السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

زيارة ماكرون بين الايجابية والمآخذ السياسية

المصدر: النهار
روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
الرئيسان عون وماكرون
الرئيسان عون وماكرون
A+ A-

على ذمة مصادر سياسية في بيروت ان العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية ليست على ما يرام وان المملكة لم تظهر اي حماسة للتحرك الذي قام به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مما ادى الى استنتاج ان المملكة لا تعتبر ان لها علاقة اطلاقا بالحكومة اللبنانية العتيدة. اذ تقول هذه المصادر ان الخطأ نفسه يرتكبه الرئيس الفرنسي من حيث انه حشد ما يستطيعه من اجل لبنان من اجل انجاح مؤتمر سيدر في 2018 ويعتمد اليوم المقاربة نفسها فيما ان الواقع لن يشهد تحسنا وان برنامج العمل الذي قدمه الرئيس الفرنسي هو وقف الانهيار لكن الخشية ان الواقع سيبقى على ما هو. ف" حزب الله" راهنا هو اشبه بما كان عليه على اثر حرب تموز 2006 حين اضطر الى التموضع من ضمن "الدولة" اي الى الحاجة الى التقاط انفاسه ليس الا. ومن هنا لا تبدو المملكة موافقة على ما ستتجه اليه الامور وان على اللبنانيين تدبر امورهم بانفسهم في ظل سؤال كبير حول كيفية عقد مؤتمر في تشرين الاول لمساعدة لبنان وكيف ومن سيساعد فيما ان ضخ اموال جديدة في لبنان سيظهر عقم المحاولة من جديد ولا يمكن الاعتماد بقوة سوى على الدول الخليجية. ويشكل عدم انخراط المملكة او تبنيها اي مرشح لرئاسة الحكومة ودعمه في اطار ان اي تبني لاي مرشح ، ومن هنا عدم الحماسة لعودة الرئيس سعد الحريري، يعني حكما دعمه ماديا فيما ان الدعم المادي يعني ايضا تعويم الاخرين اي ثنائي عون والحزب. وهذا لن يكون قبل وجود حل فعلي فيما ان الطبخة لاي حل لم تنضج او يرد امكان وضعها على الطاولة. وينضم افرقاء لبنانيون في تقويمهم لما يقوم به الرئيس الفرنسي على وقع عدم تغييب المصلحة الفرنسية المفترضة والظاهرة بالنسبة الى اهل السياسة لكن في اتجاه ان الحزب والتيار العوني اي برئيس الجمهورية وتياره باتوا من الناجين فعلا بحكم الانقاذ الفرنسي لهم من خلال المسارعة الفرنسية الى ان تكون باريس الى جانب لبنان في الوقت الذي لا موقف عقائديا لاي فريق في وجه هذا الثنائي. ومع الاقرار بان هذا التعويم قد لا يكون هو الهدف على الارجح بل من مفاعيل التعاطف الفرنسي الصادق ، لكنه اشبه بالانقاذ الروسي لايران وبشار الاسد في سوريا في 2015. اذ ان السؤال الكبير الذي ستتعذر الاجابة عليه انه لو لم يقع انفجار المرفأ وادى بحكم الضغط الدولي الذي نشأ عنه الى استقالة حكومة حسان دياب وليس بحكم تداعيات الانفجار، الى اين كانت قوى السلطة التي تضم التيار العوني و" حزب الله" تقود البلد واي كارثة كانت للانهيار المتسارع الذي يضع ماكرون ثقله السياسي راهنا لمنع حصوله؟ والواقع الذي تتم قراءته على وقع تعويم القوى السياسية ان انهيارا اقتصاديا وماليا سرعت به حكومة تحت سيطرة الثنائي الشيعي والتيار العوني وادى الى وصول 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر لم يهز اركان السلطة الذين لم يتحركوا قيد انملة لتغيير مقارباتهم او للانقاذ . وكذلك الامر بالنسبة الى انفجار المرفأ الذي وان اتضح انه نتيجة الاهمال من السلطة وتماديها في الفساد فانها لم تهتز ايضا ولم يبد مسؤول في السلطة مشاعر تعاطف بالمقدار الذي اظهره ماكرون او سواه من القادة الغربيين. وهذا اضافة الى اختراق قوى الانتفاضة التي انطلقت في 17 تشرين الاول 2019 وتحويلها الى منصات لتحقيق قوى السلطة اهدافها، فان هذه القوى استقوت بتعويم ماكرون لتظهر ديمومتها وسلطتها وعدم رغبتها في ان تتنازل الا تحت الضغط الفرنسي. وصحيح ان ماكرون وجه انتقادات حادة للمسؤولين وفسادهم ، وهو امر يفترض ان يؤدي في حال مسؤولين حريصين على كرامتهم وكرامة بلدهم الى الاستقالة فورا والرحيل من المسؤولية المفترضة كما ان قدرته على جمع الافرقاء السياسيين تكشف افتقاد رئيس الجمهورية لدوره كليا على رغم محاولته الاطلالة من بوابة اعلان لبنان دولة مدنية كشفت السلطة وعرتها من حيث المبدأ من جهة ولكنها اعادت الالق الى دورها ايضا.

ولم يرتح افرقاء سياسيون الى المراعاة الكبيرة من الرئيس الفرنسي ل" حزب الله" ما دفع كثرا الى استيضاح امكان ان يأتي التوافق الفرنسي مع طهران على حساب لبنان. وهو امر سخر منه سفراء عرب في بيروت على خلفية الاعتقاد ان فرنسا تسعى الى الاقرار بنفوذ الحزب وراعيته ايران على الواقع اللبناني فيما ان لبنان خاضع في الواقع لهذا النفوذ عملانيا منذ توقيع الاتفاق النووي مع طهران وبتسليم اميركي بحيث ادى الى انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة الاولى في اطار هذا التسليم.وتاليا فان فرنسا قد تزيد صدقية على هذا النفوذ ليس اكثر ولا اقل.

في اي حال فان التسليم لماكرون ايا تكن الملاحظات والملاحظات المضادة مبني على ان اي مبادرة في اتجاه اي تسوية في لبنان لم تحصل فعليا عبر الاعوام سوى عبر الدول الخليجية ( اتفاق الطائف ثم تفاهم الدوحة) او عبر الاوروبيين ولا سيما فرنسا ( جلسات حوار في سان كلو ). وتاليا مع غياب الانخراط العربي الخليجي لا يجد اللبنانيون بدا من تلقف مساعي الانقاذ الفرنسية المفيدة والضرورية .علما ان افرقاء كانوا يفضلون ان يبقي ماكرون مسافة اكبر عن التفاصيل الاجرائية فيما ان حضوره يجب ان يتوج بحثا جديا في سلاح الحزب وفي الحياد او النأي الفعلي لان السؤال يكمن في واقع اذا كانت الاصلاحات وتشكيل حكومة اختصاصيين يكفيان لتدارك الحرب الاهلية التي تحدث عنها ماكرون بالذات . وهل ان تنفيذ الاصلاحات في حكومة اختصاصيين سيكون كافيا لاستعادة لبنان الثقة للرأسمال والاستثمار ؟ او ان هذه العناصر ستبقى مرتبطة باعادة تغيير النظام السياسي انطلاقا مما قفز اليه بعض الافرقاء في توظيف واضح للموقف الفرنسي ؟

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم