الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

السيد فضل الله حاضرٌ في ذكراه... نجله علي لـ"النهار": لسنا عائقاً في وجه الزواج المدني الاختياري

المصدر: "النهار"
بتول بزي
بتول بزي
السيد فضل الله حاضرٌ في ذكراه... نجله علي لـ"النهار": لسنا عائقاً في وجه الزواج المدني الاختياري
السيد فضل الله حاضرٌ في ذكراه... نجله علي لـ"النهار": لسنا عائقاً في وجه الزواج المدني الاختياري
A+ A-

تسع سنوات على رحيل المرجع السيّد محمد حسين فضل الله ومنزله في حارة حريك لا يزال مفتوحاً للجميع. العلاقة بُنيت مع الآخرين وفق قاعدة أنّ "العقل مفتوح والقلب مفتوح والبيت مفتوح". يجلس السيد علي فضل الله على كرسيّ الوالد، مختزناً منه الكثير من المعرفة، بعدما رافقه في العمل الاجتماعي لسنوات عدّة.

ترفع مؤسسة فضل الله، هذا العام، شعار "أقوى من الغياب"، منطلقين من "واقع موجود، فالسيد حاضر وحضوره يمتدّ". النهج الذي انطلق به المرجع مستمرّ بكلّ عناوينه، "إذ حرص على إزالة الشوائب من الإسلام وتقديمه بأصالته"، وهو الذي تميّز أيضاً بـ"عقلانيته في فهم الدين، واستطاع الوصول إلى الآخر متجاوزاً الحدود الطائفية والمذهبية".

مدّ السيّد عبر السنوات جسور التواصل مع الآخرين. عُرف في "انفتاحه على العلمانيين والأديان السماوية والمذاهب الاسلامية"، ساعياً إلى "إزالة كل أسباب التوتّر التي تشتدّ مع الزمن". كما شكّلت مرجعيّته حالة جدلية في لبنان والعالم الإسلامي، بعدما "أتى بأفكار وآراء فقهية بخلاف السائد". برأي فضل الله، فإن "الجدلَ طبيعيٌّ". البعض يسأل: "لماذا يريد السيد فضل الله طرح مرجعيته؟". يجيب أنّ "تعصّبهم لما ينتمون إليه وما يقتنعون به يجعلهم يرفضون الآخر. خوفنا أن ينغلق الفرد في الإطار الذي ينتمي إليه أو على المرجعية التي آمن بها. لكنّ الواقع يؤكّد امتداد المرجعية، وهي من المرجعيات الأولى في لبنان وتمتدّ إلى العالم العربي والإسلامي، وهذا ما نلمسه من خلال استفتاءات الناس التي تزداد يومياً بالمئات من بلاد مختلفة حول العالم".

"السيّد ليس معصوماً"

الحالة الخاصّة التي انطلق بها المرجع فضل الله في مراحل حياته وعمل على تجذيرها رغم الصعوبات، جعلته عرضة للانتقاد، وآخرها اتّهام السيد نصرت قشاقش بإصداره فتوى قتل أهله في أحداث العام 1988، في الضاحية الجنوبية. يحسم فضل الله رأيه: "لم نعتَدْ إصدار بيانات استنكار، لكنّنا شعرنا أنّ هذا الموضوع يهدف إلى إثارة فتنة، وفيه ظلم للسيد، وهي فرصة لنبيّن حقيقة رأيه في تلك المرحلة"، مؤكداً أنّه أثار الموضوع في لقاء أخير مع الرئيس نبيه بري.

البيان الذي أصدرته مؤسسة فضل الله يهدف "لكفّ أيدي وألسنة هؤلاء منعاً لإثارة أي حساسية لا نريدها في الداخل الشيعي، ولا حتى في الساحة الإسلامية بين السنّة والشيعة، فطريقة الإثارة استفزّت جمهوراً كبيراً من محبّي السيد الذين يعرفون حقيقته ومواقفه الداعية للحوار والسلام في كلّ الساحات". ويضيف: "السيد ليس معصوماً، ولا نقول إنّ أفكاره ليست قابلة للنقاش، لكن لا نقبل بالتجنّي"، داعياً "القيادات الشيعية لإعلان موقف وللحوار الفكري". كما يتمنّى "أن يكون هذا الأمر نهاية المرحلة التي عانى السيد منها طويلاً".

وبرغم الخلاف في الآراء مع الآخرين، لم تُغلَق دارة فضل الله أمام أحد، "فهذا البلد لا يمكن أن يبنى إلّا بالانفتاح". يقول: "ليس لدينا أي حقد أو عداوة مطلقة مع أحد، والتقينا بالجميع خلال الانتخابات النيابية"، مشيراً إلى أنّ "البعض انتقد لقاءنا بالمعارضين للساحة الشيعية، وقلنا إنّنا نستمع للجميع ونحاول أن ننصح ونُقنع إذا استطعنا ذلك، كما نلتقي مع سفراء الدول من دون حساسية من أحد".

"المبرّات" مستمرّة

تمثّلت ثمرة العمل الخيري والاجتماعي والثقافي للمرجع فضل الله في تأسيس جمعية المبرّات الخيرية في الثمانينيات. وهي تقدّم خدمات عدّة: رعاية الأيتام والحالات الاجتماعية وذوي الإعاقة والمسنين، التعليم الأكاديمي، وسلسلة مراكز صحية وثقافية، كما لها امتدادات حول العالم. "واليوم نبني مركزاً متخصّصاً لمعالجة الإدمان على المخدّرات بعد الحاجة الملحّة في المجتمع". وماذا عن وضعها المالي؟ يؤكد فضل الله أنّ "الجمعية مستقرّة مالياً مع بعض التأثر بالواقع الاجتماعي، فهي تتغذّى من الناس وغالبيتهم من الطبقة المتوسطة وليس من الأغنياء الذين هم عادة مموّلون، لكن بالطبع ليس هناك تأثير للعقوبات الأميركية المفروضة على بعض المؤسسات وإن كان البعض حذراً بذاته"، مضيفاً أنّ "لها أعمالاً إنتاجية واستثمارية تؤمّن إيرادات معينة".

"لتوسيع دائرة الاجتهادات"

شكّلت بعض الاجتهادات الفقهية للمرجع فضل الله محور جدلٍ لدى الطائفة الشيعية. وعُرف في اعتداله وتجدّده، بخاصّةٍ في تحديد سنّ الحضانة للأمّ، للابن والبنت، حتى عمر 7 سنوات، "فهما بحاجة للعاطفة ولرعاية خاصّة، وبعدها نقيّم مصلحتهما أين تكون". يأسف فضل الله لتبنّي "المحاكم الجعفرية اجتهاداً يعطي الحضانة للأمّ، للابن حتى السنتين، والبنت حتى 7 سنوات، بالرغم من وجود تطوّر في الرأي الفقهي"، داعياً إلى "توسيع الدائرة قليلاً والأخذ بالتنوّعات الفقهية الموجودة، لحلّ بعض المشاكل الاجتماعية، ولعدم التصويب دوماً على أنّ المذهب الشيعي لا يواكب متطلبات الأولاد".

أمّا في إشكالية الزواج المدني، فيشير إلى أنّ "لا حاجة له في المجتمع الإسلامي، إذ يمكن اشتراط أي بند في الزواج المدني في العقد الديني. أمّا الإشكالية الثانية التي قد تدفع البعض للزواج المدني فهي الزواج المختلط، وحتى الآن الرأي الفقهي للمرجع لا يجيز للمسلمة الزواج من غير المسلم". يحسم موقفه: "هذا أمر اختياري للبعض ولا نقف عائقاً أمامه، لكن في الوقت ذاته لا ينتظر أحد أن نشجّع على زواج يخالف الأمور الدينية".

احتلّ الجانب العاطفي أساساً في حياة المرجع الأب. كان قريباً من أولاده، يبادلهم الاحترام ويقدّم النصيحة، ولم "يفرض على أيّ منّا أي قناعة، إن كان في الزواج أو الاختصاص العلمي".

وعلى المستوى الشخصي، كان للابن الأكبر، السيد علي فضل الله، حضور أوفر من أخوته في حياة المرجع. يحفظ تعاليمه جيّداً، فهو "أستاذي في الدروس الفقهية". يستحضر حبّ الوالد في قصيدة "يا صغيري"، أهداه إياها في عمر السنتين، وفيها استشراف للمستقبل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم