدائنين بشأن شروط برنامج الإصلاح الاقتصادي.


"خيانة" في المفاوضات الأخيرة؟
ولكن هذا الامل، قد يكون ضعيفا جدا في الوقت الذي اشتدّت فيه حدة الخلافات بين الحكومة اليسارية في اليونان بقيادة حزب سيريزا المناهض للتقشف، ورئاسة أليكسيس تسيبراس والجهات الدولية الدائنة، تحديدا الاتحاد الأوروبي، صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. ومنذ السبت اخذت الازمة القائمة بين اثينا والدائنين مسارًا خطيرًا للغاية لم يعرفه الاتحاد الأوروبي قبلا. وفي هذا السياق، وجه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر انتقادات قاسية لتسيبراس، معتبرا انه شعر "بالخيانة" نتيجة سلوك الحكومة اليسارية اليونانية خلال المفاوضات الأخيرة. وتشهد العديد من المناطق في اليونان تظاهرات لأنصار حزب سيريزا اليساري الحاكم حيث يتم إطلاق هتافات تندّد بالترويكا في اشارة الى الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.


وردًا على الاعلان المفاجئ لرئيس الحكومة اليونانية بالدعوة الى استفتاء في الخامس من تموز حول خطة المساعدة المالية التي اقترحها الدائنون مقابل سلسلة من الاصلاحات المطلوبة من اثينا، قرّرت منطقة الأورو عدم تمديد برنامج المساعدة لأثينا، ما يجعل اليونان مسؤولة عن قطع المفاوضات بحسب الدائنين، وبالتالي تعتبر مسؤولة عن عدم حصولها على الاموال اللازمة لمنعها من التعثّر وخروجها من منطقة الأورو. كما قام البنك المركزي الأوروبي بتعليق تمويل الطوارئ الممنوح للمصارف اليونانية، مما يفرض ضغوطًا إضافية على بنوك اليونان التي استطاعت البقاء على مدى الأسابيع القليلة الماضية بفضل زيادات متصاعدة في التمويل الاستثنائي.


احتمال استقالة تسيبراس
بدوره هدّد رئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس بالاستقالة من منصبه في حال خالف نتيجة الاستفتاء الشعبي بشأن أزمة الديون قناعات حكومته اليسارية. وذكر تسيبراس أن تصويت الشعب ضد سياسة التقشف سوف يساعد الحكومة للتفاوض على تسوية أفضل للأزمة الحالية، وطالب اليونانيين برفض مطالب الدائنين بقوة خلال الاستفاء، الأمر الذي سيمنح أثينا "سلاحًا قويًّا" في مفاوضاتها مع المقرضين في المرحلة المقبلة. وأكد رئيس الحكومة انه في حال وافق اليونانيون على الاستمرار في خطة التقشف الحالية التي فرضها الدائنون على بلاده فإن حكومته ستحترم قرار الشعب، لكنها لن تكون المسؤولة عن تنفيذه، وستستقيل.


وفي أوضح إقرار مباشر حتى الآن من جانب مسؤول رفيع في البنك المركزي الأوروبي بأن خروج اليونان من الأورو قد يحدث بالفعل، اعتبر عضو مجلس إدارة المركزي بنوا كوير أنه بات محتملاً الآن أن تخرج اليونان في نهاية المطاف من منطقة الأورو، بعد أن قررت قطع المحادثات بشأن صفقة مساعدات مقابل إصلاحات ودعوتها إلى إجراء الاستفتاء، لكن ليس هذا ما يتمنّاه المركزي الأوروبي. وأضاف بنوا كوير في تصريحات لصحيفة ليزيكو الاقتصادية الفرنسية، إنه إذا صوّت اليونانيون "بنعم" في الاستفتاء على الاتفاق مع منطقة الأورو، فإنه لا يساوره شك في أن سلطات منطقة الأورو ستجد سبلاً للوفاء بالالتزامات نحو اليونان. أما إذا كان التصويت بلا "فسيكون من الصعب للغاية استئناف الحوار السياسي".


معركة "النعم"
وقبل ستة ايام من موعد الاستفتاء، اطلق الأوروبيون معركة "النعم" في محاولة لإاقناع اليونانيين بعدم ادارة ظهرهم للأورو، والبقاء ضمن منطقة العملة الأوروبية الموحدة. وفي هذا السياق اعتبر يونكر ان التصويت بـ "لا" يعني ان اليونان تقول "لا" لأوروبا"، وحثّ اليونانيين على التصويت بنعم للأورو وللإصلاحات. وعلى غرار يونكر يراهن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل على "النعم" معتبرين ان تصويت الاحد المقبل لن يكون حول اقتراحات الدائنين للحكومة اليونانية، بل حول بقاء اليونان او عدم بقائها في منطقة الأورو. أما رئيس الحكومة الايطالية ماتيو رنزي فاعتبر ان الاستفتاء اليوناني لن يكون صراعًا بين المفوضية الأوروبية وتسيبراس بل بين الأورو والدراخما. الخيار هنا". أما رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي فاعتبر أن موافقة اليونانيين على مطالب الدائنين في الاستفتاء المقرر الشهر المقبل ستعتبر أمرًا جيدًا لليونان، كما ستسمح بتفاوض الدائنين مع حكومة جديدة في أثينا. وأضاف راخوي، أنه في حال خروج نتيجة الاستفتاء في اليونان بـ"نعم" فإن هذا سيعني رغبة اليونانيين في البقاء في منطقة الأورو.


ولتجنيب البلاد انهيارًا مصرفيًّا قرّرت الحكومة اليونانية إقفال المصارف حتى السابع من تموز، وتعليق التداول في البورصة، وفرض قيود على حركة الرساميل، ووضعت حدًّا للسحوبات من ماكينات الصرف الآلي خوفًا من تهافت المودعين على سحب ودائعهم. وشهدت اسواق المال والبورصات في العالم وفي طليعتها الأوروبية والآسيوية تراجعاً كبير في الايام الماضية بسبب مخاوف من خروج اليونان من منطقة الأورو. ونتيجة وصول الازمة الى حائط مسدود، خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني السيادي لليونان من CCC إلى CCC- ، قائلة إن احتمال خروج اليونان من منطقة الأورو أصبح 50%، ورجحت أن تتخلّف اثينا عن سداد ديونها التجارية خلال الأشهر الستة المقبلة. وبحسب الوكالة فإن خروج اليونان من منطقة الأورو سيُفضي إلى نقصٍ حاد في العملة الصعبة بالقطاعين العام والخاص وقد يؤدّي إلى ترشيد الواردات الحيوية. كما كانت خفضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني للبنوك اليونانية إلى درجة "قيد التعثر" نتيجة تأثير القيود المفروضة على سحب الودائع سلبياً على الالتزامات الرئيسية للبنوك.


هولاند وأوباما يستأنفان المحادثات
قد لا تكون الابواب قد أُقفِلت نهائيا بعد، ففي اتصال هاتفي بين هولاند والرئيس الاميركي باراك اوباما اتفق الطرفان على إعطاء الاولوية لاستئناف المحادثات حول الازمة اليونانية. كما اعلنت المستشارة الالمانية استعدادها لمفاوضات جديدة مع اليونان بعد الاستفتاء، مؤكدة ان فشل اليونان، قد يؤدي الى فشل الأورو وبالتالي فشل أوروبا برمّتها. أما رئيس مجموعة الأوروغروب يروين ديسلبلويم ، فألمح الى وجود بعض التفاؤل حيث قال: "أواصل تكرار القول ان الباب من جهتنا لا يزال مفتوحًا".


وفي الساعات الماضية، تقدّمت المفوضية الأوروبية لأثينا باقتراحاتها الأخيرة لتمديد برنامج الإنقاذ الحالي، في وقت حذّر فيه تسيبراس من تداعيات خروج اليونان من منطقة الأورو، مؤكدا رفض حكومته الاقتراحات الأوروبية الجديدة. وخاطب يونكر رئيس الوزراء اليوناني برسالة طالب فيها الأخير بقبول الاقتراحات الأخيرة لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، وفي حال قبول تسيبراس المقترح يتوجب عليه إبلاغ يونكر ورئيس مجموعة الأورو يروين ديسلبلوم والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقراره قبل بدء اجتماع طارئ للقادة السياسيين في البرلمان الأوروبي مساء اليوم. والعرض الأخير يتضمن تقليص قيمة الضريبة المضافة على الخدمات الفندقية من 23% إلى 13%، في وقت تتضمن خطة المقرضين تمديد برنامج المساعدات الحالي لفترة 5 أشهر، وتقديم مساعدات بقيمة 16.3 مليار أورو تصرف على 4 شرائح تجنّب اليونان الإفلاس، مقابل اتباع أثينا سياسة تقشف تنطوي على إصلاحات تحدّ من إنفاقها. وتتضمن إصلاحات المقرضين 3 فئات من الإصلاحات، وهي الإصلاح الضريبي وإصلاح معاشات التقاعد، وإصلاح سوق العمل ونظام الرواتب في القطاع العام، بالاضافة الى إجراءات أخرى تهدف إلى رفع أداء الموظفين ومكافحة الفساد والتهرّب الضريبي.


قد تكون الساعات القادمة بالفعل مصيرية لليونان، إذ سيتمّ خلالها تحديد مصير هذه الدولة ضمن منطقة العملة الأوروبية الموحدة، وقد تحدّد ايضًا مستقبل الأورو والاتحاد الأوروبي بشكل عام.


[email protected]
Twitter : @mauricematta

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم