السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مع اقتراب موسم الربيع... هل يصبح فيروس كورونا من الماضي؟

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
مع اقتراب موسم الربيع... هل يصبح فيروس كورونا من الماضي؟
مع اقتراب موسم الربيع... هل يصبح فيروس كورونا من الماضي؟
A+ A-

مع تزايد المخاوف من فيروس كورونا المستجد الذي تتزايد ضحاياه بشكل يومي من دون إمكان وضع حد له حتى الآن في مختلف الدول التي وصل إليها، تتكثف الجهود والدراسات لإيجاد السبل الفضلى لمواجهته. ومن المسائل المطروحة في هذا الإطار، علاقة الطقس بالفيروس وما إذا كان الطقس الدافئ يمكن أن يساهم في الحد من انتشاره، خصوصاً وأننا على أبواب فصل الربيع.

 في هذا السياق، يشير طبيب الصحة العامة الدكتور ماريو شحروري إلى أن فيروس كورونا المستجد يعتبر جديداً وتتكثف الجهود لاكتشاف أي جديد بشأنه، فتظهر يومياً معلومات جديدة. ولا ينكر وجود النظرية التي تشير إلى أن التغيّر في المناخ والطقس الدافئ المقبل قد يكون له تأثير على انتشار الفيروس: "ثمة فيروسات موجودة طوال أيام السنة ومنها ما هو موسمي ويظهر صيفاً، وأخرى يظهر في فصل الشتاء والبرد، ومنها ما يظهر أيضاً مع التغيير في الطقس أي في الخريف أو الربيع. أما بالنسبة إلى فيروس كورونا المستجد فهو من عائلة فيروسات كورونا، وقد ظهر في شهر كانون الأول 2019. مع الإشارة إلى أن عائلة فيروسات كورونا هي من الفيروسات الموسمية بشكل أساسي". لكن لا يؤكد الدكتور شحروري أن يكون فيروس كورونا المستجد من الفيروسات الموسمية أيضاً، فهذا لا يحصل حكماً لاعتباره مختلفاً عن باقي الفيروسات من العائلة نفسها.

ويضيف أن المناخ ليس نفسه في مختلف الدول، بل قد يكون حاراً في دولة ما وبارداً في أخرى، وبالتالي كيف لذلك أن يوقف انتشار الفيروس؟ "ولا ننسى دور السفر أيضاً في نشر الفيروس كما حصل سابقاً حتى في حال عدم وجوده في دولة معينة، وبالتالي لن يساعد ذلك في اختفاء الفيروس طالما أنه موجود في دول معينة. كما لا بد من التوضيح أنه حتى إذا كان فيروس كورونا المستجد موسمياً فهو لا يختفي حكماً بشكل تام، خصوصاً بوجود عالم السفر الذي يساعد في نشره بين الدول المختلفة". ولا يعتبر شحروري فكرة الاعتماد على التغيير في الطقس والموسم دقيقة لأنها قد لا تساعد في وقف انتشار الفيروس.

ويبقى ارتفاع الحرارة وتغيير المناخ بمثابة تكهنات ولا يمكن الاستناد إليها إذ لا أساس علمياً لها، ولا يمكن التأكد منها لأن الفيروس مستجد. مع الإشارة إلى أن فيروسات SARS وMERS توقفت سابقاً بفضل الإجراءات الوقائية والجهود المكثفة، ويمكن أن يحصل ذلك أيضاً مع فيروس كورونا المستجد.

"المسألة مسألة وقت. من الواضح أن فيروس كورونا هو الأكثر انتشاراً إلى الآن، لكن المجتمع العلمي بانتظار التطورات التي يمكن أن تحصل، وثمة جهود مكثفة تهدف إلى مكافحته بعد أن وصل إلى مختلف القارات. ومن المتوقع أن نصل إلى يوم يصبح فيه فيروس كورونا تماماً كالرشح بالنسبة لنا أو الأنفلونزا، وتتوافر اللقاحات له، فتمرّ الإصابة به مرور الكرام ولا يؤثر بشكل خاص إلا بمن تُعتبر مناعتهم ضعيفة. أما اليوم، فيمكن الاكتفاء بالوقاية والحد من حالة الهلع السائدة بين الناس والتي لا داعي لها".وجهة نظر مختلفة

أما الطبيبة الاختصاصية في الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية- مستشفى رزق، الدكتورة رولا حصني، فلها وجهة نظر مختلفة في هذا الخصوص، وتشير إلى تعلّق الآمال على إمكان تراجع انتشار الفيروس مع الانتقال إلى موسم الربيع الذي يصبح فيه الطقس أكثر دفئاً في معظم الدول المعنية بشكل أساسي بانتشاره: "ثمة احتمال في تراجع انتشار الفيروس لاعتبار أنه ينتقل في قسم منه عبر الأسطح الملوثة، فيما نعرف جيّداً أنه يخفّ انتقال الفيروسات عبر الأسطح الملوثة بعد تخطي الحرارة 20 درجة، وهذا ما يحصل عامةً في معظم الدول المعنية بشكل أساسي بانتشار الفيروس في موسم الربيع. وبالتالي يتحوّل في طريقة انتقاله أكثر من شخص إلى آخر حصراً كما هو متوقع، ويخف انتقاله عبر المساحات الملوثة".

ويبدو، بحسب الدكتورة حصني، أن التهوئة في المنازل تتحسن في موسم الربيع، وهو ما يشكّل عاملاً إيجابياً أيضاً يمكن أن يساهم. أما بالنسبة إلى وجود الفيروس في مناطق حارة كما في أفريقيا، فتؤكد حصني أنه حتى اليوم لا يزال عدد الحالات في هذه البلاد محدوداً  جداً، لكن لا يمكن التأكد من كيفية تطور انتشار الفيروس في المرحلة المقبلة، وما إذا كان ممكناً في أن يحصل تغيير في طبيعة أو طريقة انتقاله، آملة أن يبدأ انتشار الفيروس بالتراجع ابتداءً من موسم الربيع، كما في معظم الفيروسات التي تخفّ صيفاً بشكل عام.

وقد جاء أخيراً، في تقرير نشرته خدمة تقصي الأخبار الكاذبة في "وكالة الصحافة الفرنسية"، أنه وبحسب الخبراء، لا يمكن التأكيد أن الطقس الأكثر دفئًا "يقتل" الفيروسات.

ويمكن مقارنة الفيروس الحالي المعروف باسم "كوفيد-19"، بحسب تسمية منظمة الصحة العالمية، بآخرَين من عائلة كورونا، هما فيروس السارس (المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة) الذي انتشر بين 2002 و2003 في آسيا، وفيروس ميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) الذي يحصد حتى اليوم عدداً من الإصابات.

هل قضت الحرارة المرتفعة بالفعل على هذين الفيروسين الآخرَين من عائلة كورونا؟

تشرح منظمة الصحة العالمية أنّ "أولى حالات (الإصابة بفيروس سارس) سجلت بحلول منتصف تشرين الثاني في إقليم غوانغدونغ (الصين). ولم يبدأ السارس انتشاره في العالم إلا بحلول 21 شباط (2003)، عندما أقام طبيب مصاب من غوانغدونغ في الطبقة التاسعة من فندق ميتروبول في هونغ كونغ".

ويقول البروفسور أرنو فونتانيه، المتخصص بالأمراض المستجدّة في معهد باستور: "صحيح أن سارس توقف في شهر حزيران في الصين وأن آخر حالة سجلت كانت في تموز في تايوان، وهو ما دفع البعض إلى الافتراض أن الفيروس ظهر في الشتاء واختفى عندما أصبح الطقس جميلاً"، معتبرين بالتالي أنه فيروس ذو طابع موسمي".

ويضيف: "قد تكون حرارة فصل الصيف ساهمت في احتواء انتشار وباء سارس. لكن، وكما جرى النقاش في الصحافة العلمية، هل لعبت الحرارة دورًا في القضاء على الفيروس؟ لا أحد يملك إجابة".

فسنغافورة مثلاً، التي تتمتع بمناخ استوائي دافئ طيلة أيام السنة، سجلت حالة سارس واحدة على الأقل في أيلول 2003، ما يعني أن الفيروس لم يُقضَ عليه في الحرّ حتى لو كان انتشاره محدوداً.

أما بالنسبة إلى فيروس ميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، فقد ظهر للمرة الأولى عام 2012 في السعودية. وفي هذا البلد الحارّ، سجّلت 80% من الإصابات العالميّة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وبالتالي، لا يمكن التأكيد أن الطقس الأكثر دفئًا "يقتل" هذه الفيروسات.

لماذا تنتشر الفيروسات في الشتاء أكثر من سائر الفصول الأخرى إذاً؟

يعود السبب في ذلك لأن "الناس لا يخرجون عندما يكون الطقس باردًا، ما يعزّز انتشار الفيروسات التنفسية" في الأماكن المغلقة، وفقاً البروفسور فونتانيه.

هل تنحسر عدوى كورونا المستجد مع انحسار البرد؟

تنبّه إيرازبيل إمبرت، المتخصصة بفيروسات كورونا في جامعة "أيه مارساي"، إلى أن "لا أحد يقدر على توقّع كيف سيكون أداء فيروس كورونا المستجد".

وتقول إن "انكماش حالات كورونا المستجد الجديدة في الوقت الحالي يأخذ المنحى ذاته لسارس. لكن للأسف، نملك القليل من الوسائل حالياً للتنبؤ بالديناميكية الفيروسية"، ولا يمكن توقّع منحى فيروس بناء على منحى فيروس آخر، ولو كانا من العائلة نفسها.

تدابير وقائية

في أي حال، حتى لو ساهمت درجات الحرارة الأكثر دفئاً في احتواء أو وقف انتشار فيروس كورونا المستجدّ، فإن هيئات الصحة تشدّد على التدابير الفعالة للوقاية والعزل للحدّ من انتشاره.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم