الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أنا من خذلتُ نفسي

المصدر: النهار
ماغي أبوساري
أنا من خذلتُ نفسي
أنا من خذلتُ نفسي
A+ A-

لم يخذِلُني أحد، أنا من خذلتُ نفسي حين أعطيتُ مَن لا يستحِق العطاء، وحين وثقتُ بمن لا يعرف معنى الوفاء.

لم يتركني أحد، أنا من تركتُ نفسي حين أعطيتُ روحي لمن هو مزيفٌ كالظِل يكون معي في النور ويختفي في الظلام.

لم يُحاربني أحد، أنا من حاربت نفسي، أنا عدو نفسي الأوّل، لأنّ من اخترته ليحارب معي الدُنيا، حاربني والدُنيا معاً.

لِم أحزن؟ أنا سبب كُلّ هذه الخسارة، فنحنُ حين نُعطي كُلِّ شيء علينا ان نستعد لنخسر كُلِّ شيء.

خذلوني أولئك الذين أعطيتهم أكثر مما يستحقون، طعنوا بي بخناجرهم الصدئة، ذبحوا آمالي بسيوفِ غدرهم المسمومة، فرحلتُ عنهم صامتة وتركتُ لهم ظلي لأنّي لم أعد أحمل رغبةَ المواجهة، ولأنّي على يقين بأن الأيام كفيلة بردِّ اعتباري.

عِشرتهم السيئة جعلتني أحرقُ جميع ما جمعني بِهم، فكانت المقابر مكاناً لدفن أجسادهم ساكنة، وكان قلبي مكاناً لدفنهم أحياء.

إنَّ أوّل الغادرين أنتَ، وأكبر الخيبات أنتَ، أشكو الله ظلم المُقرّبين، أشكوك أنتَ يا سيّد الظالمين. ويلٌ للذي أسكنتهُ عيني فصبَّ الرَمادَ فيها، وللذي أسكنتهُ روحي فحرقها. ويلٌ للذي أفلتني أُحاولُ جمعَ أشتاتِ حُبنا كقطرات الماء، كحبات المطرِ.

فلتُصب اللعنة قلبَ من كسرَ قلبي بقسوةِ قبضتهِ، ولِمن جعلَ أحلامي تنسكِبَ سداً، ماذا تفعلُ ماء الأماني في أرضِ واقعٍ قاحلٍ؟

كتبتُ لكَ وعنكَ، فجَمعتَ حروفي وزخرفتها لتُرسِلَها إلى أخرى تتفاخر أمامها أنّكَ سيّد العشقِ وما أنتَ سوى مخداع ماكر.

وحيدةٌ أنا الآن بين أقلامي وأوراقي، أكتبُ ما آلم روحي علّني أحمي قلبي وأصون عواطفي من الصدأِ والتآكُل، أعيشُ خيبةَ أملٍ فسدت زهور المستقبلِ وألوانه بغبارها.

لا ولن أنطفِئ، إنّي إن لم أُكسر لن يتسرّب النور إلى داخلي.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم