السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"هَوَس"... مزجُ المسرح الاجتماعي بالدراما والخيال العلمي

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
"هَوَس"... مزجُ المسرح الاجتماعي بالدراما والخيال العلمي
"هَوَس"... مزجُ المسرح الاجتماعي بالدراما والخيال العلمي
A+ A-

عند مفارق الحياة تقطن الصدفة. ترحل حيناً لتراودنا أحياناً، تاركةً خلفها أسئلةً بعضها لا نعرف له جواباً. أسئلة كثيرة أراد لها بطل مسرحية "هَوَس" (كتابة نانسي صوايا وإخراجها)، جاد خاطر، الذي يتكتّم عن اسم الشخصية الرئيسية، جواباً من والده. والدٌ قد نراه غريب الأطوار. لا ينقصه شيء من الدهاء. عصفت بنفسه رياح الحياة العاتية. بصقت غيومها في وجهه. يلجأ لاستنساخ طفله وهو في الخامسة من العمر، بعد تخبّطه مع المشاكل وبلوغه قاع الدرك. أراد لنفسه بتحدّيه الطبيعة وقوانينها، حدّ كسرها، انبعاثاً جديداً. نسختين من الشاب الذي يكبر في كنفه، كفيلتين بإحداث زلزالٍ مدوٍّ بقوة 10 درجات على مقياس رابطة الأبوة. ولقلب ساعة الرمل الذي أراد الوالد دفن السر فيه، للعودة إلى الوراء، واكتناه ما جال في نفسه يوماً. "لماذا؟". 

بدورنا نتساءل متى وأين وكيف اكتشف الابن الثلاثيني أنّ، في زاوية ما من لبنان، نسختين طبق الأصل عنه تعيشان بسلام، بجسدٍ ودم، بعقلٍ وروح. يستبدل الممثل الشاب جاد خاطر الجواب بضحكة. لعلّ الأمر غير مهم، وما من شأنه استرعاء اهتمام المشاهد هو علاقة الابن بوالده غداة اكتشاف الأمر، وعلاقته بأخويه ذوي الخمس وعشرين سنة، وهذه الـ"لماذا". "المسرحية مصغّر عن المجتمع"، يقول خاطر، المؤمن أيما إيمان بالمسرح وبـ"هوس" على حدٍّ سواء. على وراءة ستارة حمراء في طابقٍ من بنايةٍ بيروتية تتّضح الصورة. المسرحية اجتماعية - درامية. الخيال العلمي علّة انطلاق الأحداث. ترتقي بين الأعمال المسرحية لتحتل منزلة "النخبوية".

نسأله عن الهدف من تقديم مسرحية كهذه. عن الهدف من تقديم مسرحية، أساساً. تعاوده الضحكة، يعترف بتقلّبات المسرح اللبناني وتعثّره. يقرّ بغياب الاكتراث بالثقافة والوعي حيال أهمية المسرح في مجتمعنا. يختصر جوابه بكلمات ثلاث: "نريد أن نخلق، نحكي ونسأل".

تتمحور المسرحية حول مفهومي الضمير والأخلاق. تلعب نانسي صوايا كتابةً على وتر الهوية، هذا المركّب الخاص بكل فرد، مميّزاً إياه، تماماً كبصمة عينه. تنطلق من مقابلة الهوية بالفردية الإنسانية. تجسّد الصراع  بين عناصر النص والشخصيات إخراجاً. مسرح مناسب لقصة مماثلة. إضاءة ومؤثرات صوتية. أداء كل من جاد خاطر للشخصيات الثلاث، جويل منصور لدور مريم، مساعدة اجتماعية يلجأ إليها الوالد للوصول إلى غايته، وربما تحقيق "هوسه"، وعبده شاهين لدور الأب، عادل، الغائب جسداً والحاضر بصوته خلال العرض المسرحي. وهي إذ تقدّم عملاً اجتماعياً، "تطرح مسألة الطبيعي، الذي يولد فطرةً مع الإنسان، مقابل المكتسب". لصوايا ثقافة مسرحية عالية، واطّلاع على مدارس المسرح كافة وتياراته وأعمال رواده. فقد ألهمتها كاريل تشرشل بمسرحيتها "A Number". حثّتها على الكتابة، على العطاء ومخر عباب الخيال. كذلك فعل الأميركي إدوار ألبي ومسرحية "The Zoo Story". 

يتكلّم خاطر على صعوبة الدور ومدى تشويقه له. يشيد بالحرية التي أعطته إياها صوايا خلال التمرين للتجربة، الانزلاق، فإعادة المحاولة. "فريق العمل متكامل، يقوم على اختصاصيين كفيّين، من مختلف الاختصاصات الفنية". لدى تأسيسهم "Candlemoth"، وهي مجموعة مؤلفة من سبعة أفراد يؤمنون بأهمية الفن وقوته، شعر خاطر أنّها عائلته. تبنّت المسرحية وتكلّفت بإنتاجها. تحقّق ما طمحوا إليه: "إعلاء صوت المجتمع وموهوبيه للتواصل والتعبير وإحداث تغيير".

بعد نجاح المسرحية التي كانت في الأصل مشروع تخرج نانسي صوايا في الدراسات العليا، راهن فريق العمل على نجاحها غداة طلب "مسرح دوار الشمس" منه عرضها. يرى خاطر أنّ الأهم هو التركيز على العمق، وسبر غور نفسيات الشخصيات وتفهّم ظروفها، "لأنّ أحداً لن يعيش ما عاشه الأخوة الثلاث بالطريقة عينها والمسار عينه". يعد الجمهور بعمل "مرتّب"، وبحوارٍ تفاعلي مع فريق العمل والممثّلين إثر انتهاء العرض المسرحي الأول.

يستضيف مسرح دوار الشمس - بدارو المسرحية يومياً، بدءاً من 19 أيلول ولغاية 22 منه، 8:30 مساءً.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم