السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مأساة لا تحتمل...قتل والده عن طريق الخطأ

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
مأساة لا تحتمل...قتل والده عن طريق الخطأ
مأساة لا تحتمل...قتل والده عن طريق الخطأ
A+ A-

لم يرحمه القدر ولم ترحمه وسائل الإعلام! اتهموه بقتل والده وكل ما كان يفعله انه كان يلبّي طلبه ويرمي السكين له لمتابعة عمله. اليوم هو ينبش قبره، يريد ان يخبره انه لم يكن يقصد ان يؤذيه، وان يحرم نفسه من حنانه وعطفه، يبكيه بحرقة طفل تيتّم، وعلى يد من؟ على يده! يصرخ: "يا ليتني لم أحيا حتى تلك اللحظة، يا ليتني توفيت قبله، أبي هل تستجيب لطلبي الأخير، استيقظ لنعود معاً الى المنزل، وأعدك بأن أكون ابنك المطيع، سأجتهد قدر ما استطيع، وأنذر نفسي لإسعادك كما كان دائماً همّك إسعادي".


كتب لمحمد ضاهر ابن العشر سنوات ان يتحمّل ما تعجز ان تتحمّله الجبال، فموت والده كان على يده، "اذ عند الساعة الخامسة والنصف مساء اول من امس المشؤوم، عاد هادي ضاهر من عمله، وكعادته قصد حديقة منزله ليهتمّ بزرعه، فطلب من ابنه ان يُعطيه سكيناً. بكل براءة رماها له من دون أن يعلم انها ستصيب قلبه، وتحديدًا الشريان الرئيسي فيه! الاصابة تركت مكانها جرحًا بسيطًا، لم يعيرها الوالد أي أهمية. لكن بعد عشر دقائق بدأ يشعر بضيق، فأسرع محمد وأخبر والدته" بحسب ما قال شقيقه لـ"النهار"، وأضاف "لكن المنزل بعيد عن الطريق، والوالدة لا تقود سيارة ولم تكن تحمل هاتفها، فأسرعت لطلب النجدة. أحد الجيران ساعدها في نقل هادي الى مركز مزبود الطبي، الطبيب الشرعي والاستقصاء أكّدا ما أقوله ولو كان هناك اي شكوك لما سُلّمنا جثّته ودفنّاها في الامس".



دقائق قبل الوفاة
سلّم ضاهر (48 عاماً) روحه قبل أن يصل إلى المركز الطبي بسبب نزيف داخلي، وقال شقيقه "ما يقارب النصف ساعة قضاها قبل الوصول، 20 دقيقة على الطريق من منطقة نهر الحمام إلى مزبود، بالاضافة إلى 10 دقائق حتى تمكّنت زوجته من طلب النجدة ، كما استغرق هادي بضعة دقائق قبل أن يشعر بالضيق".



مأساة متعدّدة الوجوه
قبل عام انتقل هادي الاب لثلاثة اولاد، ولد وفتاتان، الى منزله الجديد الذي عشق حديقته فأعطاها من وقته واهتمامه، "لم تكن لديه اي مشاكل سواء شخصية ام مادية، فهو انسان بسيط وعفويّ لا يؤذي أحداً، يعمل في شركة سبارتن لأدوات التنظيف، حالما يُنهي عمله يعود الى منزله ليقضي وقته بين عائلته وحديقته".
تعيش العائلة اليوم مأساة ثلاثية: "وفاة الوالد والحالة النفسية، التي يعيشها ابنها محمد، والأم التي لا يسعها تصديق ما جرى. وفوق هذا لم ترحمها وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نشرت اسبابًا لا تمتّ إلى الحادث بصلة، لا بل كاد احد هذه الاخبار ان يؤدّي الى مجزرة في منطقة نهر الحمام في بلدة داريا في إقليم الخروب حيث منزل هادي، فحواه ان شابًا سوريًّا كان وراء مقتله". وأضاف شقيقه "لو كان لديّ واحد في المئة شك ان هناك امرًا ما وراء وفاة هادي، لا أساوم على دمه أيًّا يكن الفاعل".
تحت أشعة الشمس محاطاً بالزرع الذي سقاه من عرق جبينه كانت نهايته، رحل هادي محمِّلاً ابنه ذنباً ارتكبته يداه من دون قصد، إنه القدر وما أقساه من قدر!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم