السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

رأي- من دون تأخير نحتاج إدارة رشيدة للملف النفطي

زاهي جبرائيل
رأي- من دون تأخير نحتاج إدارة رشيدة للملف النفطي
رأي- من دون تأخير نحتاج إدارة رشيدة للملف النفطي
A+ A-

الظاهر أن ملف النفط في لبنان هو ملف تناحر ومبارزة سياسية وليس للأمة قدرة على استثماره لتطوير البلد. الجدل الدعائي الذي يدور حاليا والذي يُظهر أن عداءنا بعضنا لبعض قد يفوق عداء اسرائيل لنا. وهذا يدفعني الى التساؤل: "هل دخل لبنان الصناعة النفطية؟ كلا، لم يدخل لبنان الصناعة النفطية حتى هذا التاريخ، فحقوله هي مسرح دراسة الشركات الاجنبية.
هل توجد في لبنان ثروات بترولية؟ الجواب نعم، مع ان الكميات الحقيقية، خصوصا في ما يتعلق بالغاز، لا تكون دقيقة الا بعد حفر الآبار التجريبية، فحصتنا كما يُعلن من مكامن الغاز في بحرنا تقدر بحوالى 30 تريليون قدم مكعب، على الرغم من ان اي من مراجع الطاقة العالمية لم تتحدث عن اننا نمتلك اي مخزون بترولي.



هل القائمون على الدولة مهتمون بالاستفادة من هذه الثروة الطبيعية؟ الجواب نعم، وفي مرحلة منحوا رخصا وامتيازات لشركات عدة سندا الى القرار 113، ولما تقدمت بعض الشركات بطلبات امتياز للتنقيب اوقفت السلطة هذه الامتيازات والرخص، وبعض من هذه الشركات لجأت الى مجلس شورى الدولة، كما الى محاكم عالمية، كما فعلت شركة الـ اي بي سي لدى تأميم الدولة مصفاة طرابلس، ولا أعرف إذا كان الملف قد أُقفل نهائيا ام ستعود وتطالب بحقوقها في ظل نتائج ما يحدث في المنطقة.
السؤال التالي: هل لبنان بلد غني بموارد الغاز الطبيعي؟ لتقرير ذلك نقارن عوائد الغاز بالدخل الوطني الاجمالي:
فلنبنِ تحليلنا على ان كميات الغاز لدينا هي 30 تريليون قدم مكعب سنستخرجها خلال 20 سنة بحصة اجمالية 60% من العائدات وبسعر وسطي 3,5$ لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فيبلغ معدل دخلنا السنوي حوالى 3 مليار دولار، ولنتفاءل ونضف اليها 60% مداخيل غير مباشرة من صناعة البترول فيبلغ مدخولنا السنوي من هذا القطاع 5 مليارات دولار، غير آخذين بحسابنا الانعكاسات البيئية السلبية على بحرنا وشواطئه السياحية والمخلوقات البحرية. مقارنة بناتج وطني اجمالي قدره 44,5 مليار دولار تكون نسبة مردود قطاع الغاز هي بحدود 11% من الناتج المحلي. لنُعتبر دولة غنية بهذا المورد الطبيعي تكون النسبة 15% فما فوق.
هل نحن مهيأون لإدارة الثروة واستثمارها في تطوير البلاد؟ الجواب بما سنورد ادناه هو بالطبع لا:



- العائدات في الصناعة النفطية خلال سلسلة تطور القيمة ينقسم مصدرها بين الانتاج والخدمات والتزويد. لبنان بشركاته وافراده ومؤسساته بالوضع الحالي ستأتي معظم عائداته من بيع البترول، وهذا لن يكون اقله قبل ست سنوات، فلا شركاته ستضطلع بعمليات الاستخراج ولا هي مؤهلة كفاية مع الافراد لتغطية الخدمات ولا مصانعه محترفة لانتاج المعدات المتطورة الضرورية للصناعة النفطية ولا فيه اي قطاع مستعد كفاية لدخول الصناعة البتروكيميائية.



- ليس من تمرس محترم في ادارة المفاوضات ان كان مع الدول المجاورة ام مع الشركات ذات الباع الطويل في ذلك. كما ان ما يساق من معطيات، وخاصة على صعيد القوننة لا يكفل مصلحتنا المادية، ومثال على ذلك ما عرضته هيئة ادارة القطاع ان من ناحية اتاوة الـ4% من الغاز المنتج او من ناحية تحديد النسب. كل شيء يجب ان يُشرع بمراسيم وقوانين، حتى المسؤوليات الاجتماعية للشركات إن لم تقونن تكون تسولاً اكثر مما هي حقوق.



الغاز الطبيعي سيستخرج عاجلا ام آجلا من بحارنا. ليس نحن من يقرر متى يُستخرج، ولا نحن سنستخرجه، ولا نحن سنقرر بمفردنا اين يُسوق، فلبنان لا يضع خريطة الجغرافيا السياسية للغاز الطبيعي، وهذا ليس بمصيبة، إنما الامر الجلل ان لا نتمكن بمؤسساتنا وقادتنا ووعي شعبنا من ادارة العائدات النفطية واستثمارها والمحافظة على قيمتها بشفافية وحكمة. هل للقادة في البلاد تصور لإدارة هذه العائدات إن من ناحية الاستثمار في المشاريع العامة او صندوق الادخارات السيادية او التقدمات المالية المباشرة لينمو الاقتصاد ويزدهر المجتمع ويتقلص التفاوت بين المذاهب والمناطق والتبعيات الحزبية؟ إن يحاول القيمون على النظام والمتنفذون ابتلاع عائدات تلك الثروة، ستكون النتيجة تقطع العقد الاجتماعي وتعاظم التفاوت الطبقي وإضعاف النظام المؤسساتي، وبالتالي تزايد الخوف من حروب وقلاقل اهلية. ومثال على ذلك نيجيريا، وانغولا وفنزويلا وميانمار، حيث انتقلت ممتلكات الدولة الى عائلات الطبقة الحاكمة تحت غطاء الخصخصة، وهذا سهل حدوثه متى كانت السلطة التنفيذية والسلطة الرقابية والقيمون على الاعمال في مربع واحد والشعب يغط في ثبات عميق.



كل حضارة تتكون من ركائز اساسية وهي: الموارد الاقتصادية، النظم السياسية، التقاليد الخلقية ومتابعة العلوم. فأساس المجتمعات هو الحضارة، واساس الحضارة هو مستوى رقي الذهنية، والذهنية لا ترتقي الا بالتعليم والتدريب والبحوث. لا نثقنَ كثيرا بالقدرة والاستشارات الخارجية لا من ناحية الولاء او الكفاية او الشفافية. ان مؤسساتنا التربوية مدعوة الى ممارسة الدور الاساسي في تطوير مستوى تفكير المواطن كما الحاكم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم