الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

أجمل غابات لبنان..."بعيداً عن داعش"

المصدر: "النهار"_ عكار
ميشال حلاق
أجمل غابات لبنان..."بعيداً عن داعش"
أجمل غابات لبنان..."بعيداً عن داعش"
A+ A-

ما إن تلوح الالوان الذهبية التي تبشر بقدوم الخريف وبعده تتابعاً فصل الامطار والخيرات، حتى تزداد طبيعة عكار تألقا وجمالا كما هي دائماً على مرّ الازمان والفصول. كثيرة هي الاماكن التي تؤمن للزائر الذي يقصد المنطقة للمشي او التخييم او الاستجمام بيئة مثالية لمثل هذه النشاطات، ويعتبر حزام جرد عكار من القبيات مروراً بالقموعة وجرود بلدة فنيدق ومشمش والوديان الممتدة من وادي حقل الخربة ووديان مشمش حتى وادي جهنم حتى عيون السمك محطات الجذب الرئيسة.
هناك غابات الارز والشوح الدهرية ودروب المشي التي أصبحت الوجهة الرئيسة على مرّ الفصول ولم تعد حكراً على ربيع أو صيف، لا بل ان ناشطي المجتمع المدني أعدوا وقاموا برسم العديد من الدروب الحديثة التي تشكل بالتوازي مع درب الجبل اللبناني خطوطاً ومسارات اصبحت تخترق وتسبر اعماق هذه الغابات وصولاً الى مناطق كانت مخفية في السابق عن الكثير من الزوار حتى من اهل المنطقة .
ولكن المفاجأة الذهبية للزائرين هي الغابة الذهبية غابة العزر، التي تشكل على مساحة تقارب المليون متر مربع احدى أروع الايقونات في معبد عكار السياحي، والتي للاسف على الرغم من هذه المميزات، لم تلقَ اهتماما رسميا من قبل الجهات المعنية في الدولة وبخاصة وزارة السياحة شأنها في ذلك شأن الكثير من المواقع الطبيعية والاثرية النادرة.
يقول الناشط البيئي خالد طالب إن غابة العزر التي تتحول خريفاً الى مساحة من الجمال والخيال بألوانها الذهبية المتألقة تحت اشعة الشمس مبلله برذاذ المطر. يبلغ ارتفاع الاشجار الباسقة الـ 30 متراً وتشكل بكثافتها وسيقانها الباسقة وأوراقها الذهبية لوحة مذهلة تجف الكلمات في وصفها، وتكذب الانظار ما تشاهده نظراً لروعتها التي تفوق أي كلام ! وهي بيئة مثالية جداً للتخييم نظراً لوجود ساحات منبسطة فيها تتسع للعشرات لا بل المئات من الخيم، وقد لاقت المخيمات التي أقيمت فيها نجاحاً ملفتاً لا نظير له.
وإذا اكملنا المسير في غابة العزر نصل الى منطقة الوادي الاسود والنبي خالد التي تزينها شجرتي عذر الاضخم على الاطلاق، اللتين يتشاركان المكان نفسه مع احدى اشجار الارزالمعمّرة.
أما قمة قلعة عروبا وهي الاعلى في عكار فأصبحت محطة رائعة بعد شق الطريق الى سفحها المزين بغابة أرز "البويدرات" التي يمكن من خلالها مراقبة الساحل العكاري من سوريا وصولاً لما بعد طرابلس.


وفي غابات مشمش على ما يقول الناشط البيئي عبد القادر عبد المجيد خليط الالوان الخريفة المتجانس بين لون أشجار الغبيرة الاحمر العائد ولون أشجار العفص الأصفر ولون الاشجار دائمة الخضرة من أرز وشوح وسنديان، فتشكل غابة "القطر" اروع مكان لمشاهدة اللوحات الخريفية والتمتع بها، إضافة إلى غابة حقل القيس والحريق. وتتخلل هذه الغابات العشرات من الدروب التي يمكن المشي عليها بمساعدة مرشدين جبليين مدربين من البلدة.
ويقول خالد حيدر وهو من فريق الناشطين البيئين في جرد عكار: "مع قدوم فصل الامطار الذي كسر جفاف السنة الماضية بدأت الينابيع بالتفجر بشكل ملفت أسال معه الانهار التي جفت من اواخر الربيع الماضي، لتظهر الشلالات المميزة التي تتركز في منطقة وادي مشمش ووادي حقل الخربة وعلى طول مجرى وادي جهنم حتى عيون السمك. وهي تعتبر مقصداً ملائماً لعشاق المغامرة التي تختلف بمستوياتها وروعة المشاهد والمناظر.
ومع قدوم الثلوج تعتبر المناطق العكارية الجردية فوق الـ 1400 متر خصوصا منطقة القموعة ومنطقة حرف التنوب المناطق الاكثر جذباً للزوار .ومع توشحها بالثلوج تشكل بيئة متكاملة لممارسة مختلف انواع الرياضات، من تزلج ومشي ورياضة الدراجات الهوائية والكثير من النشاطات تدخل تحت مسميات السياحة البيئة.
الدكتور انطوان ضاهر رئيس مجلس البيئة في القبيات الذي كانت له الباع الطولى في تسليط الضء على كنوز منطقة عكار الطبيعية، وساهم بتنظيم العديد من الندوات والرحلات البيئة لناشطين بيئيين ومحبّي الطبيعة من لبنان ومن مختلف ارجاء العالم يقول عن غابة العزر في بلدة فنيدق: "دأب مجلس البيئة-القبيات على تنيظم عدة رحلات بيئية إلى الطبيعة خلال شهر كانون الأول، وهو الشهر الذي ترتدي فيه طبيعة وعكار أزهى ألوانها. فقبل حلول الشتاء نهائياً وتساقط أوراق الشجر، تتلون هذه الأوراق بكل ألوان قوس القزح. فتتلون أشجار الغابات باللون الليموني والأصفر الفاتح والأصفر الغامق والأخضر الفاتح وتدرجات الأحمر والبنفسجي الممزوج مع ما صمد وتبقى من أخضر".
ويتابع: يندهش الزائر مرتين: الأولى إذ لا يجد أيّ أثر "داعش" و"النصرة" وربما هولاكو وكل من لفّ لفّهم من حملة السلاح الخارجين على القانون والفارين من وجه العدالة وكل من خطر برأسه أن يحمل سكيناً ليصبح أميراً يقتل من يشاء... والثانية عندما يتفاجأ بمهرجان ألوان الخريف الذي يشد ناظريه ويدعوه إلى الغوص في ثنايا الغابة المزهوة بألوان المحبة والسلام. لا شيء غير الطبيعة تستقبلنا مرتدية احلى حلاها.
قليلون يزورون غابات عكار في هذه الأيام، إذ إن للخرافات عمرًا طويلاً، فكما أنه في لاوعينا ما زالت ليلى تنتظر أن يأكلها الذئب، كذلك ما زلنا نرى في كوابيس اليقظة التي تنتابنا بين الحين والآخر شخصًا يتحرك خلف كل جذع شجرة عكارية! في الواقع الخريف العكاري الجميل القادم على نهايته يسلم أمره للشتاء قريبًا. فمن جرود القبيات إلى مرتفعات عكار العتيقة، إلى القموعة التي تحولت بركة ماء فسيحة، إلى غابة العزر الرائعة في فنيدق، وإلى أقدام جبل عروبا، ما من شيء يدغدغ ناظريك سوى جمال الألوان الطبيعية ينسيك زفت لبنان وتلوثه وباطونه ووحوله السياسية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم