الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما أصل خرافة رمي النقود في الينابيع والنوافير لتحقيق الأمنيات؟

جاد محيدلي
ما أصل خرافة رمي النقود في الينابيع والنوافير لتحقيق الأمنيات؟
ما أصل خرافة رمي النقود في الينابيع والنوافير لتحقيق الأمنيات؟
A+ A-

تنتشر الكثير من الخرافات في العالم، مثل النحس لدى رؤية القطة السوداء أو بسبب الرقم 13 أو عند كسر المرآة. كلها أفكار ومعتقدات تداولتها الأجيال عبر التاريخ من دون الاستناد الى أي دليل علمي ومنطقي. ورغم ذلك يؤمن الكثيرون بها، تماماً كما يؤمنون بـ"بئر الأمنيات" التي تحولت إلى عادة يمارسها السيّاح حتى الآن. فجميعنا شاهدنا أحداً أو قمنا بأنفسنا برمي عملات نقدية معدنية في بركة مياه. والفكرة الأساسية لبئر الأمنيات هي أنها المكان الذي تتحقق فيه جميع الرغبات. ففي عام 2006، تبين أن السيّاح في بريطانيا يرمون ما يقارب ثلاثة ملايين جنيه إسترليني سنوياً في آبار الأمنيات الموجودة في البلاد. لكن كيف بدأت هذه الفكرة وكيف انتشرت؟ 

بحسب موقع History collection كان سكان أوروبا قديماً يعتقدون أن البحيرات والينابيع هي أماكن مقدسة، يتواصلون من خلالها مع الآلهة والتوسل إليهم من أجل تحقيق رغباتهم وأمنياتهم. ويعود ذلك الى الاعتقاد أن هذه المواقع المقدسة هي نقطة التقاء العالم المادي مع عالم الآلهة لكونها أماكن نائية ومهجورة ولا يستطيعون التحكّم بها. وكانت الشعوب قديماً تعتقد أن الآلهة تستجيب للمطالب بعد تقديم النذور والقرابين. وبين عامي 450-50 قبل الميلاد كانت غالبية هذه النذور عبارة عن قطع معدنية. وقدم سكان العصر الحديدي لبحيرة نويشيتل في سويسرا 166 سيفاً و2500 قطعة معدنية. وأدت هذه النذور إلى ظهور ثقافة عُرفت باسم ثقافة La Tène (ثقافة العصر الحديدي الأوروبي). كما اكتشف علماء الآثار نذوراً مماثلة في بحيرة لين سيريج باخ في جزيرة أنجليسي ويلز، التي عثروا فيها على 138 قطعة معدنية تضم الأسلحة والقضبان والعملات والعربات ومعدات الخيول على جانب هذه البحيرة. ويقول العلماء إن هذه القطع المعدنية وضعت منذ القرن الثاني قبل الميلاد وحتى القرن الثاني الميلادي.

وبحسب الموقع، فإن النبع المقدس في مدينة باث البريطانية كان مصدراً لظهور الحمامات الرومانية الشهيرة كما اعتبر مركزاً للطقوس التي كانت تقام لآلهة السلتيك، الآلهة سول، لفترة طويلة. وكان لهذا النبع أهمية كبيرة خلال فترة الحكم الروماني، لكن ومع مرور الوقت تغيرت طقوس العبادة وتقديم القرابين، فأصبح الزوار يرمون العملات المعدنية بدلاً من السيوف والمجوهرات في المياه، نظراً لعدم توفّرها بكثرة. ووجد علماء الآثار 17 عملة معدنية تعود للعصر الحديدي و13 ألف قطعة نقدية رومانية في النبع، الذي كانت تُرمى فيه هذه العملات لطلب الشفاء من الآلهة، أو لشكر الآلهة بعد الامتثال للشفاء، بالإضافة الى تحقيق أمنيات سرية أخرى. وبحسب العلماء، بقيت طقوس رمي العملات المعدنية في الماء حتى العصر المسيحي، فبدأت تتحول قصص الآبار والبحيرات من آلهة قديمة إلى قصص القديسين، حتى أن أسماءها تغيرت، مثل بئر القديس سيدويل في إكستر-ديفون التي كانت تعرف بقواها العلاجية منذ فترة طويلة. وفي القرن العاشر، أصبحت هذه البئر مرتبطة بالعذراء المسيحية سيدويل والتي ماتت شهيدة وسببت دماءها الطاهرة ظهور هذا النبع. وهكذا بدأت القصة الجديدة. وبعد تراجع نفوذ الكنيسة، تحولت هذه العادات الوثنية والدينية مع مرور الوقت إلى عادة يقوم بها السياح حتى الآن، على الرغم من أن الإيمان بقدرة تحقيق الأمنيات أصبحت شبه معدومة، والقيام برمي المعادن أصبح فقط من أجل التقاط الصور والفيديوات في غالب الأحيان.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم