رحلتي الى الجرود للقاء أخي المخطوف لدى "داعش"

زارت اليوم صباحاً عائلة الأسير العسكري المخطوف لدى تنظيم "الدولة الاسلامية" ابرهيم المغيط ابنها في الجرود، مصطحبة معها ملابس الشتاء. وروى نظام، شقيق الأسير، تفاصيل اللقاء لـ"النهار"، كالآتي:

لم أعرف أخي ابرهيم من شكله، تلك الوجنة الشاحبة، تلك الثياب الرثة التي لم يبدلها منذ 4 أشهر وتتفتت على لابسها، الشعر المبعثر على الرأس والذقن.  حديثه إلينا بأسلوب يشير الى ان شيئاً ما فيه غير طبيعي، ليس ابرهيم الذي اعتدناه، لا نبرة صوته ولا نظراته.
بالأمس تلقينا خبراً من "الدولة الاسلامية" بشّرنا بامكان لقاء أخي غداً صباحاً.
تواصلنا معهم عبر "واتس أب" تابع لرقم هاتفي محروق سبق ان هددونا منه في بداية الخطف، وأخبرونا بموعد الزيارة صباح اليوم. انطلقت مع والدي وشقيقتي وجارنا الساعة الخامسة صباحاً من القلمون الطرابلسية حاملين معنا ما تيّسر من ألبسة وأغطية. كانت طريقنا ميّسرة من جرود عرسال في اتجاه مكان الخاطفين، حيث كنا نشير الى حواجز الجيش بوجهتنا فيسهلون لنا المرور، الى ان بلغنا جرود عرسال، وهناك لاقانا الخاطفون بسيارة كبيرة واصطحبونا معصوبي العيون. استمرت الرحلة نحو ساعة من الزمن، كل ما يمكننا تيّقنه أنها أرض شديدة الوعورة، وحين وصلنا أمرونا أن نحني رؤوسنا، وأدخلونا الى مكان أشبه بمغارة، الحرارة فيه متدنية جداً، وفيه ضوء خافت. وفي غضون ثوانٍ كان أخي أمامنا، للوهلة الأولى لم نعرفه حيث بدت ملامحه متبّدلة. استمر اللقاء قرابة عشر دقائق، وفحوى الكلام سلام واطمئنان الى أحوال العائلة فرداً فرداً، وخصوصاً الى أحوال ولديه وزوجته الحامل.
كان عناصر "الدولة الاسلامية" مقلّين في الحديث معنا، وأحدهم اختصر الكلام بالقول: "لن يُفرج عن أولادكم الا حين يفرج عن سجنائنا في رومية".
قبل المغادرة، سمحوا لنا أن نلتقط صورة، فبدّل أخي ثيابه وارتدى البذة الرياضية التي اشتريناها له، وقف أحدنا الى جانب الآخر، وضحكنا خلال التقاط الصورة.
غادرنا المكان والحرقة تسكلن قلوبنا، وفي مخيلتي مشهد لأخي وهو يحفر الأنفاق التي يجبرونهم على حفرها كلما اشتد القصف الذي يستهدفهم، ومشهد آخر له وهو يأكل البرغل النيىء المبلول بالمياه.
سرعان ما أخذت أطرد من تفكيري امكانية ان تذهب الاغراض التي اشتريناها لأخي لأحد سواه.