السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"النافذة تُغلَق"... لماذا يصعب احتواء كورونا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
"النافذة تُغلَق"... لماذا يصعب احتواء كورونا؟
"النافذة تُغلَق"... لماذا يصعب احتواء كورونا؟
A+ A-

كمعدّل عام.. هل يصاب 55% من سكّان العالم السنة المقبلة؟

لا يزال فيروس "كورونا" المستجدّ يواصل انتشاره بحيث أعلنت منظّمة الصحة العالميّة منذ يومين أنّه بلغ "نقطة حاسمة". أصاب الفيروس حوالي 59 دولة في العالم حيث تخطّت أعداد المصابين 85 ألفاً أغلبيّتهم من الصين، وتخطّى عدد الوفيات 2920 شخصاً. أمّا الإصابات خارج الصين فوصلت إلى 3600 حالة تقريباً مع وفاة حوالي 70 شخصاً، نصفهم من إيران. (بي بي سي الفارسيّة نقلت عن مصادر  طبية إيرانية وفاة 210 أشخاص على الأقل لكنّ وزارة الصحة نفت ذلك). ومن حيث العدد الإجماليّ، تخطّى ضحايا "كورونا" أولئك الذين سقطوا بسبب فيروس "سارس" (774 حالة) غير أنّ نسبة الوفيات إلى عدد المصابين بكورونا تبقى أدنى بكثير: 10% مقابل 2.5% تقريباً. وفي السياق نفسه، أدّت متلازمة الشرق الشرق الأوسط التنفّسيّة "ميرس" إلى إصابة حوالي 2520 شخص ووفاة 866 مصاباً أي بنسبة مرتفعة تتخطّى 34%.

لكنّ هذه الخاصّيّة بالتحديد هي أحد العوامل التي تصعّب على العالم مواجهة فيروس "كورونا" وفقاً لما يشرحه في مجلّة "ذي اطلانتيك" الأميركيّة الطبيب المتخصّص في الطبّ الوقائيّ جايمس هامبلين. فبعكس فيروسات أخرى ومنها "سارس"، يمكن أن ينتج عن "كورونا" حالات خفيفة أو حتى من دون اعراض الأمر الذي يصعّب على الكوادر الطبّيّة احتواءه. على سبيل المثال، استطاع فيروس إنفلونزا الطيور (H5N1) أن يتسبّب بوفاة 60% من المصابين وهي النسبة العليا على الإطلاق. كانت العوارض واضحة وحادّة " – إذا أصبتَ به، فستموت على الأرجح".

وفي حديث لهامبلين مع بروفسور علم الأوبئة في جامعة هارفارد مارك ليبسيتش، يقول الأخير: "أعتقد أنّ النتيجة المحتملة هي أنّه لن يكون قابلاً للاحتواء في نهاية المطاف." وتوقّع أن يصاب السنة المقبلة ما بين 40 إلى 70% من الناس حول العالم بهذا الفيروس، لكنّه يوضح أنّ هذا الرقم لن يعني إصابة الجميع بمرض خطير. كما مع الإنفلونزا التي تشكّل غالباً تهديداً للحياة عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ومن المتقدّمين في السنّ، لن تكون أغلب الحالات بحاجة لعناية طبّيّة.


سيف ذو حدّين

كتب آخرون أيضاً عن أنّ انخفاض نسبة فتك "كورونا" وبطء ظهور أعراضه يمثّل سيفاً ذا حدّين. إذا كانت نسبة الشفاء منه مرتفعة جدّاً فإنّ نسبة الإفلات من الإصابة به تنخفض بشكل عكسيّ. مراسل الشؤون الصحّيّة والعلميّة لهيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" جايمس غالاغر أشار أيضاً إلى أنّ "كورونا" ينتشر قبل ظهور العوارض، بعكس "سارس" و "إيبولا" اللذين لا ينتشران إلّا بعد ظهور تلك الأعراض. ولذلك السبب، كان سهلاً على المعنيّين نسبيّاً وقف انتشار "سارس" و "إيبولا" حيث يمكن عزل المصابين بهما ومراقبة أيّ شخص يحتكّ بهم.

لكن هل كلّ شخص مصاب بالفيروس من دون ظهور عوارض سينقله حتماً إلى أشخاص آخرين؟ هذا ما ليس واضحاً بحسب ما نشرته كلّيّة هارفارد الطبّيّة على موقعها يوم الخميس. كذلك، من غير الواضح ما إذا كان الذين شفيوا من الفيروس يمكن أن يستمرّوا في حمله ونشره إلى الآخرين.

كلّ شخص مصاب بالفيروس سينقل العدوى إلى شخصين أو ثلاثة وهي نسبة مرتفعة تفسّر جزئيّاً سرعة انتشار المرض. كذلك، لا ترتبط سرعة انتشار "كورونا" بطبيعة الفيروس وحسب. فالبيئة المعولمة لا تساعد في احتوائه بحسب ما يكتب ستيوارت باتريك في المجلّة الإلكترونيّة "وورلد بوليتيكس ريفيو". وأشار إلى أنّ الناس "يسافرون حول العالم بأرقام قياسيّة وبسرعات غير مسبوقة."


إيجابيّات؟

يمكن أن يكون هنالك إيجابيّة واحدة على الأقلّ من الأرقام الأخيرة. أجرى باحثون في جامعة لانكاستر البريطانيّة دراسة في النصف الثاني من الشهر الماضي وجدواً أيضاً أنّ نسبة العدوى هي 2.5 متوقّعين أن يصل عدد الإصابات في ووهان إلى 190 ألفاً في المدينة وحدها بحلول 4 شباط، وستصل العدوى إلى مدن صينيّة أخرى والتي ستصدّر بدورها الإصابات إلى العالم بطريقة "أكثر تواتراً"، بحسب ما نقلت "رويترز". وإن كانت الدراسة نجحت في توقّع تواتر العدوى حول العالم، إلّا أنّها أخفقت في تقدير نسبة الإصابات العالميّة بشكل واضح. فمع حلول نهاية شباط، لم تصل الإصابات – الرسميّة على الأقلّ – إلى نصف هذا العدد حول العالم وليس في ووهان وحدها.

هنالك إيجابيّات أخرى قد تلوح وسط التوقّعات غير المتفائلة بإمكانيّة احتواء "كوفيد 19" في المدى القريب، علماً أنّ الاحتواء هو المرحلة الأولى من المواجهة. على الرغم من أنّ تقرير "نيويورك تايمس" الخميس لفت النظر إلى صعوبة تقييد انتشار الفيروس بما أنّه غير فتّاك، ذكر بالمقابل نقلاً عن بروفسور الصحة العامة في شانغهاي لو هونغجو قوله إنّه طالما لم يتطوّر الفيروس، بإمكان الشخص الذي شفي منه ألّا يصاب به مجدّداً بما أنّه يطوّر مناعة خاصّة ضدّه.

كما بإمكان تلك المناعة أن تشمل أولئك الذين أصيبوا بعوارض معتدلة أو الذين لم تظهر عليهم أيّ عوارض. وأشار التقرير إلى أنّه لهذا السبب، طالبت السلطات الصينيّة ممّن تماثلوا للشفاء بالتبرّع ببلازما الدم على أمل أن يتمّ استخدام مضادّات الأجسام لديهم لمعالجة المرضى.


ما هو الرقم الواجب البحث عنه؟

لأنّ سرعة تفشّي المرض عنصر أساسيّ في تحديد صعوبة احتوائه، ثمّة رقم بارز يمكن أن يؤشّر إلى قرب انتهاء الفيروس. تقول عالمة الأوبئة وبروفسورة علم الأحياء التكامليّ في جامعة تكساس في أوستن لورين مايرز إنّه يجب النظر إلى "رقم التكاثر الأساسيّ" أي معدّل عدد الأشخاص الذين يُتوقّع أن يصيبهم الشخص المصاب بالعدوى. وأكّدت لموقع "بيزنس إنسايدر" في 22 شباط إنّ هذا الرقم يجب أن يقلّ عن 1، أي توقّع أن ينقل كلّ مريض العدوى إلى أقلّ من شخص واحد، للقول إنّ الفيروس في مرحلة ضمور. لكن بحسب دراستين صدرتا في السابع والثالث عشر من الشهر الحاليّ، تراوح هذا الرقم بين 2.2 و 3.3 في مدينة ووهان.

لا تعني هذه الأرقام أنّ الأمل قُطع نهائيّاً بقرب احتواء المرض، أكان لأسباب طبيعيّة أم لأسباب طبّيّة. لكنّها تعني أنّ هذا المسار لا يزال طويلاً على الأرجح.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم