هل أخطأ باسيل في التوقيع على بيان جدة أم أصاب؟

لم يكن ينقص لبنان من استهداف لأمنه سوى ان يوقع على استراتيجية من صنع اميركي وموافقة عربية وتحفظ تركي على البيان الختامي، على الرغم من انها عضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو) ووجود قاعدة أميركية في أضنة اي في أراضيها.
طرحت أسئلة عدة حول ما اذا كان على وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل المنتمي الى قوى الثامن من آذار ان يشارك في هذا المؤتمر، وفي حال رأى انه لا بد ان يساير الولايات المتحدة الاميركية التي صرفت نحو مليار دولار على تسليح الجيش وتدريب ضباطه وجنوده وأول من لبى طلب قيادته الإسراع في تسليم أسلحة وأعتدة يحتاجها لإكمال صموده في وجه الخطر "الداعشي"، و"النصروي" الذي تمثل في هجوم مباغت على مراكز للجيش في بلدة عرسال وجرودها والى السيطرة على بعضها ساعات، ما لبث ان استعادها الجيش وسيطر على الوضع الميداني بعد قتال دام أربعة ايام، بعد اندلاعه في الثاني من آب الماضي، لكن المعتدين الإرهابيين أبقوا على احتجاز 28 جنديا من الجيش وقوى الامن الداخلي، وذبحوا اثنين بالسكين مما ولَد انتفاضة لدى ذويهم الذين لجأوا الى قطع الطرق ومناشدة المسؤولين بالتحرك السريع لإنقاذ أبنائهم الجنود لئلا يذبحوا على يد التكفيريين. ولجأ بعض الأهالي الى خطف عرساليين كرهائن للضغط على الخاطفين للافراج عن نسيبه المحتجز. وكانت ذروة هذا العمل الاثنين الماضي الذي سماه البعض بالاثنين الأسود. كما ناشد أنسباء العسكريين "هيئة علماء المسلمين التي تمكنت من الإفراج عن بعض العسكريين وإعادتهم الى أهلهم، فيما أمّن مصطفى الحجيري لقاء لعائلة المحتجز من عائلة خوري على مدى ساعة. 
والسؤال الاخر هل شارك باسيل في الاجتماع مسايرة للسعودية التي تبرع عاهلها عبدالله بن عبد العزيز بمبلغ اربع مليارات دولار للقوات المسلحة اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وآمن دولة، ونسبة من المبلغ مخصصة لمكافحة الارهاب؟ وفي حال كان الجواب بالإيجاب، لماذا وقّع على البيان؟ هل اطلع الرئيس تمام سلام على الخطوط الرئيسية له؟
مما لا شك فيه ان باسيل وحلفاءه في قوى الثامن من آذار هم ضد "داعش "وأخواته من التنظيمات الارهابية، وقادهم مقاتلو "حزب الله" الى سوريا لمقاتلتهم الى جانب النظام والحق بهم خسائر كبيرة. وتدعي تلك التنظيمات انها أرسلت السيارات المفخخة الى مناطق شيعية في الضاحية الجنوبية وبعض القرى البقاعية لإرغام الحزب على سحب مقاتليه، وهو رفض ذلك كما سبق ان رفض رغبة الحكومة السابقة والحالية. إلا ان مآخذ قوى الثامن من آذار على اجتماع جده وبيانها يكمن في استبعاد روسيا وإيران وسوريا من الاستراتيجية التي وضعت لمحاربة "داعش" و"النصرة" وسواهما. كما ان باسيل عبَر في كلمته عن موقف تلك القوى في مداخلته امام المؤتمر العربي- الاميركي- التركي عندما اقترح تنفيذ تلك الاستراتيجية في إطار دولي اي بقرار يصدر عن مجلس الامن. الا انه من الثابت والمعروف ان واشنطن استبعدت موسكو وطهران لأنهما يدعمان الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه ويمدونه بالسلاح والعتاد وبالمعلومات الاستخباراتية وان الرئيس الاميركي باراك أوباما قائد هذه الحملة العسكرية والعاهل السعودي هما مع إسقاطه، لانه ايضا يمارس الارهاب وكل أشكال العنف ضد مواطنيه لا سيما المدنيين وممتلكاتهم من مؤسسات تجارية ومبان ومنازل في البلدات والقرى.
مصدر في الوفد اللبناني ابلغ "النهار"، ان الولايات المتحدة والسعودية تدركان دقة الموقف اللبناني وما ينتظر جيشه من مهمات لتحرير جرود عرسال من مسلحي "داعش" و"النصرة"، ويعلم المسؤولون فيها من سياسيين وعسكريين انه ليس المطلوب من لبنان ارسال قوات عسكرية الى الموصل او الى اي جبهة اخرى في العراق او سوريا للقتال، بل في إمكانه منع دخول جهاديين أجانب للانتقال الى سوريا او تشديد الرقابة في المصارف لمنع انتقال الأموال الى التنظيمات التكفيرية وتوقيف المسؤولين فيها، وهذا ما تفعله الاجهزة التي اعتقلت غير مسؤول بارز في تلك التنظيمات، في مقدمهم عماد جمعة الذي كان وراء الاعتداء العسكري الإرهابي على الجيش.