الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

مَنْ "يغشُّ" مَنْ بحكومة الـ 8+ 8+8؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

يتساءل اللبنانيون إذا كانت "الإيجابيات الحكومية" التي يتحدث عنها على الأقل "طرابيش" الدولة والسياسة في لبنان حقيقية أو تمنيات أو نتيجة تبادل الجميع "الغش المتعمَّد".
ودوافع تساؤلهم كثيرة يمكن إيجازها بالآتي:
1- تحدَّث "الكبار" كلهم مباشرة عن حكومة جديدة تتوافق مع مطلب الرئيس المكلَّف تمّام سلام وتتألف من ثلاث ثمانيات. الأولى لـ8 آذار والثانية لـ14 آذار والثالثة لـ"الوسطية" المستجدة الممثلة بالزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط والرئيس سليمان وسلام. هذا الحديث لا يعكس حقيقة الصيغة الحكومية المرتقبة. إذ ان أحد وزرائها سيكون "ملِكاً" ومن حصة رئيس الجمهورية كي يضمن عدم تمتع أحد بثلث معطَّل. لكن المعلومات تشير إلى اقتناع "الثنائية الشيعية" الحاكمة بأنه لا يستطيع أن يصمد شهرين في حال حصلت تطورات تفرض على "الثنائية" فرط الحكومة. وتشير أيضاً إلى أن كلاماً في هذا الأمر حصل بين المعنيين. كما تشير أخيراً إلى أن قصر بعبدا لم يكن ممانعاً.
2- تحدَّث "الكبار" كلهم مباشرة ومداورة عن تدوير زوايا. وفَهِم فريق 14 آذار من ذلك استعداداً لتفاهم فعلي على القضايا الخلافية الثلاث وهي اعلان بعبدا، وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، وانسحاب قوات "حزب الله" من سوريا، يسهِّل بعد تأليف الحكومة وضع البيان الوزاري ثم حصولها على الثقة النيابية. لكن فريق 8 آذار وتحديداً زعيمه "حزب الله" فهم من ذلك أن كل ما سيحصل هو استعمال اللغة العربية لتخبئة الخلاف على القضايا المذكورة أعلاه، بحيث يظن 14 أن 8 عدَّل مواقفه. علماً أن ظنه لن يكون صحيحاً. وعندما اكتشف 14 هذا الأمر اشترط صيغة إتفاق واضحة قبل تأليف الحكومة، فرفض 8 وشدَّد على أن البيان الوزاري يوضع بعد التأليف.
3- تحدَّث فريق 8 آذار عن تنازلات قدَّمها من أجل حل الأزمة الحكومية وذلك صحيح ولكن شكلاً. وربما فعل ذلك كي يرمي الكرة في ملعب غريمه فريق 14 آذار. فبادر هذا الأخير إلى الرد بإيجابية وإن مبالغ فيها في رأي جمهوره معيداً إياها إلى ملعب 8 آذار.
4- يتحدث الجميع عن أضواء خضر سعودية وإيرانية أمام تأليف الحكومة وأُخرى خضر دولية. والحديث صحيح مبدئياً. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل تريد إيران فعلاً تخلي "حزب الله"، صانع مجدها في لبنان بل في المنطقة من خلال مقاومة إسرائيل والانتصار عليها، عن "القضايا" التي يرفضها فريق 14؟ والجواب المرجَّح هو كلا. وهل نصحت السعودية الرئيس سعد الحريري بالتجاوب وبدخول حكومة مع "حزب الله"؟ وهل يقوم بأمر كهذا من دون استشارتها؟ والجواب أنها ربما تكون أعطت ضوءاً أخضر خفيفاً. لكنها لن تقبل في النهاية حكومة "أمر واقع" مموَّهٍ يسيطر عليها عملياً "حزب الله". وربما كان ضوؤها الأخضر استجابة لرغبة أميركية. والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه أيضاً هو، لماذا يستمر الدكتور سمير جعجع رئيس حزب "القوات اللبنانية" في رفض أي تنازل في القضايا الثلاث وبقوة خلافاً لرفيقه الحريري رغم أن علاقته بالسعودية متينة جداً ومتنوعة؟
5- يحاول البعض إقناع فريق 14 آذار بأن الثلث المعطل المموَّه والمعروف في آن لفريق 8 آذار ستقابله أكثرية وزارية له. لكن ذلك غير صحيح لأن من يؤمِّن الأكثرية هو جنبلاط بوزرائه الثلاثة، فهل هناك من يضمن وقوفه مع 14 عند "حك الركاب" بينه وبين 8 وتحديداً "حزب الله"؟ والجواب هو كلا. إذ أن وليد بك تسيِّره مصالحه لا عواطفه، وهي ثلاث: سلامته وزعامته وسلامة طائفته، وهي تقتضي عدم "اللعب" مع "الحزب" وخصوصاً في هذه المرحلة. ومن يعتقد أن فتح أبواب السعودية له يدفعه إلى التفريط في "البقاء" يكون واهماً.
في النهاية قد يكتشف فريق 14 آذار أن حكومة الـ9+9+6 التي رفضها أفضل وبكثير من صيغة الـ8+8+8 المتداولة حالياً نظراً الى الغش الذي يحيط بها. ذلك انها أكثر توازناً سواء في السلب أو الإيجاب. فهل يعود إليها؟ كما قد يكتشف اللبنانيون أن أحداً من أطراف اللعبة الحكومية والرئاسية من الرسميين والسياسيين لم يتخلَ فعلاً عن أهدافه الحقيقية. لكن الاكتشاف ليس مهماً. المهم أن يتم في الوقت المناسب لتلافي الإنفجار الذي ربما تكون بدأت طلائعه في عرسال وطرابلس أخيراً وبيروت والضاحية والهرمل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم