الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

فاطمة العثمان تتحدث لـ"النهار" عن حراك أسواق النفط في ظل كورونا

المصدر: "النهار"
فاطمة العثمان تتحدث لـ"النهار" عن حراك أسواق النفط في ظل كورونا
فاطمة العثمان تتحدث لـ"النهار" عن حراك أسواق النفط في ظل كورونا
A+ A-

وجّه الحجر المنزلي الذي تعتمده الحكومات ضربة كبيرة للنشاطات الاقتصادية حول العالم، إذ تعاني معظم الدول من ركود يُنذر بتراجع اقتصادي كبير. أسواق النفط نالت حصة كبيرة من الأزمة، إذ انخفض سعر البرميل إلى ما دون 30 دولاراً وسط توقعات بأن ينخفض إلى نحو 20 دولاراً.

"النهار" أجرت مقابلة مع المحللة الاستراتيجية للسياسات العامة في المملكة العربية السعودية والمهتمة بشؤون الطاقة فاطمة العثمان والحاصلة على شهادات عدة في ادارة المشاريع الاحترافية والابتكار الحكومي، وشغلت مناصب إدارية عدة. كما تعمل كمستشار غير متفرغ لمجموعة العشرين.

العثمان تحدثت عن تأثير انتشار فيروس كورونا على أسواق النفط العالمية، وعن امكانية الاتفاق الروسي - السعودية في "أوبك" لخفض الإنتاج "لأنه لا مجال في أزمة كورونا سوى التنسيق بين كبار منتجي النفط، وخصوصاً السعودية التي لعبت دور الموازن في أسواق النفط لفترة طويلة".


-هل تعتقدين أن الأمور لا تزال تحت السيطرة في ما خص أزمة كورونا وتأثيراتها الاقتصادية لا سيما على قطاع النفط في العالم؟

ما يمرّ به العالم هو ظرف استثنائي وجائحة لم تحدث من قبل أصابت ما يزيد على مليون نسمة حتى هذه اللحظة في جميع أنحاء العالم، حيث يتوقع أن يبلغ حجم خسائر الاقتصاد العالمي أكثر من ألفي مليار دولار، أي ما يعادل 2,3 إلى 4,8 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي حسب توقعات بنك التنمية الآسيوي.

وعند المقارنة بما يحدث اليوم مع الأزمه المالية في عام 2008 نجد أن كورونا تختلف بأنها أزمة "إنسانية" لها تداعيات اقتصادية وكذلك إجتماعية وسياسية، وقد تقلب موازين القوى الإقليمية في العالم، ومن المبكر معرفة حدودها الآن، حيث إن تأثير هذه الجائحة المستجدة ما زال في أوج انتشاره في جميع دول العالم سواء النامية أو الأقل نمواً، وقياس وطأة التأثير الإقتصادي سيختلف حتماً حسب قوة ومتانة وتنوع إقتصادات تلك الدول ومقدرتها على التعامل والسيطرة على هذه الأزمة، فالدول ذات الإقتصاد الريعي ستتأثر أكثر من الدول الصناعية ذات الإقتصاد المعرفي المتنوع،

وقد بدأت الدول الكبرى بتخصيص دعم مالي للقطاع العام والخاص للتخفيف من التأثيرات الإقتصادية، بينما نجد الدول الفقيرة والأقل نموًّا تواجه صعوبات جمة في التصدي لها، فقد أعلنت الحكومة الألمانية، على سبيل المثال، عزمها ضخ نحو 750 مليار أورو لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

وعلى الرغم من صعوبة قياس التأثير الآني على تجارب سابقة، فقد كانت هناك تأثيرات سلبية على بعض القطاعات مثل قطاع النقل والسياحة والطيران والبنوك والإمدادات الغذائية، فيما انتعشت قطاعات آخرى مثل قطاع الإنترنت والتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية وتطوير البرمجيات والصناعات الطبية.

وتداعياً لهذا الانكماش الاقتصادي، من المتوقع أن يفقد ملايين البشر وظائفهم، فقد توقعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية "الإسكوا" فقدان 1.7 مليون وظيفة في الدول العربية، وسيؤدّي أيضاً إلى ارتفاع نسبة البطالة في العالم أجمع، وانخفاضِ دخلِ بقية العاملين، حسب تقرير منظمة العمل الدولية.

وبالنسبة لسوق النفط، فقد تسبب فيروس كورونا بانخفاض الطلب العالمي على النفط على نحو مطرد، حيث إن هناك علاقة طردية ما بين أسواق النفط والقطاعات الأخرى في منطقتنا، فإذا قلّ مستوى الإنفاق الحكومي يقل النشاط الاقتصادي في جميع القطاعات، لذلك لن نستغرب إذا انخفض سوق الأسهم مع هبوط أسعار النفط.

وهناك عوامل أثّرت بشكل مباشر على تراجع الطلب ومنها قلة النشاط الصناعي والاقتصادي في الصين، وهي تعد أكبر مستورد للنفط، حيث يصل استخدامها اليومي قرابة 10 براميل نفط يومياً، وذلك حتماً سيؤثرعلى الطلب على النفط وبالتالي ستتأثر منطقتنا وخصوصاً الدول العربية التي تعاني أساساً من مشاكل اقتصادية، وستقع تحت وطأة هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة، إذ لن يكون بمقدور الدول المانحة مساعدتها. ولو نظرنا إلى دول الخليج التي يعتمد اقتصادها على النفط بنسبة تصل إلى 80%، لديها التزامات وخطط لمشاريع عملاقة لتقوية بنية اقتصاداتها ستجد نفسها مضطره إلى تأجيل أو إعادة برمجة بعض هذه المشاريع العملاقة، واللجوء إلى السحب من الإحتياطي العام أو طرح سندات دين ضخمة.

وأيضاً هناك عوامل نفسية تؤثر على العرض والطلب على النفط، وهي النظرة التشاؤمية التي يتبناها المحللون والمتداولون، وهذا يعيد إلى الأذهان ما حدث في 2003 عند انتشار فيروس سارس، إلا أنه لم يتسبب بأي انخفاض ملحوظ في الطلب، ولكني متفائلة بقدرة الأسواق النفطية على تجاوز هذه الأزمة لو تم التعامل معها بشكل صحيح والاستفادة من الدروس السابقة.


-هل سيكون هناك اتفاق روسي ـ سعودي حيال سعر النفط؟ وعلى أي أساس؟

بدأت هذه الأزمة بعد اجتماع أوبك في بداية شهر آذار حين رفضت روسيا الالتزام بتخفيض الإنتاج وإعلانها أن الجميع له حرية الإنتاج، ولكن كانت هناك، فيما يبدو، أهداف روسية أخرى من هذه الأسعار المتدنية، وهي أولاً ضرب النفط الصخري الأميركي، فلو وصل سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً فلن يغطي تكلفة استخراجه، وبالتالي سيكون من الصعب على الشركات الأميركية الاستمرار في السوق؛ والسبب الثاني توجيه رسالة إلى أميركا بعدم التدخل في حصتها في بيع الغاز للدول الأوروبية حيث تمثل مبيعات الغاز الروسية لأوروبا 30 - 40 %.

ولكن بعد الإنخفاض الحاد في أسعار النفط ومعاناة الاقتصاد الروسي بشدة، والذي يبلغ حجمه تريليون دولار، وتشكل الصادرات النفطية قرابة 60% والتي تمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي، فستجد روسيا نفسها مضطرة إلى التخلي عن التعنت والعودة إلى طاولة المفاوضات، خصوصاً بعد التصريحات الروسية التي تحمل رسائل إيجابية، فسيؤدي ذلك إلى احتمال بلورة اتفاق نفطي بين السعودية وروسيا لأنه لا مجال في أزمة كورونا سوى التنسيق بين كبار منتجي النفط، وخصوصاً السعودية التي لعبت دور الموازن في أسواق النفط لفترة طويلة لحرصها الدائم على استقرار الاقتصاد العالمي.


-معظم التوقعات تتجه نحو انخفاض أسعار النفط أكثر فأكثر، هل من خطوات أو إجراءات لحماية القطاع من التأثيرات السلبية؟

يجب أن نعلم جيداً أن المحرك الرئيسي لأسواق النفط هو الطلب وليس العرض، وقد نجحت منظمة أوبك في تحقيق هذا التوازن في الفترة الماضية، وبإلتزام دول أوبك بلاس بالتخفيض المقترح ( 3.6 ملايين برميل). سوف تعاود أسعار النفط ارتفاعها ويتحسن الطلب العالمي وتعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، إنما لن يحدث ذلك إلا بعودة الجميع إلى طاولة المفاوضات وانحسار أزمة كورونا، وخصوصاً أنه لم يتم إلى الآن التوصل إلى لقاح للسيطرة عليه.


- ما هي تأثيرات انخفاض أسعار النفط على اقتصاد المملكة؟

أتوقع أنه لن يكون هناك تأثير سلبي كبير، لأن اقتصاد المملكة قوي وقادر على مواجهة هذه الأزمة العالمية، فالمملكة لديها استراتيجية وخطط مدروسة لمواجهة الأزمات، فقد أطلقت المملكة رؤية 2030 في 2016 وتهدف إلى تنوع مصادر الدخل بعيداً من النفط وزيادة الإيرادات والصادرات غير النفطية. وأيضاً رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز إلى 75%، وقد تم إطلاق حزمة من البرامج، كما تم خصخصة 10 قطاعات وذلك في محاولة لمواجهة التراجع في أسواق النفط. بالإضافه إلى الاستثمارات في قطاع الطاقة الشمسية والرياح حيث تسعى المملكة إلى توليد أكثر من 25 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية خلال السنوات الخمس المقبلة، وحوالي 60 غيغاواط بحلول عام 2030.

إضافة إلى أن المملكة قامت بإجراءات احترازيه سريعة وحازمة في مجابهة واحتواء أزمة كورونا سبقت الدول الأوروبية، كما أن لديها بنية تحتية رقمية متقدمة ساهمت في تطبيق نظام العمل والتعليم عن بعد مباشرة، وهذا ساهم من تقليل الآثار الإقتصادية من جراء هذه الأزمة.

-هل من سيناريوهات مختلفة حسب المدى الزمني للأزمة؟ "أقصد هنا أزمة النفط"

ما يمر به العالم يعدّ ظرفاً استثنائياً ويحتاج تكاتف جميع الدول لوضع رؤيةٍ وبرنامجَ تعاونٍ دولي لمواجهة هذه الأزمة، ولكن التحدي القائم الآن هو السيطرة على هذا الوباء والبدء في الاستعداد لاستشراف المستقبل ما بعد كورونا. فكلما أسرع العالم باحتواء هذه الأزمه والعودة إلى طاولة المفاوضات كلما رأينا تحسناً ملموساً على أسعار النفط في القريب العاجل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم