الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"لا ينتصف الطريق" لياسر خنجر: للشعر سطوة الحضور والمضي إلى الأقاصي

"لا ينتصف الطريق" لياسر خنجر: للشعر سطوة الحضور والمضي إلى الأقاصي
"لا ينتصف الطريق" لياسر خنجر: للشعر سطوة الحضور والمضي إلى الأقاصي
A+ A-

صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، الطبعة العربية لمجموعة الشاعر السوري ياسر خنجر الجديدة، "لا ينتصف الطريق"، وذلك بالتزامن مع طبعة المتوسط الفلسطينية "الأدب أقوى" والتي توزعها الدار الرقمية في الداخل الفلسطيني، والأدب أقوى هو مشروع أطلقته المتوسط لإصدار طبعة فلسطينية لعدد من كتبها بالتزامن مع صدور طبعتها في العالم العربي، لتكون كتب الدار جزءًا من العمل المقاوم لسلطات الاحتلال، وكسر الحصار الثقافي المُمارس على القارئ الفلسطيني.

في مجموعته الجديدة، يسيرُ بنا الشاعر ياسر خنجر على طريقٍ وعرٍ، لا ينتصف ولا ينتصف فيه شيء، حيثُ تواجهنا منذ القصائد الأولى، تلك التفاصيل التي تئنُّ تحت وطأة واقعٍ مرير، كما لو أنَّها تنفلتُ من قبضة حديدية مُحكمة، لتصرخ في وجه العالم، ويمنحها الشاعر صوته وإيقاع كلماته التي تمضي كنهر هادئ لا يتوقف في السير نحو مصائره الشِّعرية المتعدِّدة. تلك التي اختارها خنجر بعنايةٍ حتى يقتفي أثر الواقع الذي ينهشه الدَّمار وتمزِّقه يدُ الحرب، واضعاً عدسة الكاميرا في مكان بعيد، لئلاّ يفوته شيء وهو يحوِّل كلَّ خطوةٍ إلى مجاز، كما هو حال البلاد، التي "تُسمَّى مجازاً بلاداً/ مجازاً فقط".

يكتب خنجر، في قصيدة "أرق":

لَم نَلتقِ خارجَ هذا الحلمِ

ولَم نَسهَر فوقَ شُرفةِ غيرِه، نرقبُ نجمةً

ونمدّ إليها الشراع.

لَم نتقاسَمْ غيرَ ما مرَّ في جسدِ الغيمةِ مِن رِيحٍ

ولَم نَشرَبْ غيرَ دَمعَتِها.

على عَتَباتِنا حُرّيّةٌ، فَمَنْ يَفتَحُ البابَ لها؟

مَنْ يُرشدُ الضوءَ إلى لحظةِ الصُّبحِ

ويُصافِحُ المجدَ غداً؟

مَن غيرُكَ إذ انتَصَرتَ على عتمَةِ المقبَرَة،

أضأتَ في ليلِها جَمرَ عَينَيْكَ سِراجاً

وأيقظتَ شمسَ البلاد؟

كلُّ ما فيكَ مِن قَلَقٍ يُؤرِّقُني

كلُّ ما فيكَ مِن وهجٍ يصرخُ بي:

أحلامُ مَنْ سبقوكَ بُوصلةٌ

ومِن زنزانةٍ في السّجنِ ينبثقُ الشّمال.

هكذا، وباقتفائها أثر اليومي ومحاولة إزاحة الستار عن كلِّ ما يُواري الواقع المؤلم وجزئياته نقرأ القصائد الأولى للكتاب، كشجرةٍ يرعاها الشاعر صفحة بعد صفحةٍ لتخترق أغصانُها العالية سماء الوهم وتُعلن أنَّ للشعر سطوةُ الحضور والمضي إلى الأقاصي، وإن بدا خافتاً كنهر.

في قصيدة "قبلة" نقرأ:

لستُ إلّا قبلةً أفلتَتْ من عاشقَيْن

فوقَ ماءِ النّهر.

لست إلّا حَصَاةً

عبثاً تُحاوِل أن تُوقِفَ القُبَل التي

أَفلتَتْ من شِفَاه العاشقين

ثمّ صارتْ هي النّهر.

يتمسَّكُ خنجر في مجموعته الجديدة هذه، بالإيقاع كحامل لغوي للنَّص الشعري، المثقل بالهواجس والأحلام ومآلات الحب في قلب الحرب، ثمَّة موسيقى تخترق الجدران الصمّاء، وتزيح قضبان السجون، وتوقف القنابل في منتصف السماء، وإن كان الشاعر يجزم، حقيقةً لا مجازاً بأن طريقه وطريق كل الأشياء لا ينتصف.

"لا ينتصف الطريق" مجموعة شعرية، جاءت في 88 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم