السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الاغتراب اللبناني العابر للبحار... نعّوم أبي راشد: لبنان بحاجة للتغيير

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
الاغتراب اللبناني العابر للبحار... نعّوم أبي راشد: لبنان بحاجة للتغيير
الاغتراب اللبناني العابر للبحار... نعّوم أبي راشد: لبنان بحاجة للتغيير
A+ A-

هو نعّوم أبي راشد، رئيس جمعيّة Diaspora Libanaise Overseas (الاغتراب اللبناني العابر للبحار)، رجل لبناني الهويّة والانتماء، من وادي شحرور قضاء بعبدا، عاد إلى وطنه الأمّ منذ سبعة أشهر، ليستقرّ في منزل عائلي قديم عمر حجره 170 سنة. هاجر في كانون الأوّل 1975، إثر تعرّض محال العائلة في عالم الموضة والأزياء للاعتداء بالقنابل والحرق في باب إدريس وفردان مع إندلاع الحرب في لبنان. خَسِرَ أبي راشد كلّ شيء. وَضَّبَ أمتعته، فكانت وجهته بلجيكا ثمّ باريس وميلانو حيث ثابر على عمله كموزّع ومستشار في الموضة.

Diaspora Libanaise Overseas

في عام 2008، قرّر المكوث مع ابنتيه الاثنتين في فرنسا وأعاد ارتباطه ببلده. يختصر أبي راشد نضاله في العمل الاجتماعي من أجل قيام دولة المواطنة والإنسان. بعد دراسة معمّقة حول الأقليّات، أطلق في تشرين الثاني 2010 جمعيّته الخاصة بالاغتراب اللبناني. نظّم حفلات ثقافيّة حَضَرها، حسب قوله، آلاف اللبنانيين وشارَكَ فيها نحّاتون ومصوّرون وفنّانون نجوم مثل كارول سماحة. تمّ إحياء عدد من اللقاءات في صرح اليونيسكو في فرنسا. أعلى صفحته في فايسبوك دوّنَ: "في الاغتراب، نحن جميعاً مواطنون لبنانيّون، يوحّدنا حلمٌ واحد: إعطاء أجيال المستقبل دولة مستقلّة يحلو العيش فيها".

يُعبّر أبي راشد عن مشروعه لـ"النهار": "أريد أن يبقى حبّ لبنان في قلوب المغتربين". ويستكمل: "ما أجمل من أن ترى ألف ومئتي شخص يهتفون معاً لبنان لبنان... الوافدون إلى الحفلات معظمهم من الطلّاب والجمهور من كلّ الطوائف والطبقات الاجتماعية". يرمي أبي راشد من خلال منظّمته إلى جمع وتوحيد المغتربين حول الهويّة الوطنيّة، فأقام محاضرات عن الهويّة اللبنانية في هذا السياق. أمّا الهمّ الأساسي الذي استحوذ على فكره فهو حصول اللبنانيين على احترام دولي وتكوين قوّة اقتصاديّة فعليّة، إذ إنّه "يوجود أكثر من 9 ملايين مغترب لبناني في العالم".

في عام 2017، أوكِلت له مهام رئاسة جمعيّة قدامى جامعة اليسوعية في فرنسا "Anciens USJ-France"، وعمل على "مساعدة الطلّاب والشباب في التعليم، فنظّم حفلات عشاء لجمع التبرعات للشباب اللبنانيّين في باريس". في عام 2018 ساهم في إنشاء اتّحاد "ID Pro Lib" في فرنسا للتوظيف والتكنولوجيا.

فنّ، نقاش وطاولات مستديرة

بعد الـ2017 نظّم طاولات مستديرة حول دور الدياسبورا في إعادة بناء لبنان. اهتمّ بمشاكل المجتمع المدني وبأزمة النفايات وبانتخابات 2018، فباتت نشاطاته مزيجاً من الثقافة والتربية والسياسة والوطنيّة. أمّا اليوم فيتابع مبادراته في الوسط المغترب، وينظّم مع أعضاء جمعيّته في باريس عدّة جلسات نقاش ومناسبات ثقافيّة. على جدول أعمال هذه السنة: مائدتان مستديرتان حول الفساد في لبنان؛ حفل موسيقي (فيولون وبيانو) يعود ريعه لجمعيّة "رابطة الإنسان" اللبنانية؛ طاولة مستديرة حول مئوية الدولة من وجهة نظر سياسيّة؛ حفل موسيقي مع فرقة "راند"، مسابقة تصوير في التراث والثورة.

من اللافت، نظرته للمواطنين الذين غادروا دولتهم بسبب الحرب وتقهقر الحالة المعيشية. يجزُمُ "اللبناني الذي سافر إلى الخارج ليس بلاجئ، فهو هاجر وصنع نفسه بنفسه. تابع دراسته، تخصّصّ، زاوَلَ أو أنشاً عملاً. وهذا فخر لنا".

بين الماضي والمستقبل

بعد عقود من الغضب والاشمئزاز من الحالة في لبنان، عاد نعّوم أبي راشد إلى بلاده متفائلاً بالجيل الجديد الذي وُلِدَ بعد الحرب في لبنان. يبلور اليوم مشروعاً مؤسّساتيّاً اقتصاديّاً International Lebanese Plateform للشراكة في القطاع الخاص مع الدياسبورا، إذ إنّ "خلاص أبناء لبنان هو من خلال الاغتراب".

احتفظ الرجل بصور جميلة من بلده. يروي: "قبل الدراسة الجامعية والعمل، أقمت جمعيّة من أجل سباق السياراتASAL . كنّا ننظّم سباقات على الشاطئ اللبناني. لم يكن لي مشاكل مع أحد، وكان أصدقائي من كلّ الطوائف المسيحيّة ومن السنّة والشيعة... كانت الحياة جميلة إلى أن وقعت الحرب. بعد حادثة عين الرمانة، استهدفت متاجرنا "لأننا كنّا نمثّل على ما يبدو مجموعة المسيحيّين"، إشارة إلى طابع النزاع الطائفي - السياسي الذي ولّدته حرب الآخرين في لبنان. يستطرد: "منذ سنّ الشباب وأنا أحبّ العمل السياسي. كنتُ في حزب الرئيس كميل شمعون العابر للطوائف. وكان عهده من أفضل العهود". يشعر أبي راشد بالأمل إزاء التطوّرات على الساحة المحليّة. "ثار الجيل الجديد ضدّ منظومة زعماء احتكروا الحكم لمدّة 30 عاماً ولبنان بحاجة للتغيير... الشباب اللبناني المنتفض ضدّ النظام السائد والتبعيّة شجاع وخصوصاً الشابات والنساء؛ فالكلّ يريد مستقبلًا أفضل".

في النتيجة، بالرغم من المسافات والألم الذي خلّفته الحرب، ما زال قلب نعّوم أبي راشد ينبض حبّاً للبنان، وعودته خير دليل على ذلك. كثيرون من الذين شرّدتهم الحرب يأملون بالرجوع ويتحيّنون الفرص المؤاتية... عسانا نصبح على أوضاع أفضل.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم