السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مئة عمل تشكيلي لأربعين فناناً من البقاع: وجه خلّاق وحضاري لمنطقة مجرّحة بأسباب التشويه

المصدر: "النهار"
محمد شرف
مئة عمل تشكيلي لأربعين فناناً من البقاع: وجه خلّاق وحضاري لمنطقة مجرّحة بأسباب التشويه
مئة عمل تشكيلي لأربعين فناناً من البقاع: وجه خلّاق وحضاري لمنطقة مجرّحة بأسباب التشويه
A+ A-

أقامت نقابة الفنانين التشكيليين والحرفيين في البقاع معرضاً فنياً في فندق بالميرا في مدينة #بعلبك. ضم المعرض ما يقرب من 100 عمل تشكيلي تعود إلى نحو 40 فنّاناً بقاعياً، وقد تنوّعت الأعمال من حيث أساليبها ومنطلقاتها، كما هي الحال عادة في المعارض الجماعية التي تشارك فيها مجموعة كبيرة من الفنّانين من ذوي الإهتمامات التعبيرية المختلفة.

ينبغي الإشارة، بداية، إلى أن عدداً لا بأس به من المشاركين لم يسبق أن تابعوا دراسة أكاديمية في معاهد فنيّة عالية، إذ أتت أعمالهم تبعاً لهواية وإهتمام شخصي وشغف حتى، ونتيجة لبعض التجارب التي بُنيت على أساس الإهتمام والشغف المذكورين. على أن حماسة واضحة كان يمكن رصدها في عملية المشاركة في المعرض وفي التعاطي معه، وقد تعود بعض أسبابها، وربما أهمها، إلى التوق لتبيان وجه مختلف للمدينة وللمنطقة، بعد سلسلة من الحوادث الأمنية التي عكّرت هذا الوجه، وخصوصاً لكون وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تترك حدثاً ما يمر مرور الكرام، من دون تناوله بأوجه شتى لا يخلو بعضها من التجريح والسخرية وبعض المبالغة.

جاء التنوّع في الأعمال المعروضة واضحاً، أكان من حيث الموضوعات أم من حيث التقنيّات، وإن كانت المشاهد الطبيعية هي الأكثر حضوراً. مشاهد تستلهم المنظر الطبيعي البقاعي مع ما يمكن أن يتضمّنه من عناصر إضافية عابرة، كما في لوحة خولة الطفيلي الحافلة بالضوء البقاعي، وذات الطابع الأقرب إلى الإنطباعية، أو مشاهد من قراه وهضابه القليلة الإرتفاع ومنبسطاته، كما لدى ياسر الديراني وفاطمة الحسيني، إضافة إلى المشاهد المدينية الخاصة بأحياء بعلبك التراثية التي عرضها محمد شرف. أما في ما يختص بالأعمال الهادفة إلى تصوير البورتريه والقامة الإنسانية في شكل عام، فلم تكن الأعمال كثيرة من حيث العدد، إذ لا شك أن المهمة هنا تتطلّب دراية مختلفة، ولو في بعض المناحي الأكاديمية، لتفادي إغراق العمل في السطحية أو الفطرية غير المستندة إلى مفاهيم نظرية واضحة.

رأينا انعكاساً مقنعاً وإحترافياً لهذا الإتجاه لدى ريتا كيروز وزينب دندش، حيث يغلب الطابع الإنساني على لوحة كيروز، والإتجاه المائل إلى الزخرفة في الثلاثية التي عرضتها دندش، التي يبدو أنها تولي إهتماماً واضحاً بالزي التراثي. كما لم يخل المعرض من أعمال السيراميك ذات الوجه التراثي بدورها، وذات الصناعة المحترفة، التي عرضتها هيام وهبة.

وبما أن الحروفيّة لا تزال تستهوي الكثيرين، فقد كان حضورها بارزاً في المعرض ، بحيث أفردت زاوية خاصة في القاعة لعرض الأعمال المنتمية إلى هذا النوع الفنّي. هنا، أيضاً، لم تأت الأعمال كلّها على المستوى نفسه، إذ غلب على بعضها الهمّ الزخرفي (وهو، عادة، ليس ببعيد عن هذه الفئة الفنية)، في حين لمسنا إبتكارات لا بأس بها في لوحات أخرى، كما لدى محمد الأطرش، ولدى آخرين أيضاً.

في الأحوال كلّها، كان المردود العام للمعرض إيجابيّاً إلى حد بعيد، إذ كان الحضور البشري لافتاً، وتخلل العرض بعض النقاشات بين الحاضرين حول ما رأته أعينهم، وجملة من الإستفسارات المتعلّقة بالتقنيات المستعملة في الأعمال. هذا الأمر، إن دلّ على شيء، فعلى إهتمام حقيقي بالتشكيل وتالياً بالشأن الثقافي الذي يشكّل الفن التصويري أحد روافده. وهذا يشير، كما ألمحنا سابقاً، إلى تبيان حقيقة مختلفة حول طبيعة هذه المنطقة، التي طالما وصمت بصفات لا تنطبق إلاّ على حوادث منفردة، لكنها، للأسف، تطفو على السطح أكثر من سواها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم