الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

تحوّلات موازين القوى... مَن المستفيد مِن معركة شمال شرق سوريا؟

تحوّلات موازين القوى... مَن المستفيد مِن معركة شمال شرق سوريا؟
تحوّلات موازين القوى... مَن المستفيد مِن معركة شمال شرق سوريا؟
A+ A-

يغير قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا موازين القوى جذرياً في شمال شرق البلاد ويوجد فراغاً تتسابق روسيا وتركيا وإيران على ملئه.

بينما تواصل القوات التركية زحفها جنوباً داخل الأراضي السورية، دعا الأكراد الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد والتي تدعمها روسيا إلى دفع قواتها للتقدم من الجنوب ومن الغرب. وتستغل قوات الأسد التراجع الأميركي لبسط سيطرتها على منطقة غنية بالموارد كانت قد انسحبت منها قبل سنوات. وتضم هذه المنطقة معظم الأراضي السورية التي كانت تشكل "دولة خلافة" أعلنها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي لجأ مقاتلوه إلى العمل السري لكنهم تعهدوا النهوض من جديد. ويقبع في سجون بالمنطقة أكثر من عشرة آلاف من مقاتلي "داعش"، بعضهم من المقاتلين الأجانب الأشداء الذين ترفض حكومات غربية إعادتهم إليها، كما يقيم عشرات الآلاف من أفراد أسرهم في مخيمات بالمنطقة.

الهجوم التركي إلى أين؟

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يريد توطين ما يصل إلى مليونين من اللاجئين السوريين، كثيرون منهم من العرب السنة، في المناطق التي تستهدفها العملية العسكرية، وهي مناطق تسيطر عليها في الوقت الحاضر قوات يقودها الأكراد.

وقد ركزت القوات التركية وقوات المعارضة السورية التي تدعمها أنقرة في الأسبوع الأول من العملية على إخراج مقاتلي "وحدات حماية الشعب" المؤلفة من أكراد سوريا من مدينتين حدوديتين كبيرتين هما تل أبيض ورأس العين اللتان يفصل بينهما نحو 120 كيلومتراً.

وعلى رغم موجة من الانتقادات الدولية، أكد أردوغان أن لا شيء سيوقف العملية ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين بسبب صلاتهم بـ"حزب العمال الكردستاني" الذي يشنّ تمرداً في جنوب شرق تركيا. وأوضح أن تركيا ستسيطر على شريط حدودي يمتد مئات الكيلومترات من كوباني (عين العرب) في الغرب إلى الحسكة في الشرق وبعمق 30-35 كيلومتراً في الأراضي السورية. وصرح مسؤول تركي لـ"رويترز" بأن العملية تسير "بسرعة كبيرة وتحقق نجاحاً". وأضاف أن المرحلة الأولى ستكتمل بحلول 13 تشرين الثاني موعد لقاء أردوغان وترامب خلال زيارة لواشنطن وذلك من غير أن يحدد عمق التوغل التركي في ذلك الوقت.

ما هي أهداف الأسد؟

ويعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية ونشر الجيش السوري منعطفاً رئيسياً في الصراع السوري، ذلك أنه يعيد لحكومة الرئيس بشار الأسد موطئ قدم في أكبر قطاع من البلاد لم يكن تحت سيطرتها.

وتختزن المنطقة موارد نفطية وزراعية ومياهاً، وكذلك سد الطبقة الذي يستخدم في توليد الكهرباء، وكلها موارد حيوية من شأنها تحسين قدرة الحكومة على مواجهة تداعيات العقوبات الغربية.

وأفادت وسائل إعلام رسمية في سوريا، أن القوات وصلت إلى الطريق السريع "إم4" الذي يمتد من الشرق إلى الغرب على مسافة 30 كيلومترا تقريبا من الحدود مع تركيا، أي على حدود "المنطقة الآمنة" التي تعتزم أنقرة إقامتها. والثلثاء دخلت القوات السورية مدينة منبج في منطقة كانت تركيا والولايات المتحدة تنظم فيها دوريات مشتركة. غير أن جيش الأسد أنهكه الاستنزاف الذي تسبب فيه الصراع الطويل والآن بات يعتمد بشدة على روسيا وإيران وفصائل شيعية بينها "حزب الله" اللبناني.

ما معناه للحكم الذاتي الكردي؟

واغتنمت الجماعات الكردية في سوريا انسحاب القوات الحكومية من الشمال الشرقي في بداية الصراع السوري لإنشاء مؤسسات للحكم الذاتي وتدريس الكردية في المدارس المحلية. وعندما انكشف الأكراد أمام الهجوم التركي من جراء الانسحاب الأميركي، دعوا الجيش السوري للعودة، وهي خطوة سلطت الضوء على مدى ضعفهم وكانت إيذاناً بنهاية الكثير من أحلامهم. وسيسعى الأكراد للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحكم الذاتي في محادثات سياسية مع سوريا، وهو هدفهم المعلن منذ فترة طويلة. لكن لم يعد لهم حليف قوي يناصرهم.

ومع ذلك تشترك دمشق و"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) التي يغلب عليها الأكراد في هدف طرد تركيا من الشمال السوري أو وقف الزحف التركي على أقل تقدير. وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس: "دمشق تحتاج إلى الأكراد. فالأكراد ودمشق يشتركون في أمرين: معاداة تركيا والرغبة في منع سيادة فصائل المعارضة السنية في شمال شرق سوريا‭‭‭"‬‬‬. وأضاف: "لكنهما لا يتفقان على أي شيء عندما يتعلق الأمر بحكم شمال شرق سوريا".

ما مصير "داعش"؟

كانت "قسد" التي يقودها الأكراد هي القوة الرئيسية على الأرض في الهجوم الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي استعاد الأراضي السورية من "داعش" بما في ذلك مدينة الرقة العاصمة الفعلية لـ"دولة الخلافة" التي أعلنها التنظيم. وكانت واشنطن تستعد قبل انسحابها لتدريب قوة تابعة لـ"قسد" وتجهيزها لتحقيق الاستقرار في المنطقة وذلك لمنع عودة المتطرفين الذين ارتكبوا مذابح واسعة في حق الأكراد في المدن التي سيطروا عليها.وتقول "قسد" إن الهجوم التركي ساعد في تنشيط خلايا نائمة تابعة لـ"داعش" بعد سنة واحدة من هزيمة التنظيم. وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات بما في ذلك تفجير سيارة مفخخة خارج مطعم في مدينة القامشلي كبرى المدن الكردية، غداة بدء التوغل التركي. ومنذ بدأ القتال الأسبوع الماضي، تقول "قسد" إن اضطرابات حصلت في السجون التي تحتجز فيها المقاتلين وفي مخيمات تحتجز فيها زوجات هؤلاء وأولادهم.ومن المنتظر أيضاً أن تحقق إيران حليفة الأسد مكاسب. فمن المرجح أن تساعد فصائل شبه عسكرية عراقية تدعمها إيران على الحدود العراقية - السورية الأسد في بسط سيطرته، الأمر الذي يدعم خطوط إمدادها على مسار يمتد من طهران إلى بيروت.

ماذا تريد روسيا؟

ويعكس دور روسيا في سوريا والذي لا غنى عنه تحولاً أكبر في الشرق الأوسط من دمشق إلى الرياض كما اتضح من جولة الرئيس فلاديمير بوتين في الخليج هذا الأسبوع، بما في ذلك زيارته الأولى للسعودية منذ أكثر من عشر سنين.

كان التدخل الروسي بسلاح الجو في 2015 هو الذي ساهم في تحويل مسار الحرب الأهلية السورية لمصلحة الأسد، وعزز قرار ترامب سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا دور موسكو المحوري في تشكيل مستقبل البلاد. وأفاد مصدر إقليمي مؤيد لدمشق :"تجري محادثات تركية - روسية... لتحديد الإيقاع في شمال سوريا ولا سيما شرق نهر الفرات. هم الذين يحركون كل هذه الخطط".

وقال المسؤول التركي إن أنقرة "تعمل بتعاون وثيق للغاية مع روسيا"، كما أبرز أردوغان الاثنين أهمية روسيا عندما قال إن الرئيس بوتين أظهر "نهجاً إيجابياً" إزاء الوضع. وربما تمكن البلدان من صوغ اتفاق يقسم الحدود الشمالية مناطق سيطرة جديدة ويمنع نشوب حرب بين حليفيهما المحليين وهما الحكومة السورية من جانب والمعارضة المناوئة للأسد من جانب آخر.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم