السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

جدل قانوني حول تعديل عقوبة تعنيف الأولاد

علي منتش
A+ A-

اثارت مسألة تعديل المادة 186 من قانون العقوبات الوارد في اقتراح قدّمه النائب سيمون ابي رميا حول عقوبة تعنيف الاولاد بإبدال كلمة عنف، بكلمة تأديب، ردود فعل في صفوف الناشطين في المجتمع المدني وخصوصاً المؤسسات المهتمة بمسألة العنف الاسري وتعنيف الاولاد.


المادة التي كانت تبرر عملية التعنيف من خلال نصها: "ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد ذووهم، على ألا تترك أي اثر على جسد الأولاد أو تحدث ضررا في صحتهم الجسدية أو النفسية"، عدلت لتصبح: "يجيز القانون ضروب التأديب اللاعنفي الذي يمارسه الآباء والأمهات على أولادهم، على ألا تترك أي أثر على صحتهم النفسية والجسدية".
ترى جيهان اسعيد الاختصاصية الاجتماعية ومنسقة مشروع دار الامان في مؤسسة "ابعاد" ان "ايجابية التعديل الذي طال المادة 186 انه اتاح للاهل او لأي شاهد اللجوء الى القضاء لمحاسبة من يعنف الاطفال، لكن المشكلة انه ترك الباب مفتوحاً امام الاهل من اجل ممارسة التأديب اللاعنفي، وهذه عبارة فضفاضة الى حدّ كبير".
وتضيف: "من الممكن ان يكون التأديب اللاعنفي، عنفياً بشكل من الاشكال، فقد تكون الام التي لا تضرب ابنها، تمارس ضده عنفاً نفسياً".
وترى ان "التأديب فيه دائماً جانب سلبي من الناحية التعبيرية، فنحن نفضل ان تكون العبارة البديلة هي التربية الايجابية، التي تكون مفيدة اكثر للاولاد وللاهل، فالجميع يخطئ وخصوصاً الاولاد، لذا يجب ان يقوم الاهل بارشاد اولادهم الى سبب خطئهم، وكيفيته، واعطائهم الحرية لاختيار نوع العقاب الذي يريدونه والذين يجدون انه يناسب حجم الخطأ الذي ارتكبوه".
وتشير اسعيد الى ان "المجتمع اللبناني يحتاج الى مزيد من التوعية على فكرة التربية الايجابية، ويجب العمل على توعية الاهل اولا والطفل ثانياً، ونحن كجمعية نعمل باستمرار على هذا الموضوع".


الأولاد يحتفظون بحقوق
ويعتبر القاضي غسان رباح الرئيس السابق للجنة حقوق الطفل، ان "الهدف الخاص من الاتفاق هو للتأكيد ان الاولاد ايضاً يحتفظون بحقوق... لكن الميثاق هو اول وثيقة مكتوبة عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان تعلن حماية الاولاد من العنف بوضوح".
ويضيف: "ان مواد مختلفة عدة تدعم حق الطفل في السلامة الجسدية وحماية كرامته الانسانية، وان المقدمة تقر بالكرامة الملازمة وتعادل الحقوق غير القابلة للتحويل لكل افراد العائلة، كما انها تؤكد ذلك بدقة بسبب عدم نضجهم الجسدي والعقلي معاً، وان الاولاد يحتاجون الى رعاية ووقاية خاصة بما فيها الحماية القانونية المناسبة".
ويشير الى انه "في حين ان لجنة حقوق الطفل هي اول جهاز لحقوق الانسان عملت وتعمل باستمرار لانهاء القبول الاجتماعي والقانوني للعقاب الجسدي للاولاد، هناك تحركات ناشطة تجاه هذه القضية لدى الامم المتحدة".
ويؤكد ان "العقاب الجسدي في البيوت حيث يضرب الاولاد غالبا، قد جبه بجدية في عدد ضئيل من البلدان، ومع ذلك ما هو اكثر وضوحاً اليوم ان العقاب هذا مطروح جدياً في عدد من البلدان في جميع القارات، وهناك اشارات ملؤها الامل على ان المناقشات التي اثارها الميثاق والتوصيات الواضحة للجنة حقوق الطفل قد هيأت لادراج هذه القضية على الجدول السياسي وساعدت على تعجيل الاصلاحات عبر العالم".
ويقول: "ان العقاب الجسدي في البيوت قد جبه قانونياً، وفي صورة نادرة نوعاً ما. ومع ذلك ان المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان قد ادركت بالاجماع سنة 1998 ان العقاب الجسدي لفتى انكليزي على يد زوج والدته قد شكل عقاباً تحقيرياً لانتهاكه ميثاق حقوق الانسان الاوروبي، حتى ان القانون المحلي الجاري، والذي يسمح "بالتأديب المعقول"، لم يستطع توفير الحماية. ان هذه القضية لحظت ان الصبي تعرض مرات عدة للسجن في البيت بين عمر الخمس والثماني سنوات. فألزمت الحكومة البريطانية دفع مبلغ عشرة آلاف استرليني تعويضاً له مع ما تبع من مصاريف قانونية".
ويعتبر رباح ان "الزامية نزع حقوق الكبار المزعومة لضرب الاولاد هي من مبادئ حقوق الانسان. اذاً ليس ضرورياً ان نبرهن ان هناك وسائل بديلة وايجابية اكثر فاعلية لجعل الاولاد اجتماعيين. ان اي استراتيجية قومية لإلغاء العقاب الجسدي يجب ان تتضمن تركيبة من اجراءات قصيرة الأمد تتخللها اصلاحات قانونية لتمنع بوضوح مختلف اشكال العقاب الجسدي، ومن اجراءات طويلة الامد لتؤثر على المواقف الاجتماعية وتعزيز طرق بديلة ايجابية فاعلة ذات صلة".


[email protected]
Twitter:@alimantach

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم