الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

جامعات وطلاب وربيع رمادي

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

هذه جامعة عربية تتصدر تصنيفاً دولياً وفق معايير عدة. وهذه الجامعة ذاتها تتراجع في تصنيف دولي آخر وفق معايير مختلفة. ليس اسما الجامعة ودولتها يحددان موقعها في التصنيف ودورها في التعليم العالي، بل ما حققته على مستوى التعليم والبحوث والجودة والاختصاصات والاعتماد، الى ممارستها وتأثيرها في المجتمع، خصوصاً إذا كان التغيير يعصف بدول عربية عدة تأثرت بما يسمى إصطلاحاً "الربيع العربي". هذه الجامعة أو غيرها من الجامعات العربية، ومن بينها تلك اللبنانية، اقتنعت بالتصنيفات من دون أن تقوّم تجربتها في سياق تطوير بناها الأكاديمية الداخلية وممارسة الديموقراطية في تركيبتها وعلاقتها بالطلاب والأساتذة ومدى تطابق البحوث العلمية مع المعايير العالمية.


ونسأل عما إذا كانت التصنيفات ستغير في بنية الجامعات العربية، وهي التي لم تشهد تغييراً كبيراً في الدول التي انتفضت شعوبها منذ بداية العام 2011. فقد بقيت معظم جامعات الدولة أو الجامعات الحكومية في الدول العربية تخضع للسلطات الأعلى، من تعيين رئيس للجامعة الى التدخل في مختلف شؤونها، الى التمويل وآلياته، باستثناء جامعات خاصة لديها أنظمتها واعتمادها ومرجعيتها التنظيمية والجامعية والأكاديمية.
وبخلاف ما كان ينظر الى الجامعات في العالم العربي، خصوصاً في الدول التي تحتضن جامعات مهمة، والتي كانت مرشحة لتلقي التغيير، أنها ستكون شرارة "الربيع" وحاضنة شبابه، ومطلقة الافكار الجديدة المتنورة. فالشارع سبق الجامعات، وان يكن شبابها وطلابها طليعة الحركة التغييرية، وتلونت الأمور بعدما سلك "الربيع" طرقاً وعرة ومسارات مختلفة. فالتغيير في جامعات نحو 16 دولة عربية، من بينها لبنان، لم يسمح بإعطاء الجامعات استقلاليتها، أو تحولها جامعات أكاديمية ديموقراطية، حتى إن جامعات مصر التي تقرر فيها قبل سنتين انتخاب رئيس الجامعة في مجمع انتخابي، كذلك انتخاب العمداء ورؤساء الأقسام، أجهضت وعادت الأمور الى ما كانت عليه من وصاية سابقة. وهذا يعني أن الجامعات العربية لم تمتلك الى اليوم الجهاز الفكري والأكاديمي المستقل، وربما الإمكانات العلمية التي تراكمت في الغرب تحت إسم "الحداثة" لنقل مؤسسات التعليم العالي الى مستوى المعايير المتبعة عالمياً في البحوث العلمية، باستثناءات تحصل في جامعات.
وقد تكون الجامعات العربية ومن بينها جامعات لبنانية، قطعت شوطاً مهماً في التعليم العالي الحديث، إذا اعتبرنا ان التصنيفات الأخيرة لـ50 جامعة عربية قد أعطتها حقها في بعض الإنجازات العلمية، ومنها 6 لبنانية، انما يبقى السؤال عن دور الطلاب في إحداث التغيير وفي المشاركة الأكاديمية والديموقراطية، بدءاً بتعيين رئيس الجامعة بخلاف القرار الأعلى الذي يتم بلا استشارة أو ترشيح أكاديمي، من مرجعية سياسية أولاًوأخيراً!


[email protected] / Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم