الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فرح المُصابة بالسرطان كانت تُدرّس طلابها "أونلاين" من المستشفى... الأمل الذي لا يموت!

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
لا يمكن مواجهة المرض إلا بالقوة والتحدي.
لا يمكن مواجهة المرض إلا بالقوة والتحدي.
A+ A-

قد تتشابه القصص أحياناً في مواجهة السرطان، لكن من المؤكد أن لشخصية المريضة دوراً أساسياً في التحدي. فكلٌّ يواجه المرض على طريقته، وإما أن يقبل المريض التحدي ويكافح حتى اللحظة الأخيرة، أو أن يضعف فتكون المواجهة أكثر صعوبة. وقد لا تكون الأمور لصالحه عندها. فرح شيت لم تضعف مرة أمام المرض، فلا تذكر    لحظة شعرت فيها بالخوف. من اللحظة الأولى قررت أن تكافح بشراسة لتحكي اليوم قصة نجاح وانتصار على المرض.

لعبت الصدفة دورها في قصة فرح (37 عاماً)، فلم تكن قد بلغت بعد سن الأربعين لتباشر بإجراء الصورة الشعاعية وفق التوصيات. لكن شاءت الصدفة أن تشجعها صديقتها على إجرائها. حتى إن الطبيبة لم تشجعها على ذلك باعتبار لم تبلغ بعد السن التي يجب أن تجرى فيها الصورة الشعاعية للثدي، خصوصاً بغياب أي مؤشرات تدعو إلى ذلك أو علامات تثير القلق. لكن بناء على إصرارها تبين أنها فعلاً مصابة بالسرطان بعد أن أخذت لها خزعة بسبب ظهور ورم بحجم السنتمترين في الثدي. "عندما توجهت إلى المختبر، وكان ذلك في 14 شباط، بعدما تلقيت اتصالاً لإعلامي بالنتيجة كنت أعرفها مسبقاً، وأدركت تماماً أني مصابة بالسرطان. لكن من اللحظة الأولى قررت التعاطي مع المرض وكأنه مجرد انفلونزا سأتعافى منها وأتخطاها وأعود إلى حياتي وسط عائلتي. كنت أعلم جيداً أن الضعف في مواجهة المرض يعني الهزيمة، وقبول التحدي والمواجهة بقوة وشراسة تعني الانتصار".

لطالما عشقت فرح التحديات، وتقر بأنها قوية بطبعها. عندما عرفت بمرضها لم تتفاجأ كثيراً لأنها كانت تشعر في

الصميم أنها مصابة بالسرطان. وعلى الرغم من أن الفحص الذي خضعت له لمعرفة طبيعة المرض أظهر أن ما تعانيه هو أحد أنواع السرطان النادرة والشرسة التي لا تتجاوب إلا مع العلاج الكيميائي، لم تستسلم. وما ساعدها على المواجهة أيضاً الدعم الذي حصلت عليه من محيطها، من زوجها وأصدقائها وزملائها في المدرسة  وبشكل خاص صديقتها التي لم تفارقها لحظة في كل خطوة أثناء هذه المرحلة. توضح أنه ثمة لحظات كانت تحتاج

فيها إلى وجود صديقة تشكو لها وتحكي عن مشاعرها، فتعبّر بصراحة عن أمور قد لا تتمكن من قولها لزوجها.

 

"عندما علمت بأني مرغمة على الخضوع للعلاج الكيميائي صُدمت إلى حد ما، ولم يكن الخبر سهلاً علي. لكن حتى

حينها، تخطيت هذه اللحظات الصعبة بشكل جيد. وطوال مرحلة المرض لم تنهمر دمعتي مرة خوفاً أو ضعفاً أمامه. فكنت مصرة على المواجهة حتى النهاية. كنت قوية ليس من الخارج فقط، بل من الداخل أيضاً".

عندما علمت بأنها ستخضع للعلاج الكيميائي فكرت باللحظة التي ستخسر فيها شعرها الأشقر الأجعد الذي يميزها.

بالنسبة لها بدا ذلك صعباً. حتى إن الطبيبة أكدت لها أنه لا يمكن اعتماد خوذة تجميد فروة الرأس في هذه المرحلة. استطاعت ان تتخطى ذلك فاختارت الشعر المستعار الذي اعتمدته طوال الوقت، خصوصاً أمام أطفالها حتى لا يشعروا بالتغيير في شكلها. وكان زوجها من حلق لها شعرها ووضعت بعدها الشعر المستعار. شعرت عندها بسعادة لا توصف عندما أطلت بعدها مباشرة أمام طلابها في صف أونلاين وهي تعرف جيداً ان شعرها سينبت مجدداً في مرحلة أخرى. وبعد كل جلسة علاج كانت تتوجه للتسوق لتمضية الوقت الممتع مع صديقتها حتى لا تفكر بالمرض والعلاج، فيما تنصح كل امرأة بفعل ذلك لأنه بالقوة والصلابة يمكن تخطي المرض.

اليوم، وبعد أن أنهت فترة العلاج الكيميائي وخضعت إلى 16 جلسة، لا تذكر أنها تخلّفت مرة عن تدريس طلابها عن بعد، حتى إنها كانت تحرص على متابعة الصف وهي تتلقى العلاج في سريرها في المستشفى وتتذكر ضاحكة أن طلابها كانوا يرون الأطباء من حولها أثناء الصف وقد اعتادوا على ذلك. لعلّ ما فعلته فرح شكل مثالاً لطلابها ولكل من عرفها وأيضاً أطفالها الثلاثة الذين كانت خير مثال لهم ومصدر قوة يمكن ان يتبعوه طوال حياتهم، على الرغم من لحظات الضعف التي مروا بها أحياناً، خوفاً على والدتهم في مواجهة المرض، فيما كانت هي حريصة على تشجيعهم وحمايتهم من أي أثر سلبي من حالتها هذه.

 

ماذا بعد المرض؟

بعد تغلبها على المرض تؤكد فرح أنها أصبحت أكثر قوة وصلابة، كما يغلب عليها الشعور بالفخر لاعتبارها أن ما حققته كان إنجازاً بعد أن استطاعت التغلب على المرض بإيجابيتها وحيويتها وحبها للحياة. وفي أوقات مختلفة شعرت باندفاع لمساعدة أخريات يشعرن بالخوف أمام المرض. وهذا ما تعتبره عامل خطر يمكن أن يؤدي إلى الفشل في التحدي. تبدو لها حياتها اليوم اجمل من السابق. فتجد حالياً لذة كبرى في العيش وسط كل من تحبهم ويحبونها.

أما بالنسبة إلى علاقتها بزوجها فلم تتاثر أبداً، كما يحصل أحياناً، بل على العكس قدم لها كل الدعم ووقف إلى جانبها حتى ازدادت علاقتهما متانة بفضل اهتمامه وحنانه وحرصه على الاهتمام بالأطفال في أوقات العلاج.

لكن تعترف فرح أن في قلبها غصّة لسبب واحد هو أن والدتها لا تعرف حتى الآن بمرضها. فهي تجنبت إخبارها، خصوصاً بعد وفاة والدها منذ شهرين خوفاً عليها من الصدمة، على الرغم من أنها تعافت وأنهت مرحلة العلاج. فهي تتمنى اليوم ان تخبر والدتها بما مرت به لا لشعورها بالضعف بل رغبةً منها في أن تفخر بها لما حققته. وعلى الرغم من أنها كانت مصدر قوة لكل من حولها، لكنها كانت تشعر برغبة بأن ترتمي في  حضن والدتها منتظرة ان ترى في عينيها الفخر الذي تشعر به بابنتها الوحيدة.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم