الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

استثناءات

حياة ابو فاضل
A+ A-

قبل التركيز على ما وصلنا اليه في لبنان من سقوط في قبضة زمن فساد وانحطاط انساني شد الى الاسفل معظم قارات الكوكب بمن عليها، بما فيها اوطان عربية يصر اهلها على توأمة انتمائهم اليها عربيا – اسلاميا: عالم عربي منهك اليوم في عملية دمار شامل للتغيير الى انظمة ديموقراطية ستنبت "عادلة" من مذهبية "بروتوكول" قتل وافناء وتفجير وتحقير للمرأة العربية التي تنقلب سلعة ترفيه عن المناضلين في سبيل الحق واجرام غير مسبوق في حق الاطفال، اجيال المستقبل الذين يقتلون ويهجرون ويحرمون متعة العلم والنماء في بيئة تؤمن لهم سلامة الجسد والنفس.


قبل الكلام عن لبنان، اشارة خاطفة الى الصراع المذهبي الدموي العربي، والى الفقر والمرض والصراع المذهبي في بعض دول افريقيا، والى الارباك الاوروبي الاقتصادي الذي عرقل خطوات القارة في ادارة نكبات العالم، والى الشرق الاقصى الضحية الدائمة لجشع الغرب وللكوارث الطبيعية، والى قارة اميركا الجنوبية التي لا بد تخبئ كنوز حكمة لما بعد عصر الانحطاط، والى اميركا الشمالية مفتاح كل مآسي هذا العصر الظلامي، ونفاق كل من يرأسها مثيرا للسخرية يشير بوضوح الى ان ثلاثية القوة والسلطة والمال تؤسس لمجتمعات مريضة تفتقر الى معرفة جوهر الحياة مهما حاولت "الشمالية" عرض عضلات الرأفة الكاذبة والاهتمام المنافق.
اما نحن سكان جبال وسهول وسواحل اللبن والعسل منذ زمن قديم جاء بعد عصر الانسان الحجري الذي ما ذاق يوما طعم اللبن والعسل، ومثلنا كان يجهل كيف تبنى الاوطان والدول التي يسودها العدل والجد والصدق، دول قابلة للتطور مع تطور العقل البشري... اما نحن، فلا علاقة لنا اليوم في لبنان لا بالعقل ولا بالمنطق، ذاك اننا بعد قرون حروب واستعباد وتقلص وتوسع وضم وانفصال، وبعد خروج من معتقدات دينية قديمة حيث الآلهة في زحمة ظلت تنعكس تعددا على ما ورثنا من اديان سماوية فككناها الى مذاهب متناحرة وادخلناها الى اضيق مساحاتنا السياسية فصارت مصدر حروبنا الدائمة وما اكثرها.
وفي تاريخنا الحديث، منذ ايام الاستقلال الاولى في عهد الرئيسين الخوري والصلح، ما حققت جمهوريتنا انجازا واحدا يساعد على توحيد المساكب الاقطاعية، المذهبية القائمة على زعامات شخصية نهمة، أنانية، لا تعرف الحق ولا العدل ولا علاقة لها ببناء الاوطان. وحتى اليوم نحن نعجز عن اتمام مطلق استحقاق دستوري في موعده الا بعد تدخل عربي لا يقل تخلفا عنا، وتدخل غربي مصاب بالانفصام واليوم بالاسلاموفوبيا، ولن يتدخل المحسنون بعد اليوم لانقاذنا، وهذا جيد، علنا نلجأ الى صمت طويل نحاول اثناءه فهم حقيقة وجودنا بلا مثاليات ولا عصبيات ولا وطنيات. فأهل السياسة عندنا كما الشعب تقليديون، مفككون، بينهم وبين الصدق والعدل مسافات شاسعة، ولا يجمعهم الا مغارة علي بابا حيث اللصوص بالملايين، فهل هناك من استثناءات؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم