الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

في جمهورية فايسبوك

لطفي نعمان – صنعاء
A+ A-

في عالم أو "جمهورية فايسبوك" أو "وجه الكتاب" أم "كتاب الوجه" يكون الكتابُ "موجهاً" صوب التنفيس تعبيراً عن انفعال اللحظة المنعكسة على "الحالة: status". وينفرد كل مواطن في "جمهورية فايسبوك" بما يقدمه من تحليل للحوادث وتشخيص للحالات العامة، طبعاً مع التعليق عليها. فينكشف وجه المواطنين مما يكتبونه ولا يكبتونه.
ارتفع سقف التفاعل الفايسبوكي بالطبع منذ عام 2011 حينما "شاع" أن حراك الربيع العربي وثوراته وتقلبات بلدانه "أشعله" ناشطٌ في جمهورية "الفايسبوك"، فابتدأ الناس ينشئون صفحات جديدة، وجدّد بعضهم صفحاتهم القديمة حينما توهموا أن تفعيل النشاط في هذا العالم الفسيح والرحب، سيُحدِث ثورةً و... ثورة مضادة (...).
مع هذا اليقين العميق لدى من تصوروا أن في مُكنتِهم عبر صفحاتهم إحداث "ثورة وثورة مضادة" يتسنى القول: إن كل "الوجوه: faces" المحبوبة وغيرها، المقبولة والمرفوضة، المسؤولة وغير المسؤولة، في الحكم وخارجه، بتدوينها لآرائها وإفصاحها عن مشاعرها تُساهم عفوياً في "التأريخ" لهذا وذاك الحدث؛ أكثر من "التأثير" فيه!
ما من جدل حول آثار "ابتكار" هذا العالم و"نشوء" هذه "الجمهورية" الجامعة لمختلف أديان البشر وأطيافهم ومذاهبهم ومداركهم، على يدي مارك زوكربيرج رجل أعمال ومبرمج أميركي (يهودي الديانة) منذ عام 2003-2004، حتى "صار علامة على العصر، ومجتمعًا داخل المجتمع، بل ودولة داخل الدولة.
لقد أصبح الفايسبوك وتويتر ولينكدان وغيرها من شبكات و"جمهوريات" التواصل الاجتماعي من وسائل "الديبلوماسية الرقمية" حسب توصيف عصر الديبلوماسية الجديدة من قبل ديبلوماسيين عالميين أحدهم السيدة روزماري ديفيس الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي بينت في مقالٍ لها في تشرين الاول 2012 كيف أن "الديبلوماسية الرقمية لا تختلف كثيراً عن الديبلوماسية التقليدية المتعارف عليها" إذ بات الديبلوماسيون يستخدمون "شبكات التواصل الاجتماعي للاستماع إلى مشاكل وهموم الشعوب وفهمها".
غدا هذا النوع الجديد من الديبلوماسية مضمار سباق جديد بين ديبلوماسيي "الدول الكبرى" في فهم شعوب "الدول الصغرى".
يتيسر عبر فهم "شعوب الدول الصغرى" أيضاً، أو "شعوبنا وقبائلنا" التعرف إلى مستوى ثقافة وخلق كل مواطن "فايسبوكي" وانعكاس خلق هذا المواطن على غيره من المواطنين "الفايسبوكيين"، وعلى عدد الأصدقاء الذين يتم حظرهم أو إلغاؤهم بسبب سفراء أخلاقهم. حسب أحد الديبلوماسيين السعوديين الناشطين "فايسبوكياً" الصديق وليد بخاري: "ليَكُنْ قلمك سفيراً لـ(أَخْلاقك) في عالم الفايسبوك؛ فهو الذي يفرض احترام الآخرين".
تبعاً للكلمات والأقلام، وهم "سفراء أخلاقنا"، لا يتأثر ذوو الأصدقاء قليلي "العدد" من قلة متابعيهم ومعجبيهم طالما لا يعدل عددهم أبداً قيمة الفكرة العميقة والحالة "المهذبة" التي تختزنها الحوائط والصفحات الشخصية لكل "وجه :face".
والوجوه الظاهرة من الشخصيات التي يُحتفى بها عبر عددٍ كبير من الأصدقاء والمعجبين والمتابعين، تظل ظواهر قابلة "للانطفاء" والتواري، ما لم يحملوا أفكاراً خلاقة - لا شعارات جوفاء - تظل مورداً ومقصداً على مر الزمن.
والزمن هو الكفيل بتقويم تجربة "جمهورية فايسبوك - وأي جمهورية!" وما حققته بمواطنيها و"سفرائها" من فائدةٍ إنسانية، أو جلبت من نتائج نافعة وضارة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم