الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كي لا ننسى: لماذا تمت مقاطعة قطر؟

فيصل ج. عباس – رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز
كي لا ننسى: لماذا تمت مقاطعة قطر؟
كي لا ننسى: لماذا تمت مقاطعة قطر؟
A+ A-

لقد مر الآن ما يزيد على سنتين منذ بدأت الدول الأربع (السعودية - البحرين - الإمارات - مصر) مقاطعة دولة قطر. وحسب الوضع الحالي، لا توجد أي مؤشرات على أن هذه المقاطعة سيتم رفعها في وقت قريب.

ومع ذلك، على الرغم من أن هذا الصدع أصبح الوضع الطبيعي الجديد - إلا أنه من الأهمية بمكان بالنسبة للدول الأعضاء في الرباعية المناهضة للإرهاب تذكير الجمهور باستمرار بالخلفية والتاريخ الحقيقي للأزمة.

وتعود هذه الأهمية إلى أنه عندما يتعلق الأمر بهذا النزاع بالذات - وعلى الرغم من كل الجهود التي يبذلها المستشارون الإعلاميون الممولون من الدوحة - تظل الحقيقة أن النظام القطري هو المعتدي، وليس الضحية.

 

بطبيعة الحال، لا يعرف الجميع هذه الحقائق، وربما لا يوافقون عليها - إما بسبب المصالح المكتسبة أو ربما بسبب الجهل الشائع بين كثير من الدبلوماسيين الشباب أو موظفي السفارات الذين لم يخدموا في المنطقة من قبل.

يشمل هذا الموظف السابق في البيت الأبيض بن رودس وغيره من المسؤولين في عهد أوباما الذين اشتركوا في المخطط الرئيسي للنظام القطري لدعم الجماعات الإسلامية، والتي تصنف بعضها على أنها إرهابية، لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط (بالطبع، نشرها في كل مكان باستثناء قطر نفسها).

ربما يكون لدى آخرين، مثل وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون، أجندة أخرى لتعاطفهم مع هذا النظام الداعم للإرهاب. بالطبع، ساعد تيلرسون، بوصفه الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل، قطر على جمع ثروتها الهائلة في تسعينيات القرن العشرين. ويعود الفضل إليه في المساعدة على جلب تكنولوجيا الغاز السائل إلى الدوحة والمساعدة في تطوير المصانع التي جعلت الغاز القطري يمثل 30% من السوق العالمية بحلول عام 2010؛ من الواضح أن هذا جعل العديد من أصحاب المصلحة أغنياء للغاية.

ومع ذلك، من المفهوم أن تتمتع الدوحة بجاذبية خاصة. فهي دولة صغيرة مقارنة بمعظم جيرانها، لذلك يمكن أن تتظاهر بسهولة بأنها تتعرض للتنمّر، وتزعم كاذبة أنها تعاني من ظروف غير إنسانية.

ومع ذلك، هذه ليست سوى مقاطعة من أربع دول، وقد تم اتخاذ تدابير خاصة للحد من تأثيرها على المواطنين القطريين العاديين. على هذا النحو، لا تزال قطر حرة في التجارة والتعامل مع الجميع باستثناء الدول الأعضاء في الرباعية المناهضة للإرهاب. ومع ذلك، اتخذت السعودية ترتيبات خاصة لدعوة مسؤولي الدوحة لحضور جميع مؤتمرات القمم الخليجية والعربية التي تعقد في المملكة وللحجاج القطريين لأداء مناسك العمرة والحج.

ما يجب أن نتذكره أيضًا هو أن قطر ليست غزة. وأولئك الذين لديهم انتقادات يجب عليهم فقط مقارنة الرسائل المتضاربة لنظام الدوحة: من ناحية يقولون إنهم يعانون، ومن ناحية أخرى، يقولون إنهم أصبحوا أقوى وأفضل حالاً!

ومع ذلك، حتى المتعاطفون الأوائل مثل ريكس تيلرسون تراجعوا عندما أدركوا أن الكافيار والشمبانيا لا تزال تأتي جواً، وأن الحفلات الفخمة لا تزال تقام باستضافة أمثال باريس هيلتون، وأن السيارات القطرية الفخمة لا تزال تلوث شوارع أوروبا كل صيف.

والعامل الآخر هو أنه، بالنسبة للذين يفتقرون إلى الخبرة، تبدو قطر مثيرة للإعجاب بتمويلها ودعمها للمشروعات التجارية الأوروبية والأميركية، ومراكز البحوث التقدمية وحتى أندية كرة القدم. ومع ذلك، ينسى الناس - كما يفعل الكثيرون عند رؤية ملايين الدولارات تدخل حساباتهم المصرفية - أن هذه هي نفس الدولة التي رعت أيضًا جبهة النصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية.

وحسب الوضع الراهن، هناك إرهابيون مطلوبون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة يعيشون حياتهم بحرية وبشكل طبيعي في الدوحة. لا يسع المرء إلا أن يتساءل ما إذا كان الأشخاص الذين ينتقدون المقاطعة يعرفون ذلك؟ علاوة على ذلك، لا يسع المرء إلا أن يتساءل عن عدد محللي وزارة الخارجية الأميركية أو الاستخبارات الذين كانوا سيردون لو أن السعودية في تسعينيات القرن الماضي لم تفعل الشيء الصحيح وتجرد أسامة بن لادن من جنسيته وتضعه هو وأتباعه على قائمة المطلوبين؟ - الازدواجية في التعامل مع مثل هذه الأمور كانت دائما محيرة.

لكن، بالطبع، كانت الازدواجية دائمًا السياسة الخارجية الرسمية لدولة قطر. لكي يفهم أي شخص هذا، ووفقًا للمتطلبات الأساسية لسياسة الشرق الأوسط 101، أحث القادمين الجدد ببساطة على مشاهدة قناة الجزيرة الناطقة بالعربية ومقارنتها بقناة الجزيرة الإنجليزية.

على إحدى هاتين القناتين، سترون داعية الكراهية والزعيم الروحي لقطر يوسف القرضاوي يبارك الهجمات الانتحارية ويلعن اليهود؛ وعلى القناة الأخرى، ستجدون أخباراً تحتفل بخصم 30% على الجعة استعداداً لكأس العالم في كرة القدم 2022.

لذلك، إذا كان كل ما سبق صحيحًا، فلماذا - ربما تتساءلون - لا يزال بعض الناس ينظرون إلى قطر كضحية؟

بإلقاء نظرة على الماضي، أعتقد أنه مع أن السعودية والدول الأعضاء في الرباعية المناهضة للإرهاب كانوا محقين تمامًا في مقاطعة الدوحة، إلا أن الطريقة التي قاموا بها بذلك كان يمكن أن تكون أفضل.

تسبب التصعيد المفاجئ في يونيو 2017 وقائمة المطالب الثلاثة عشر التي قدمت لقطر بصدمة للعالم، وساعد الدوحة على لعب دور البريء. لو أن الرباعية المناهضة للإرهاب قدمت قضيتها بشكل مختلف، وسمحت لمزيد من الوقت لبنائها، لكانت قد نجحت في كسب دعم أكثر بكثير مما فعلت.

أقول هذا لأنه لا يوجد على الإطلاق شيء غير معقول في مطالبة قطر بوقف تاريخها الطويل في دعم الإرهاب. هذا ليس ادعاء الرباعية المناهضة للإرهاب فقط، بل إن الرئيس ترامب نفسه قال ذلك.

لم يكن ينبغي إدراج هذه المظالم القوية مع أمور ثانوية تماماً، مثل إغلاق قناة الجزيرة (للعلم، لقد قلت في هذا العمود من قبل أن هذا كان خطأ. وأيضًا، كان ينبغي على الرباعية المناهضة للإرهاب أن توضح أن القضية كانت محتوى قناة الجزيرة العربية الذي يمجد الإرهاب).

الأهم من ذلك، كان من الخطأ أن مصدرًا سعوديًا (الذي أفترض أنه لا يمكن إلا أن يكون مسؤولًا كبيرًا في وزارة الخارجية أو الديوان الملكي في ذلك الوقت) سرب محتويات اتفاق 2014 الذي وقعه الشيخ تميم مع شبكة CNN بعد أسابيع قليلة من المقاطعة.

مثل هذه الوثيقة كان يمكن أن تكون مفيدة ولا تقدر بثمن قبل بضعة أسابيع من المقاطعة. في الأساس، هذا إعلان بالذنب وتعهد من قِبل الشيخ تميم، وتم توقيعه بحضور الأمير الكويتي كضامن وباقي دول مجلس التعاون الخليجي كشهود.

لو تم نشر ذلك في وقت سابق، لكان كل ما تحتاجه دول الرباعية المناهضة للإرهاب هو تقديم موعد نهائي لتنفيذ ما تتضمنه تلك الوثيقة، ولما كان بوسع أي مراقب منطقي معارضة مطالبة جهة ما بالالتزام باعترافاتها والتزاماتها.

بالطبع، يسأل الكثيرون ما الذي تم تحقيقه حتى الآن؟ ألم يضعف هذا الصدع وحدة دول مجلس التعاون الخليجي؟ حسنًا، كما ذُكِر سابقًا، اتخذت المقاطعة كل التدابير الممكنة لضمان تخفيف أثرها على المواطنين القطريين؛ ولكني آخذ أي حديث عن وحدة دول مجلس التعاون الخليجي مع شيء من الشك.

ما هي الوحدة التي يمكن أن نمتلكها عندما يكون لدينا تسجيلات صوتية لرئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم يتآمر مع المجنون الليبي السابق معمر القذافي لتقسيم السعودية وإطاحة أسرتها المالكة؟ (هذا التسجيل موجود على نطاق واسع على مواقع مثل YouTube وجرى التأكد من مصداقيته).

إذا كانت هناك فائدة واحدة فقط من مقاطعة عام 2017، فهي أنها أسقطت الأقنعة وجعلت القضايا تطفو على السطح - بعد هذا، إما أن يكون لدينا وحدة خليجية حقيقية أو أننا سنتوقف عن إضاعة الوقت والجهد في التظاهر بأن لدينا مثل هذه الوحدة.

*المقال مترجم عن الانكليزية من "عرب نيوز". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم