الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عملة فايسبوك الرقمية "ليبرا" تفرض معايير جديدة في عالم العملات الرقمية

المصدر: "النهار"
هديل كرنيب
هديل كرنيب
عملة فايسبوك الرقمية "ليبرا" تفرض معايير جديدة في عالم العملات الرقمية
عملة فايسبوك الرقمية "ليبرا" تفرض معايير جديدة في عالم العملات الرقمية
A+ A-

بعد الضجة الكبيرة والاهتمام البارز اللذين أثارتهما العملات الرقمية العام الماضي، وبالرغم من تراجع حدتها نتيجة المغالطات حولها ومحاربتها من قبل الحكومات لعدم شرعيتها، عاد الحديث عنها اليوم لا سيما بعدما أطلقت شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر #فايسبوك لعملتها الرقمية الخاصة #ليبرا.

وفي خطوة مفاجئة من قبل موقع السوشيال ميديا الأضخم، أعلن فايسبوك عن نیته الدخول إلى عالم العملات المشفّرة وعزمه إطلاق "ليبرا" الرقمية في العام المقبل، حيث سيتمكن ناشطو الموقع من استخدامها في تعاملاتھم النقدیة مع الموقع، وهي ستكون معادلة للدولار، كما سترتبط بالعدید من الخدمات المالیة الشھیرة كفيزا، وماستر كارد، وباي بال، حتى تصبح بدیلاً تقنیاً مناسباً لمختلف الفئات المتعاملة مع المنصّة.

وبحسب فايسبوك، العملة الرقمية هذه غير مصممة للمضاربة، لكنها شكل من أشكال الأموال الرقمية المدعومة بأصول نقدية كاحتياطي. ووفقاً للتنفيذيين في الشركة، فإن "ليبرا" في البداية ستُستعمل في تحول الأموال بين الأفراد في البلدان النامية، والتي يفتقر المستخدمون فيها إلى الخدمات المالية والبنوك التقليدية، لكن مستقبلاً، سيتمكن المستخدمون من الدفع للخدمات سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر من خلال "ليبرا"، حيث يتمثل الهدف من إنشاء ليبرا في إنشاء عملة رقمية موحدة للإنترنت، والتي توفر عملة مستقرة مثل الدولار يمكن استخدامها لشراء أي شيء تقريباً، كما يمكنها دعم الخدمات المالية المختلفة، بما في ذلك القروض.

وبعد شرح بسيط لطبيعة هذه العملة، السؤال الذي يُطرح هنا، ما هو الفرق بين ليبرا والعملات الرقمية الأخرى كبتكوين وغيرها؟

في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن بتكوين سجلت بالأمس أعلى مستوياتها في 15 شهراً بعد أن قفزت أكثر من 10% مطلع الأسبوع، وعزا محللون ذلك إلى تنامي التفاؤل حيال تبني العملات المشفرة بعد أن كشفت فايسبوك عن عملتها الرقمية، وقد أدى هذا الارتفاع لبتكوين إلى بروز تفاؤل واضح في أسواق المستثمرين الأفراد لاعتقادهم بأن خطط فايسبوك هي جزء من توجه أوسع نطاقاً للشركات الكبرى لتبنّي العملات المشفرة.

ولكن الفرق بين عملة ليبرا وعملة بتكوين يكمن في أن الأخيرة هي عملة مضطربة إلى حدٍّ ما، بمعنى أن بتكوين هي عملة غير موثوق بها نظراً لأن لا قيمة فعلية لها على أرض الواقع، وهي وُجدت كمشروع استثماري يحقق الثراء السريع. وقال ديفيد ماركوس رئيس مشروع ليبرا: كثيرون يريدون صدام عملة ليبرا بعملة البتكوين. هاتان العملتان ليستا في الفئة نفسها، فالبتكوين هي أحد الأصول غير المستقرة (مرتبطة بالاستثمار)، أما ليبرا فهي مصممة لتكون عملة مستقرة ووسيلة للتبادل" .

وبالإضافة إلى ما سبق، تواجه البتكوين والعملات الأخرى المشفرة صعوبة بالاعتراف الرسمي بها من قبل الدول نظراً لعددها الهائل ولصعوبة الرقابة والتحكم بها، وهو ما سبّب بضعف ثقة المستخدمين فيها، كونها عملات ممنوعة من الصرف في بعض الدول إذ لا قيمة فعلية لها.

تشريع عملة فايسبوك!

على صعيد آخر، وبالرغم من سعي فايسبوك لشرعنة عملته، إلا أن الاعتراضات على ليبرا والخوف منها سرعان ما تُرجم بتصاريح ومقالات تحدثت عن المخاوف منها، إذ دعا أعضاء الكونغرس الأميركي إلى وقف تنميتها على الفور، بينما كانت المصارف المركزية حذرة، كما صرّح وزير المالية الفرنسي برونو لومير أن عملة ليبرا قد تصبح عملة ذات سيادة، وهذا لا يمكن ولا يجب أن يحدث.

وعلى عكس البتكوين، يمكن لممثلي الكونغرس تحديد الأشخاص المسؤولين عن مشروع ليبرا والتحدث معهم مباشرة، حيث يمكنهم استدعاءهم، وبالتالي الضغط عليهم لوقف المشروع او تنظيمه.

الشكوك إمتدت إلى الحكومات ايضاً، حيث يعتريها قلق كبير، فكيف يمكن لأي دولة واحدة أن تنظم أو تشرف على عملة ليس لها حدود، والتي يمكن استخدامها على الفور، من هاتف إلى آخر، وفي شركة ما زال يسيطر عليها رجل واحد!

من جهة أخرى، تخوف بعض المحللين التكنولوجيين من هذه العملة بسبب تاريخ فايسبوك وأزماته مع خصوصية بيانات المستخدمين وبالأخص فضيحته الكبرى مع شركة كامبريدج أنالتيكا، وهو أمر يمثل قضية ثقة في ما يخص هذه العملة.

وبحسب بن مزريتش، مؤلف الكتاب الذي اقتبس منه فيلم "الشبكة الاجتماعية"، إن رؤية فايسبوك لعملية إطلاق العملة الرقمية ليبرا تعتمد على أن المستخدمين سيشترون هذه العملة بأموالهم الحقيقية ثم ينفقونها على السلع والخدمات في عالم الإنترنت. هذه العملية ستكون صغيرة في البداية، لكنها ستصبح أكبر، بحيث ستصل إلى مرحلة سيكون من الصعب العيش من دون حساب ليبرا، وعندما تصل إلى تلك المرحلة، وإلى جانب ما يتوافر من معلومات وبيانات قدمها المستخدمون لفايسبوك وتطبيقاتها، ستصبح الأمور أكثر خطورة، إذ سيضيف المستخدمون بياناتهم المالية هذه المرة إلى فايسبوك والتطبيقات التي تملكها.

وبالنسبة لمزريتش فقد أصبح مؤسس موقع فايسبوك مارك زوكربيرغ "يجسد مؤسسة التكنولوجيا البعيدة التي تشرف على الكثير من البيانات التي يحملها الناس على الإنترنت". ويعتقد مزريتش أن البنوك الكبيرة تشعر بالخوف من عملة ليبرا وأنها قد تؤدي إلى إسقاط النظام المصرفي العالمي، على الرغم من أن النظام المصرفي تطور على مر القرون.

ولهذا السبب اعتبر المنتقدون للعملة الرقمية الجديدة من فايسبوك أنها أكبر أشكال التجسس وأكثرها خطورة. وقال أوليفيرغويرسنت ، رئيس الاستقرار المالي في الاتحاد الأوروبي، إن التركيز وإهتمام المنظمين يجب يكمن حول كيفية استخدام فايسبوك للبيانات الشخصية والمالية على حد سواء.

افاق هذه العملة

تسعى فايسبوك لإستخدام ليبرا كوسيلة للادخار والحفاظ على قيمة الأصول والمدخرات في البلدان التي تعاني من التضخم وانخفاض قيمة العملة، وهي بالتأكيد ستغري المستهلكين في البلدان المتقدمة لسهولة الدفع بها عبر الإنترنت أو في المتاجر الأمر الذي سيشجعهم على الرد على استطلاعات الرأي، وترك آرائهم حول عملية الشراء من متجر معين.

وبحسب المحلل لفينسان لورفلين من معهد إيكونومي فنجاح فايسبوك يرتبط بخفض تكلفة التسويق لمستخدمي الإنترنت وتحليل تفاعلاتهم حسب الروابط والنقرات والإعجاب مما يفتح سوق إعلانات جديدا.

في المحصلة وعلى الرغم من الهدف المعلن لإطلاق هذه العملة الرقمية، وأنها ستساعد 1.7 مليار إنسان حول العالم ممن لا يملكون أبسط الخدمات المالية، فإن قرار فيسبوك دخول هذا المعترك قد يعرض مستخدمي الموقع إلى خطر كبير يفوق كثيرا فضائح انتهاك خصوصية المستخدمين السابقة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم