السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"حكومة الظل الشبابية" \r\nالحلم الذي أصبح حقيقة

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
"حكومة الظل الشبابية" \r\nالحلم الذي أصبح حقيقة
"حكومة الظل الشبابية" \r\nالحلم الذي أصبح حقيقة
A+ A-

انطلاقا من ايمانه بأن الاوطان "لا تستطيع أن تحيا وتستمر إلا بشبابها، فالشباب هم المستقبل، والشباب الحي هو الذي يلوّن أحلامه بجنون العقلاء! "، كانت مشاريع جبران تويني من الشباب واليهم. وفي مقدمها "نهار الشباب" إذ "لا استمرار ولا مستقبل لأي وطن كان في حال غاب أو غيّب جيله الجديد". هذا هو ايمان جبران تويني ولهذا السبب كان "نهار الشباب".


ولأنه كان مهتما بإشراك رجال المستقبل في التحضير لغدهم، قدم قبيل استشهاده بأسبوع مشروع "حكومة ظل شبابية" الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، إذ ان هاجسه كان في تعزيز دور الشباب من خلال حكومة ظل تهتم بمراقبة التشريع والسياسات العامة ودرسها واقتراح سياسات بديلة.
فكرة حكومة الظل الشبابية نشأت في العام 1993 مع ولادة ملحق "نهار الشباب". وتزامنت نشأتها مع سلسلة مشاريع نفّذها الشهيد، مثل "هايد بارك" و"نائب ليوم واحد" وغيرها من النشاطات.
الحلم اصبح حقيقة
كيف بدأ تحقيق حلم جبران في "حكومة الظل الشبابية"؟
بعد ثلاثة أيام من استشهاده أقر مجلس الوزراء في جلسته في 15 كانون الثاني مشروع "حكومة الظل الشبابية" وأكد دعمه له. وكانت الانطلاقة الثانية لجمعية "نهار الشباب" في 13 نيسان 2006 وفي مقدم اولوياتها تحقيق حلم الشهيد جبران تويني باطلاق مشروع "حكومة الظل الشبابية" ومشاريع شبابية اخرى. وما اختيار تاريخ 13 نيسان ذكرى انطلاق الحرب، إلا لتأكيد المضي في دعم الحوار والتفاعل الشبابي لجبه كل محاولات التفرقة بين اللبنانيين، ومحاولات احداث فتن وحروب، وفق ما اعلنته آنذاك رئيسة جمعية "نهار الشباب" نايلة تويني.
اهتمت الجمعية بوضع الآليات العملانية للتطبيق، وبعد اشهر مضنية من العمل والتحضير ولدت الحكومة الاولى في تشرين الاول 2006، واعلنت بيانها الوزاري في 8 شباط 2007. واللافت في حكومة الظل هو الغاء وزارة الإعلام وابتكار وزارات للانتشار والتخطيط والتكنولوجيا وحقوق الانسان. ولكن لماذا الغاء الاعلام بالتحديد؟
"الغينا وزارة الاعلام احتراما لوصية الاستاذ، لانه كان يعتبر الدول التي لديها نظام ديكتاتوري هي التي تحافظ على وزارة الاعلام، واستحدثنا وزارة للاثار ووزارة للتخطيط ووزارة للتكنولوجيا"، يجيب الامين العام لحكومة الظل عياد واكيم.
ويشرح واكيم ان الحكومة الاولى كانت مثلما طرحها جبران "حكومة تتألف من شباب جامعيين... ولأنه لم يحدد الاعمار ولا اذا كانوا حزبيين ام لا، قررنا ان نلجأ الى الهيئات الطالبية في كل جامعة مستعينين بلائحة الجامعات المرخصة (21 جامعة) من وزارة التربية، وقد حددنا لكل جامعة حقيبة على اساس الاختصاص الذي تتميز به، وتركنا للجامعة الاهتمام بتسمية ممثليها وقد لجأت بدورها الى الهيئات الطالبية، اما بالنسبة للجامعات التي ليس لديها مجلس للطلاب فقد أوكل الى ادارة الجامعة تسمية مندوبيها".
من اصل 28 وزيرا كان ثمة 15 شابا ينتمون الى الاحزاب المعروفة. من هنا فإن "المشكلات التي واجهتنا هي ان بعض الشباب لم يستطيعوا ان يتخطوا الحواجز المفروضة من الاحزاب التي ينتمون اليها، عدا عن ان سنة 2006 – 2007 كانت متشنجة سياسيا، وكان مجلس النواب معطلا والحكومة مطعوناً بشرعيتها. وانعكست الاجواء التي كانت متشنجة في الخارج على جلسات الحكومة فشهدت بعض الجلسات توترات الا انه ورغم كل ذلك استطعنا ان نصل بالحكومة الاولى الى بر الامان"، وفق واكيم.
تجربة حكومة الظل الاولى برأي واكيم كانت جيدة، فقد "أبدى الوزراء الشباب حماسة في العمل، واستطاعوا أن يثبتوا وجودهم، رغم كل ما جرى في البلد من حوادث".
فكيف يقوم الوزراء الشباب تجربتهم؟
شباب راوح معدل اعمارهم بين الـ 18 و27 سنة، خاضوا تجربة جديدة، واجهتهم صعوبات كثيرة، ولكنهم قبلوا التحدي "ليس بأيدينا عصا سحرية ولا دواء شافٍ، فالمشكلات كثيرة ومعقدة وان تكلمت في مشكلة الامن ترى مشكلات في الاقتصاد او في شؤون المواطن الاجتماعية عموماً، لكننا نعد ببذل الجهود المطلوبة لمحاولة ايجاد آفاق جديدة لحل المسائل بعيدا من متاريس السلطويين"، وفق ما أعلنته وزيرة التنمية الإدارية زينب شعلان، في تلاوتها للبيان الوزاري.
في رأي وزير الاتصالات جوزف صليبا ان ثمة "صعوبات واجهت عمل الحكومة الاولى خصوصا بالنسبة للوضع الامني والمشكلات السياسية وما رافقها من اعتصامات وجمود في الوضع الاقتصادي انعكس شللا في حركة البلد عموما. وهذا اثر سلبا على نشاط حكومة الظل. فمن البديهيات ان نلتقي الوزراء الفعليين وهذا ما لم استطع ان احققه كوزير ظل... وكان من المفترض ان نحضر اجتماعات المديرين العامين، وهذا ما لم يحصل".
هل هذا يعني ان الحكومة الاولى فشلت؟ اطلاقا يقول صليبا "إذ رغم كل الظروف الصعبة التي واجهتنا فقد استطاعت حكومة الظل الاولى ايصال رسالتها، عدا عن ذلك فإن ثمة ايجابيات كثيرة في المشروع. اذ يكفي ان تجمعاً يضم شباباً من كل الطوائف والاطياف السياسية تحت سقف واحد، يتخذون قرارات بعد إشباعها نقاشا ديموقراطيا، هو أبهى صورة لما يفترض ان تكون عليه الحكومة الاصيلة".
المشاريع التي كان يعمل عليها صليبا كوزير للاتصالات هي "مشروع ADSL وقد تحقق، وكذلك مشروع احتساب التخابر الخليوي على اساس الثانية وليس على اساس الدقيقة وخفض فاتورة الخليوي، هذا الامر مطروح على بساط البحث واتمنى تحقيقه".
يعيب صليبا على حكومة الظل الاولى ان يلجأ القيمون عليها الى ادارات الجامعات لاختيار ممثلين في الحكومة، وهذا الامر برأيه يجب "ان يكون مباشرة من الهيئات الطالبية في الجامعات".
هل كانت الحكومة الاولى كما كان يطمح اليها جبران؟ "رغم الظروف الصعبة نفذت الفكرة وهذا في ذاته انجاز، فمجرد ان تجمع حكومة الظل كل التيارات السياسية في جو ديموقراطي فهذا انجاز آخر... حلم جبران بإشراك الشباب بالقرارات الحكومية تحقق، على امل ان تتحقق باقي مشاريعه الشبابية".
الهدف من حكومة الظل هو "مراقبة اداء الحكومة، والتدخل لتصويب هذا الاداء، واقتراح مشاريع قوانين جديدة، ووضع آلية لانتخاب برلمان ظل قادر على توليد حكومات ظل جديدة". فماذا حققت الحكومة الاولى؟
"اهم ما تحقق في مشروع حكومة الظل هو اننا استطعنا ان "نوصل الصوت" وذلك من خلال علاقتنا المباشرة مع الوزراء الفعليين. والاهم من ذلك ان حكومة الظل الشبابية مكنتنا من التعرف الى المؤسسات العامة (الوزارات) من الداخل (ثمة اشياء لا نقرأها في الصحف) وكذلك تعرفنا الى الموظفين وطريقة عملهم"، هذا اهم ما اوجزه وزير المال نادر حويلا في حديثه عما حققته حكومة الظل الاولى.
الامر الاساسي الذي تعلمه حويلا من هذه التجربة هو "ان التغيير يكون من الداخل أولا، ومن ثم في المرحلة اللاحقة يأتي رسم السياسة العامة، ومرفأ بيروت هو أكبر مثال على ذلك. إذ ان هذا المرفق الحيوي تنقصه شعبة للعلاقات العامة"، وهذا المشروع من المشاريع التي كان يعمل حويلا عليها، إضافة الى مشروع المنتدى الاقتصادي للشباب، وهو مؤتمر اقتصادي سنوي للشباب يطرح مشكلاتهم.
ويسجل حويلا ايجابيات لأعضاء حكومة الظل الاولى واهمها تقبلهم لرأي الآخر "إذ رغم أن حكومة الظل كانت تجمع 8 و14 آذار إلا ان الوزراء الشباب استطاعوا ان يحافظوا على وحدتهم كفريق عمل واحد، واستطعنا ان نحافظ على نوعية عملنا وعلى نوعية الحوار في الداخل وهذا امر لم تستطع الحكومة الاصلية فعله".


حكومة 2008
قبل انتهاء ولاية حكومة الظل الأولى كانت جمعية "نهار الشباب" منهمكة بالتحضير لحكومة الظل الثانية، فكان ان افادت من تجربة الحكومة التأسيسية الاولى.
اختير أعضاء الحكومة من خلال استمارة نُشرت عبر موقع "نهار الشباب"، "تجاوب معها 150 شاباً. الانتقاء الأول كان على أساس الاستمارات التي توافقت والمعايير المحدّدة. وفي المرحلة الثانية التقينا 50 مرشحاً. وبعدها اختارت لجنة مؤلفة من مختصّصين 21 وزيراً لحكومة الظل الثانية"، وفق ما يشرح واكيم.
حكومة الظل الثانية عملت على 4 مشاريع كبيرة، اثنان منها ابصرا النور (تفعيل مديرية حماية المستهلك من خلال توظيف 100 شاب، واعادة تفعيل الخط الساخن). كذلك ثمة مشاريع تتعلق باعادة تدوير الورق، والمشروع البيئي القانوني (النيابة العامة للبيئة). ويلفت الى ان "الطريقة التطبيقية كانت مثلما كان يتمنى جبران ولكن بالنسبة الى الطريقة التنفيذية، لا اعرف إذا كان عملنا يرضي جبران... وهو الذي كان يصبو الى الافضل في كل شيء".
اعلن عن اسماء وزراء حكومة الظل الثانية في 18 كانون الثاني 2007، وما ان انتهى الشهر الاول من سنة 2008 حتى اعلنت بيانها الوزاري "نحن حكومة الظل الشبابية الثانية، قبلنا التحدي المثقل بالتضحيات وارتضينا الطريق الأصعب، لأن العبرة في اختيار الصواب لا الغرق في وحول الضعف والاستسلام. هذا البيان، اختصار ثورة وملخص انقلاب، حاولنا فيه قول الكثير، ولكن كتبنا منه القليل. ليس ضعفاً لقدرتنا، وعدم ايمان بثوابتنا، بل قناعة منا بأن ما يعطي الطعام نكهته رشة ملح". بماذا تختلف الحكومة الثانية عن الاولى وماذا حققت؟
يقول واكيم ان الحكومة الاولى عملت وسط الالغام السياسية والامنية، ولكنها استطاعت ان تصل الى بر الامان، أما في عهد الحكومة الثانية فقد كانت الاوضاع افضل واستطعنا استدراك الاخطاء التي حصلت في الحكومة الاولى وخصوصا في ما يتعلق بانتماء الشباب الى احزاب "لا مانع من انتماء أي شاب الى حزب معين، ولكن عليه ان يفصل بين السياسة وعمله كوزير".
تجربة وزيرة الشباب والرياضة جيسيكا عازار في حكومة الظل الثانية صقلتها كثيرا، فمجرد "مشاركتي في القرارات الوزارية ومناقشتها هي مسألة في غاية الاهمية" بالنسبة لها.
المشروع الذي كانت تعمل على انجازه يتعلق بسلامة المتزلجين وهذا المشروع كان كافيا لتعرف من خلاله ان المسؤولين يتحدثون في وسائل الاعلام في أمر ويطبقون أمراً آخر. بمعنى آخر انها لم تلق التعاون من قبل بعض الوزراء في ما عدا الوزير احمد فتفت "الذي أبدى كل تفهم وتعاون". عدا عن ذلك فإن تمويل المشروع كان عائقا اساسيا في تنفيذ مشروعها "يخاف الممولون على مصالحهم في مناطق التزلج".
الدافع الاساسي لانضمام ماهر حسنية الى حكومة الظل "هو البحث عن بيئة عمل غير مرتبطة بحزب معين، تتيح لي العمل لأجل لبنان. إضافة الى رغبتي في مراقبة عمل الوزارات الحكومية أسوة بحكومات الظل حول العالم". وزير المعلوماتية والتكنولوجيا والاتصالات كيف يقوم تجربته في حكومة الظل الثانية؟ "انها تجربة ممتازة جدا للشباب ان يتعرفوا الى اساليب الحكم والخطوات التي يجب ان يتبعوها لوضع المخططات، وهذا ما كان يطمح اليه جبران تويني كما اعتقد: تعريف الشباب الى الحياة السياسية والى ممارسة الشفافية بالحكم لتغرس فيهم المواطنية أكثر".
لقد عمل حسنية على مشاريع كثيرة منها ما تحقق ومنها ما هو قيد الانجاز. من المشاريع التي انجزت مشروع الـ broadband اي الحزمة العريضة التي تم اطلاقها في غرفة التجارة والصناعة. وكان يعمل على مشروع الربط الجامعي بمركز ابحاث one database إلا ان هذا المشروع توقف لأنه تم اعتماد الـ broadband. أما المشروع الذي يعمل عليه فهو مشروع حماية الملكية الفكرية، والذي يأمل تحقيقه في اقرب وقت.
يوجز حسنية الصعوبات التي واجهت عمل الحكومة الثانية بعدم وجود "مقر لحكومة الظل بالمعنى الكامل للكلمة، ومشكلة التمويل، مما اضطرنا في بعض الاحيان الى ايقاف بعض المشاريع. عدا عن ذلك فإن بعض الوزراء لم يتجاوبوا معنا. ثمة وزراء حسبونا على "النهار"".
ولكن برأيه ثمة ايجابيات طغت على السلبيات اذ "ان المميز في هذه الحكومة، انه رغم انتماء بعض الشباب الى تيارات سياسية مختلفة، الا ان ذلك لم يمنعهم من قبول الرأي الاخر خصوصا اذا كان ذلك يصب في مصلحة البلد". وهذا الامر ساهم كما يعتقد حسنية "في تفعيل العمل، حيث كنا نضطر الى تعديل بعض الافكار لتتلاءم وأفكار الاخرين. كنا نؤمن بالديموقراطية الحقيقية".


حلم جبران في حكومة الظل الشبابية تحقق...ولكن ثمة أحلام أخرى كثيرة ابرزها مشروع برلمان الظل فهل يتحقق؟ لمَ لا و"شباب اليوم هم اصحاب القرار غدا؟".


حكومة الظل 2008 – 2009
في منتصف كانون الاول الجاري يتسلم أعضاء حكومة الظل الشبابية الثالثة مهماتهم من أسلافهم في الحكومة الثانية. وقد وقع الاختيار على الاسماء الآتية:
شربل قبلان وزيراً للصحة، رامي حرفوش وزيراً للبيئة، دارين جبور وزيرة للطاقة والموارد المائية والكهربائية، سامر فيصل وزيراً للمعلوماتية والتكنولوجيا والإتصالات، جورج رياشي وزيراً للسياحة والآثار، مازن قاضي وزيراً للثقافة، سهى جمال وزيرة للشباب والرياضة، جويل يزبك وزيرة للمال والإقتصاد والتجارة، عماد علم الدين وزيراً للنقل والأشغال العامة، لينا سكر وزيرة للشؤون الإجتماعية، رومي نصر وزيرة للخارجية والإنتشار، رامي كيوان وزيراً للعمل، بشير سويدي وزيراً للزراعة، جاد روحانا وزيراً للصناعة، لين عمار وزيرة للعدل، زينة عازار وزيرة للتربية والتعليم العالي، كريستيان ابو زيد وزيرة للتنمية الإدارية، لارا سعادة وزيرة للبلديات، صالح حديفة وزيراً للأمن القومي، اديب اسعد وزيراً لحقوق الانسان، ويستمر عياد واكيم أميناً عاماً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم