السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

شاشة - ولدٌ يلعب مع جورج خباز خيرٌ من أنثى تقول: "المرأة بطبيعتها عندها حشمة وخوف"!

فاطمة عبدالله
A+ A-

تسعى البرامج الحاملة شؤون المرأة، الى تجنّب كونها مجرّد تكرار. كلّما يأتينا برنامج بطابع أنثوي، نأمل تخطّيه الحوار المُوجّه، المُكتفي غالباً بامرأة تُحاضر في كل الموضوعات. "من حقِّك" ("أو تي في")، برنامج آخر، بعضه كلامٌ في العموميات.


دانيا الحسيني، مقدّمته، تُقارب الطرح بشيء من الكلاسيكية المُفترض تجاوزها يوماً ما. لن يكون اهداراً للوقت جمع وجوه تتحدّث عن موضوع اجتماعي، وإن لم تمنح الموضوع عينه زاوية جديدة. يصبح دور الضيف أن يتحدّث عن انجازه حتى يملّ المُشاهد. تابعنا نساء نلمح رغبتهن في إضفاء أثر، أتين لنفيد من تجاربهن، لكنّ الأمر يظلّ أقرب الى الفردية، كأنّه لا يعنينا جميعاً. يفتقر البرنامج الى حركة تدفعه الى الأمام، الى المُشاهد مباشرة، من دون وساطة الضيف أو "شفاعته". الحسيني، حتى اليوم، ليست مُلمّة بهذا الدور. تسأل لتتلقّى إجابة، لا لتُفعِّل النقاش.
التحكّم بالسياق وظيفة المُقدِّم أولاً، يضبط حركته وفق الإيقاع الأنسب. البرنامج إيقاعه واحد معظم الوقت. هو كلّي الاعتماد على الضيف للنهوض بالحلقة. الإتيان بضيف يُخبر عن نضاله، كأنّه بذلك يُمجِّد نفسه قبل احتمال أن يستقي المُشاهد عبرة، ليس في ذاته مادة منافِسة، ففي بعض الأحيان ثمة أرجحية للادّعاء، وأن يصبح البرنامج ممراً للدعاية الشخصية.
الجانب الاجتماعي، المُستغني بعض الشيء عن النسوية المُفرطة، نافع للمُشاهد، لا سيما إن كان الموضوع شائكاً يتصل بالتربية والعائلة. كان جورج خباز حاضراً حين طُرحت معضلة الاختلاف، وجيء بالصغير ريان الى الستوديو نموذجاً. ابن الـ7 سنوات يعاني صعوبات تعلمية. لاح "غدي" على بال خباز، وذكّرنا بالحقيقة: "كلنا عنا حاجات خاصة". التجارب الملموسة تُخرج البرامج الاجتماعية من الحلقة المفرغة، وتنتشلها من احتمالات الضجر. "ريان، عِدْ من 1 للـ10 بالقِلب"، يمتثل الصغير لرغبة خباز، ويباشر العدّ: "10، 9، 8،...”.
"من حقِّك" يتفادى الغرق التام في الشعارات النسوية (بصرف النظر عن ضرورتها وأحقيتها)، مفسحاً في المجال لهامش من الحضور "الذكري"، لكنّه في المقابل لا يُقدّم طرحاً جديداً. ركونه الى أسئلة من نوع "لماذا لا تقتنع المرأة، فيما الرجل سريع الاقتناع؟"، أو "هل يمكن للمهندسة في شركتك (تتوجّه الى الضيف) أن تُبدع تماماً كما يُبدع المهندس؟"، أو "وقائع" من قبيل "المرأة بطبيعتها عندها حشمة وخوف"، هو تكريس آخر لثنائية المرأة والرجل التي يدّعي البرنامج التصدّي لها. هو، في ذلك، يستجدي اعترافاً بأنّ للمرأة أيضاً شأناً، من دون أن ينطلق من مُسلّمة أنها كذلك. الحديث، في بعضه، مصطلحات مدروسة ولافتات رنّانة، وإن كانت الضيفة المرشحّة للانتخابات الرئاسية نادين موسى، وسيدة الأعمال ليلى كرامي، وقعتا في المناوشة، وراحت الأخيرة ترمي موسى بإكثار الكلام العام. ذلك فضله أنّه يولّد جدلاً، والمُشاهد يهوى الأمر، لكنّ الخلاصة أنّ أياً من الضيفتين لم يخرج من إطار أنّه وحده على حق.
في حال الطرح السياسي، ينبغي الحذر من الانجرار الى أسلوب البرامج الكثيرة الكلام القليلة الفعل. التنظير إن يظلّ سمة البرنامج، فذلك يعني قُرب نهايته، فالمُشاهد يملّ. العناية بحالات اجتماعية وقضايا إنسانية فعّالة أكثر. هذا استمرار كلّ برنامج إجتماعي، وإلا إن اكتفى بأشخاص يعرضون انجازاتهم، عَرَض عنه المُشاهد بأسرع مما يتصوّر.


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم