السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

القيادة السعودية انتصرت للمرأة... منحتها جواز السفر الحر وفكّكت نظام الوصاية

مهى سمارة
القيادة السعودية انتصرت للمرأة... منحتها جواز السفر الحر وفكّكت نظام الوصاية
القيادة السعودية انتصرت للمرأة... منحتها جواز السفر الحر وفكّكت نظام الوصاية
A+ A-

في 30 تموز الماضي، عهد جديد قد بدأ في المملكة العربية السعودية وفجر جديد قد انبثق حين أقرت الحكومة السعودية استكمال الحقوق الشرعية والقانونية للمرأة السعودية بمنحها الحق لاستصدار جواز سفر بمفردها من دون وصاية الزوج أو الأب أو الشقيق.

وبهذا القرار تكون المملكة قد فككت نظام الولاية الذكورية. ونظمت وثائق السفر والأحوال المدنية للمرأة وحررتها اعترافاً بمكانتها وبدورها البناء في ورشة البناء والإنتاج القائمة على قدم وساق.

وبناء لتوصية الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أخذت هذه القرارات الشجاعة والثورية تشجيعاً للمرأة واعترافاً بحقوقها المهضومة لأجيال وأجيال وحثّها للاندفاع بقوة ونشاط لإثبات جدارتها وقدرتها على العمل والإنتاج والابتكار.

وبحسب القانون الجديد تستطيع المرأة السعودية أن تكون سيدة نفسها وربّة الأسرة التي تستطيع بواسطة القانون حضانة أولادها الرضّع والقصّر إذا كان الزوج مغيباً أو ميتاً. واعتبار المرأة ربة الأسرة يؤكد إعطاء الأفضلية لمن حضر من الزوجين: أب أو أُم لحضانة الأولاد.

هذا إنجاز كبير وخطوة جبارة إلى الأمام في تنظيم الأسرة السعودية وتنظيم حقوق المرأة للحدّ من الإجراءات السابقة الظالمة التي كانت تحرم النساء من السفر والعمل وتقيدهن بالخضوع إلى مشيئة الزوج والأب والشقيق وأي ذكر قريب.

وتأتي هذه القرارات المهمة بعد سنة من السماح للنساء بقيادة السيارة وبعد سنين من تسمية نساء أعضاء في مجلس الشورى ولو كان على نظام "الكوتا" وأشهر من تعيين سيدات كاتبات عدل وأعضاء في مجالس بلدية لمدن مهمة وكبيرة. ومن المؤمل أن يصدر لاحقاً قانون للأحوال الشخصية ضمن إطار محلي ووطني وإعطاء الحق للمرأة السعودية بإعطاء الجنسية لأولادها.

وأشادت الصحف السعودية والعربية بهذه الخطوات واعتبرتها "قفزات نوعية" في تحسين أوضاع المرأة السعودية ومساواتها مع الرجل في العمل والتقاعد والضمانات الاجتماعية. وهكذا "تكون الأمور قد رجعت إلى أصولها ووضعت في نصابها الصحيح".

وفي تعليق للكاتب الرئيسي في جريدة الشرق الأوسط عبد الرحمن الراشد أن "السعودية اليوم هي غير الأمس وما كان مستحيلاً أصبح واقعاً. الحياة تغيرت والقرارات أنهت ثلث قرن من مظاهر وتقاليد وقوانين كانت معوقة للتطور والحياة الطبيعية والعمل والعلاقات الاجتماعية".

عمل المرأة في السعودية كان تقليدياً ينحصر في التعليم والتمريض. أخيراً اقتحمت المرأة السعودية المتعلمة ميادين العمل في القطاعين العام والخاص. معظم قطاع السكرتارية والإدارة كان محسوباً على الرجال – الحال تغيرت مع تغيير الأحوال وأصبحت المرأة السعودية المتعلمة عنصراً أساسياً في سوق العمل حيث يطغين في المولات والمتاجر ومراكز التسوق الكبرى على الرجال.

المرأة أثبتت جدارتها وكفاءاتها وهي مخلصة في عملها، أمينة في ولائها، تتحمل المسؤولية وبعيدة من الفساد والرشوة. تريد أن تثبت أنها فعلاً جديرة بالثقة. والتحديات الكبرى والمعوقات التي واجهتها كانت تدفعها إلى النجاح بصبر ومثابرة ومكابدة. استطاعت أن تذلّل العقبات في البيت والعائلة والمجتمع وتحمّلت قساوة الأهل والمقرّبين وتمكنت من تحقيق ذاتها بفضل القيّمين المتنوّرين الذين يريدون تغيير المجتمع السعودي وتطويره نحو الأحسن والأفضل. بدءاً من تحسين أوضاع المرأة التي تمثل نصف المجتمع وأكثر.

المرأة السعودية الآن تحتل مراكز مرموقة في عالم الأعمال والشركات الكبرى العملاقة والمؤسسات الناجحة في ميادين المقاولات والمحاسبة، وكم وكم من النساء السعوديات اللواتي ورثن مؤسسات عن أزواجهن أو آبائهن وتربّعن على مجالس الإدارة بكفاءة مشهودة لهنّ. وللذكر وليس الحصر لبنى عليان ترأس شركة العليان وسعاد جيفالي ترأس شركة جيفالي وغيرهن...

ولفتة الملك سلمان وولي العهد تجاه النساء ظهرت جليّة بانتداب الأميرة ريما بنت بندر لتكون سفيرة المملكة العربية السعودية في واشنطن والمحاورة الأولى لتمتين العلاقات الأميركية السعودية. وقبلها عيّنت الحكومة السعودية نائلة السديري مديرة وكالة الانباء السعودية في واشنطن. ودخول المرأة السعودية مجال الوظيفة، تعييناً أو تكليفاً، سينفتح أكثر وأكثر خصوصاً أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مصمم على تنشيط الدور الثقافي والفني والسياحي في المملكة. انسجاماً مع خريطة الطريق 2030 التي تهدف إلى تطوير المجتمع السعودي ومواكبة التطورات التقنية والبشرية في العالم. وفي السنتين الماضيتين شهدت السعودية محطات مهمة. افتتحت دور السينما في جدّة والدمام ومقاهٍ ومرابع لتسلية الأهل والأولاد وأقيمت مهرجانات موسيقية وثقافية وفنية في مدينة أبها وغيرها معرفة الجمهور السعودي والعربي والاجنبي على تراث السعودية ومدنها الأثرية التي ترجع إلى آلاف السنين. التطورات الأخيرة على هذا الصعيد من الانفتاح اظهرت إمكانيات السعودية الكبيرة في السياحة، وأن البلاد تكتنز مخزوناً ثقافياً وحضارياً يكشف للعامة للمرة الأولى وأن الإرث المعماري والطبيعي للمملكة غني ومتنوع ومؤهل للاستغلال.

إعلاء الشأن الثقافي والسياحي والترفيهي للسعوديين سيفتح مجالات واسعة أمام الشباب والشابات للعمل، خصوصاً أن الاولياء يؤكدون حرصهم على تطوير وتفعيل القدرات البشرية المحلية وبناء كادرات إنسانية متميزة تستطيع تشغيل مرافئ المملكة وقطاعاتها بالاعتماد على أبناء وبنات البلد بالدرجة الأولى، وثمّة مشاريع كبرى واعدة مثل مشروع تطوير البحر الأحمر، سياحياً وثقافياً مما يتطلب كفاءات وقدرات كبرى.

الحياة في 2019 تغيرت عن الماضي، السعودية تشهد ورشة كبيرة تطال الإنسان قبل العمران. مدارس وجامعات ومعاهد ومراكز أبحاث مفتوحة أمام الجميع، نساءاً ورجالاً، الإقبال الكبير على العلم داخل المملكة وخارجها يبشّر بمستقبل باهر. برامج الانبعاث إلى الخارج هي الأكبر في المنطقة ومفتوحة للإناث والذكور للتخصص في أرقى جامعات أميركا وأوروبا.

في الماضي كانت المجالات ضيقة وعمل المرأة محدوداً. الآن الآفاق وسعت والعقليات تغيرت والخدمات توسّعت في جميع القطاعات. المرأة السعودية الآن تحتلّ مكانة مميزة في الحياة المهنية. عشرات المئات من طبيبات ومهندسات ومحاميات وأستاذات جامعيات وباحثات وصحافيات وشاعرات وروائيات... العلم هو مفتاح التقدم للمرأة والرجل، وكما كتب قاسم أمين، منذ مئة سنة، "علمن الفتيات وترون العجب".

تشجيع وسهر رسميان من أعلى المستويات لفرض التغيير في أوضاع المرأة من فوق وإخضاع الناس العاديين والمحدودي العلم والخبرة لالتقاط الفرص والسير إلى الأمام. اكيد أن معركة التغيير ليست سهلة ولا سريعة. المهم أنها انطلقت ومن الطبيعي أن تشهد هذه العلامات الفارقة معارضة ومشاكسة عند بعض الفئات التي يمكن أن تضع عراقيل! إنما بالارادة الصلبة والرؤية الواضحة والنوايا الحسنة والمثابرة يمكن التغلب عليها.

وخلال السنوات الأربع وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الانتقادات والاعتراضات التي شنّها المتزمّتون الدينيون وراءه وتابع مسيرة التقدم والتغيير بلا كلل ولا جلل. لأن الأغلبية معه وبخاصة جيل الشباب والشابات الذي يطمح إلى التغيير ويراهن على التطوير لينعم بالاستقرار والطمأنينة والراحة التي يؤمنها الحكم الرشيد. القيادة السياسية السعودية هي التي مكنت المرأة من أخذ حقوقها وانتصرت لها.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم