السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

ما الذي يحدّد مسار نتائج قمّة بوتين وإردوغان؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ما الذي يحدّد مسار نتائج قمّة بوتين وإردوغان؟
ما الذي يحدّد مسار نتائج قمّة بوتين وإردوغان؟
A+ A-

تعزيزات متبادلة قبل القمّة

هدّد إردوغان الحكومة السوريّة بأنّه سيشنّ توغّلاً عسكريّاً يعيد قوّاتها إلى ما وراء حدود سوتشي، أي بعبارة أخرى، هدّد بجعل دمشق تفقد جميع المناطق التي بذلت الكثير لتسيطر عليها منذ بداية العمليّة أوائل كانون الأوّل الماضي. ليس واضحاً ما إذا كان إردوغان مستعدّاً لتوغّل عسكريّ بهذا الحجم. لكنّ سقوط هذا العدد من الجنود الأتراك لم يترك أمامه الكثير من الخيارات. ردّت تركيا بقصف عدد من المراكز والأسلحة الثقيلة والمقاتلات العسكريّة السوريّة ممّا أدّى إلى مقتل بين 2000 إلى 3000 جنديّ سوريّ ومقاتلين موالين له وفقاً لأرقام أنقرة. وخسرت دمشق عدداً من البلدات في محافظة إدلب خلال الهجوم التركيّ وأبرزها سراقب، قبل أن تنجح باستردادها منذ أيّام. وسقط لتركيا 59 جنديّاً منذ بداية شباط الماضي.

ذكرت وزارة الدفاع الروسيّة أنّ مواقع مقاتلي المعارضة في محافظة إدلب اندمجت مع مواقع للمراقبة التركيّة وأنّ هجمات المدفعيّة على مناطق مدنيّة وقاعدة جوّيّة روسيّة باتت يوميّة. إذا صحّ الخبر فإنّ هذا الاندماج يرسل إشارة قويّة إلى الروس بأنّ الفصل بين تركيا والفصائل المحسوبة عليها سيصبح أصعب. ويُفهم من هذه الخطوة على أنّها تعزيز للنفوذ التركيّ قبل لقاء الخميس. بالمقابل، عززت روسيا قوّاتها البحريّة والجوّيّة وفقاً لتحليلات أجرتها وكالة "رويترز" عن بيانات الرحلات الجوّيّة ومراقبة حركة السفن منذ 28 شباط، أي بعد يوم واحد على مقتل الجنود الأتراك.


ماذا يريد إردوغان؟

قبيل زيارته موسكو، أفصح إردوغان أمام مجموعة من الصحافيين عن توقّعه بأن تسفر محادثاته مع بوتين عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إدلب. لكن مع بذل تركيا كلفة بشريّة ومادّيّة مرتفعة شمال سوريا، يصعب أن يكون هذا الهدف نهائيّاً بالنسبة إلى الرئيس التركيّ. مراسل "فرانس 24" جاسبر مورتيمر قال إنّ إردوغان يريد أكثر من وقف لإطلاق النار، إذ هو يسعى إلى إقناع روسيا بتأسيس منطقة آمنة في إدلب تكون محميّة من هجمات الجيش السوريّ وحيث يمكن اللاجئين العيش بسلام وعدم اضطرارهم للتوجّه إلى تركيا.

وتابع أنّ قدرة إردوغان في انتزاع هذا التنازل من بوتين الذي شدّد دوماً على حقّ الرئيس السوريّ بشّار الأسد باسترجاع جميع الأراضي السوريّة، يعتمد على مقدار الضرر الذي ألحقه الهجوم التركيّ الأخير بالجيش السوريّ. إذا استطاعت القوّات السوريّة امتصاص الضربة، فسيعود إردوغان خالي الوفاض إلى أنقرة، والعكس صحيح.


حجم الردّ

أطلقت تركيا ردّها ضمن إطار عمل عسكريّ واسع تحت مسمّى "عمليّة درع الربيع"، بما يعني على الأرجح أنّ الهجوم لن يكون موضعيّاً بل ممتدّاً عبر الزمن. يمكن قياس ذلك بالعمليّات العسكريّة التي خاضتها تركيا سابقاً والتي خصّصتها بتسميات مختلفة مثل "درع الفرات" و "غصن الزيتون" و "ربيع السلام". واستغرقت العمليّتان الأوليان أشهراً طويلة، فيما انتهت الثالثة في غضون أسبوع بفعل ضغط الدول الأميركيّة وضغط الكونغرس الأميركيّ.

رأى مدير مركز مكافحة الإرهاب والتطرّف في "معهد الشرق الأوسط" تشارلز ليستر أنّ الأضرار التي ألحقها الجيش التركيّ بالجيش السوريّ تغلّبت على مقاتلات "سو-24" و "بانتسير-أس1" و "سام-18" روسيّة الصنع والأهمّ من ذلك خسارة ما يرجّح أن يفوق 1500 مقاتل سوريّ. وأضاف أنّ إدلب كانت حتى الآونة الأخيرة معركة استنزاف تصبّ في غير مصلحة الأتراك لكن تمّ قلب الطاولة مع الهجوم العسكريّ التركيّ الأخير، مشيراً إلى أنّه من غير الواضح ما إذا كان بإمكان الأسد تحمّل هذه الوتيرة من الاستنزاف من دون خسارة الأراضي.


تلميح لإردوغان؟

خلال ترحيب بوتين بنظيره التركيّ، أعرب عن تعازيه لسقوط جنود أتراك في سوريا واصفاً الخسارة البشريّة بأنّها "مأساة كبيرة دوماً". لكنّه أشار إلى أن لا أحد كان على علم بموقع الجنود الأتراك، وهذا يشمل القوّات السوريّة. وذكّر أيضاً بسقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف الجيش السوريّ.

من جهته، شكر إردوغان بوتين على استضافته قائلاً إنّ العالم بأسره يشاهد الاجتماع وإنّ القرارات التي يتّخذها الطرفان اليوم ستتمتّع بتأثير كابح للتوتّر. وذكر أنّ الزيارة تأتي في وقت وصلت العلاقات الثنائيّة إلى أعلى مستوى لها، في مجالات الصناعة الدفاعية والتجارة وميادين أخرى. وتوقّع أن ينجح البلدان في تعميق الروابط وفي تطويرها أكثر.

التطرّق إلى مجال الصناعة الدفاعيّة تحديداً أمكن أن يكون تلميحاً ضمنيّاً إلى نيّة إردوغان في ربط استمرار هذا التعاون بوقف إطلاق النار في إدلب وترسيخ المنطقة الآمنة التي يريدها الرئيس التركيّ.

قد لا تكون نتائج هذا اللقاء واضحة قبل معرفة حجم الخسائر بالنسبة إلى كلّ من الطرفين وتقييمهما لمدى قدرتهما على مواصلة "حرب الاستنزاف".

ليس لدى الخبراء إجابة موحّدة على هذا الموضوع. ففي حين يميل ليستر إلى أنّ تركيا باتت في موقف أفضل ممّا كانت عليه منذ أسبوع، يجد الباحث البارز في "معهد بروكينغز" عمر تاشبينار أنّ الردّ العسكريّ التركيّ تمّ برضا روسيّ ضمنيّ لإعطاء إردوغان فرصة حفظ ماء الوجه أمام جمهوره. ربّما تحسم التطوّرات العسكريّة في الأيّام القليلة المقبلة دفّة الجدل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم