السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مَشهد كومبارس

المصدر: النهار
بتول دندشي
مَشهد كومبارس
مَشهد كومبارس
A+ A-

أمرُّ أمامَ جسدك ككومبارس

لا مشهدَ لي سوى العبور،

أنظرُ إلى أصابعي التي اتكأتَ عليها

إنّها زرقاء يابسة.

تنظرُ أصابعي إلى ظلي الذي اتكأ عليك

إنه أبيض... بلون الجسد.

أنظرُ إليكَ تمرُّ أمامي ككومبرس أيضًا

لسنا بطلي القصة

لن نشكّل فرقًا في النهاية أو البداية.

لسنا شرطةَ الحوار

ولا علامة استفهام حولنا.

أمرُّ أمام جسدك الدافئ

" هذا دفء الضوء الأصفر" قال لي صوت ما.

الضوء الأصفر يسبّب لكِ وجعًا في المعدة.

كيفَ تعرف المعدة أن الضوءَ أصفر؟

كما تعرف عيناكِ أن هذا الجسدَ دافئ دون لمسه.

أنظر إلى كفّ يدي

إنه أزرق يابس.

ما الذي تحدثينه بنا؟ قال جسدي المستلقي تحت شجرة الصفصاف.

قلت: أحتاجُ إلى الدّفء.

"لقد زفّتوا الطريق كي تمرّي أسرع". قال لي صوت ما.

ثمّة شيء أبيض يسبح هناك

وضعَ تحتَ جلده جسدًا يخصّني

ابتلعَ السّماء وكل ما دفعته مع الدّخان نحوها.

أمرّ أمام هذا الجسد ككومبارس

هو حقيبة بنيّة

وأنا بالون هليوم معقود بيدِ القدر... لا دور لي

لا مشهدَ سوى العبور.

أنظرُ إلى ذراعي... إنّها زرقاء

" إنها خضراء متعفنة" قال صوت ما.

أنتِ مصابة بعمى ألوان، ألا تذكرين؟

كيف أتذكّر شيئًا لم أبدُ فيه غريبة، ولم أعرف فيه أنني تشرّبت التعاسة في كعكة حظ؟

الموتُ قادم... أشتمّه بقوة.

وما رائحة الموت؟

رائحته غُربة.

وما رائحةُ الغربة؟

مياه مالحة... سيارة مكيّفة... طريق طويل... جلدٌ رخيص ينسلق... غرفة انتظار... وبطاقة حجز.

وكيفَ ستنقذين نفسك؟ قال صوتٌ ما

سأغيّر نص الحوار لأكون أكثر من كومبارس،

ضحكت الورقة حتى بلّلت نفسها، فمزقت نفسها.

أنظرُ إلى أطرافي

لونها كالطحالب...

ماذا تريدين من هذا المشهد قبل أن ينتهي؟

أريدُ أكثر من عبور... أريد اصطداماً عنيفًا

دورًا مهمًّا... وجبةً تليق ببطلَي قصّة

تصفيقًا يليق ببطلَي قصّة

أن أعبرَ أمام جسده ككومبارس وأصطدم بالهواء المتروك خلفه كبطلة...

أن تشعر معدتي بالدفء

أن أتكلّم في المشهد وأبكي وأتلوّى وألوّح للناس من الخلف.

كما تلوحين للغربة؟

كما ألوّح للحُب... لوطنٍ سيبقينا ككومبارس لا مهمة له سوى أن يعبر بهدوء...


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم