السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

وهمُ الإصلاح

المصدر: النهار
شادي نشابة
وهمُ الإصلاح
وهمُ الإصلاح
A+ A-

قريباً هناك إقرار لخطة إقتصادية ومالية للدولة اللبنانية، ورغم أنّ هناك حالات هرج ومرج وكأنها انتصار للدولة في وضع هذه الخطة، لا نتفاءل كثيراً، لأنها باللبناني "إبرة مورفين" فقط ليس أكثر.

لبنان لم يمرّ فعلياً بمرحلة اقتصادية ممتازة، ولكن كان وضعه الاقتصادي أفضل في مرحلة من المراحل، لأن سياسته وقدرته المالية والدعم الدولي والإقليمي كان موجوداً بشكل وأوسع وخصوصاً في مرحلة التسعينيات حيث كانت هناك مؤتمرات دعم مختلفة، وكان هناك توافق إقليمي دولي على الاقتصاد اللبناني وبنائه بعد الفترة العصيبة التي مرّ بها خلال الحرب الأهلية.

بدأت التغيرات السياسية بعد عام 2000 حيث تراجعَ الدعم خطوة، كدعم الدولة حتى انهارت التسوية بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولكن لبنان كان قائما ًعلى هذا الدعم وليس على خطواته الاقتصادية المثالية. الفساد في لبنان لم يكن يوماً غير موجود بل إنه قوت الفئة المسيطرة على البلد، لا بل أكثر من ذلك، إنه ثقافة عند الطبقة السياسية والمواطن اللبناني على السواء.

لم يتغير شيء عن قبل، ولكن من تغير هو الدعم المالي الذي كان موجود سابقاً. لم تتغير السياسة المالية، ولكن إيرادات الدولة وديونها ازدادت، والظروف السياسية المختلفة في المنطقة أثرت سلباً، وسوف ينهار الاقتصاد على المستفيد وغير المستفيد من السياسة المالية للدولة إن بقيت كما هي.

باللغة العامية "ما فضَّل شي لينسرق".

ما تسعى إليه الدولة أن تبقي بعض نوافذ الهدر لاستمرار الانتفاع من موارد الدولة، وضبط مكامن هدر أخرى لا تؤثر بالمباشر على الحكام. طبعاً، المواطن لم يعد لديه ثقة بقرارات الدولة، وطبعاً، المقررات الإقتصادية الجديدة لن يكون المواطن مرتاحاً لها، لأن المستفيدين المشتركين من بعض رجال الأعمال وبعض الساسة ما زالوا يحافظون على مصالحهم من ضمن الخطط الاقتصادية الآتية.

"هناك مافيا من المستفيدين لديها مصالح مشتركة تحكم البلد".

ننظر إلى الورقة الاقتصادية المقدمة، فنرى فرض رسوم من هنا وضرائب من هناك، وخفض دعم من هنا وخفض دعم من هناك، ولكن بالله عليكم هل ذلك فقط مصدر الانهيار الاقتصادي في الوطن؟

هل هناك سياسة فعلية لدعم الصناعة في لبنان؟ هل هناك سياسة فعلية لدعم الزراعة في لبنان؟ ومن مقلب آخر، أين إيرادات مرفأ بيروت على سبيل المثال؟ وغيرها وغيرها.

إن أردنا فعلاً أن نثق بمن يضعون الإصلاحات المالية والاقتصادية، علينا أن نرى الإصلاحات التي تمسّ جيوب المواطنين بالمباشر، فهل هناك رؤية فعلية لضبط هدر المناقصات والتي تحصل من ورائها حيث أصبحت المنفذ الأساسي لتحقيق إيرادات مالية ضخمة لبعض الساسة؟ أين الدولة من صفقات التعهدات التي تحصل بملايين الدولارات؟ أين الصفقات التي تحصل بقطاعات مختلفة؟

هناك صفقات كثيرة تحصل والمواطن اللبناني يعلم بها من شركات تعهدات وبنى تحتية مختلفة حيث يتم تقاسم الغنائم بين طبقات سياسية مختلفة. هل سيكون ذلك جزءاً من الإصلاحات المالية؟ طبعاً الجواب من الآن: "كلا"

لأنها تؤثر بالمباشر على المافيا المستفيدة.

في الختام، الإصلاح المالي لا يمكن أن يكون بالمفرق، ويجب أن يحصل بالجملة وبشكل مدروس، أما كل ما نسمع عنه اليوم من شعارات إصلاح مالي واقتصادي هي لفترة قصيرة المدى، لأن مكامن الهدر الأساسية باقية إذ لا يوجد قرار سياسي بوقفها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم