الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إيران وأميركا قصّة إعجاب لا تكتمل

المصدر: النهار
ماجد المقصود
إيران وأميركا قصّة إعجاب لا تكتمل
إيران وأميركا قصّة إعجاب لا تكتمل
A+ A-

تطورت الاحداث بشكل دراماتيكي في منطقة الخليج العربي بدءاً من حادثة تفجير ناقلتي النفط في خليج عمان مع اتهام واشنطن لطهران علناً بالوقوف وراء الحادثة، إلى قصف الحوثيين المدعومين من إيران لمطار أبها السعودي، وأخيراً إسقاط طائرة استطلاع من طراز ترتيون ام كيو-٤ تابعة للبحرية الاميركية، وطبعاً أعلنت ايران بأن الطائرة أسقطت بعدما دخلت مجالها الجوي، في حين أعلن الاميركيون بأنها اسقطت فوق المياه الدولية.

على اثر هذه الحادثة الأخيرة توالت الاخبار بشكل متسارع عن نية أميركا توجيه ضربات لإيران، وأعلن الجيش الاميركي بأنه في حالة تأهب قصوى وجهوزية تامة لتنفيذ المهمة، لكن الذي حصل أن الرئيس ترامب قرر إلغاء هذه الضربات قبل ١٠ دقائق من التنفيذ، وهو ما ذكّرنا بحادثة إلغاء أوباما للضربات التي وعد بتنفيذها ضد النظام في سوريا على اثر الهجمات الكيميائية، بحجة أخذ موافقة الكونغرس.

وغني عن التعريف أن العلاقات الاميركية الايرانية قد شابها التوتر الشديد بعد إلغاء ترامب للاتفاق النووي المبرم بين ادارة اوباما والنظام في ايران، وذلك من طرف واحد، وإعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية وتشديدها حتى يشمل دولاً او شركات تتعامل مع ايران، بعدما وصف ذلك الاتفاق بالسيّئ جداً. وقد منح الاميركيون إيران فترة انتقالية لتنفيد هذه العقوبات عسى ولعل تنفتح للتفاوض على اتفاق جديد، لكن الذي حصل هو عكس ذلك.

طبعاً الكل بات يعلم بطريقة ترامب في التفاوض، فهو يستدرج خصمه تحت وطأة العقوبات والتهديد والوعيد ليعود ويطلب اجراء مباحثات مباشرة كما فعل مع كوريا الشمالية حيث وصل الى حد التهديد بمحو كوريا الشمالية عن الخارطة، ومن ثم خفف تدريجياً وصولاً الى لقاء الزعيم الكوري الشمالي وجهاً لوجه. إذاً هو يراهن على قبول الايرانيين في نهاية المطاف للتفاوض مباشرة معه، وقد أعلنها مؤخراً بأنه لا يريد الحرب ولكنه بالوقت نفسه هدد بمحو ايران هي الاخرى في حال حصلت المواجهة، وافتخر بأنه يمتلك القوة والجيش المتطور جداً وبفارق كبير عن باقي الجيوش، لكنه عاد وشكر الايرانيين لعدم اسقاطهم طائرة عسكرية اميركية كان على متنها جنود، ووعد بإعادة ايران عظيمة، وهو يعتقد بأن اميركا قادرة على فعل كل شيء حتى لو كان اعادة ايران امة عظيمة، وأيضاً هذه المرة لم تتجاوب ايران مع طلبه بالتفاوض المباشر، فهم يعتقدون بأن لا مصلحة سريعة لهم بالجلوس مع ترامب، ويعلم المراقبون لشؤون المنطقة أن هناك مساراً مصلحياً بين الدولتين غير معلن، وما عكّره هو إلغاء الاتفاق النووي الذي جلب لترامب عشرات المليارات من الدولارات من اموال الخليج العربي، ولكن رغم ذلك، وفي حقيقة أمرهم، يعتقدون أن ايران فعلاً كانت أمة عظيمة.

أعتقد بأنّ لا حرب بين الولايات المتحدة وإيران رغم خطورة الموقف، فأميركا تحاول فقط احتواء ايران لمنعها من ان تكون نقطة ارتكاز دول غرب آسيا، كما ان ترامب رجل مادي جداً ولا تعنيه المبادئ، وهو يعلم أن عبء الحرب المادي مرهق جداً على الخزينة الاميركية المثقلة اساساً بديون خيالية، كما انه مقبل على عام انتخابات وهو يريد التجديد لنفسه، وفتح حرب الآن ليس في مصلحته على الاطلاق، وإيران بالنسبة له ليست اولوية طالما ان حدود إسرائيل مؤمّنة، وبالنسبة له فإن الصين وكوريا الشمالية هما الاولوية، وقد وصل ترامب الى اقصى ما يمكن فعله من ناحية الحصار والتهديد، لذلك عدوله عن تنفيذ الضربات أظهره بموقف الضعيف، وقد وجد لنفسه حججاً حيث قال لربما أن الايرانيين أخطأوا عند اسقاط الطائرة حتى رغم عدم اعتذار الايرانيين الذين هم ايضاً لا يريدون الحرب، وايران تعلم الثمن الباهظ الذي قد تدفعه، وتعلم بأن جل ما يريده الاميركيون هو وقف البرنامج النووي واستنزاف دول الخليج مادياً وحماية إسرائيل، لذلك هي تعبث بباقي الملفات من تفجير للناقلات الى قصف السعودية عن طريق الحوثيين، ولكن على الايرانيين ان يعوا بأنهم لا يستطيعون الاستمرار بهذه السياسة لأنهم سوف يدفعون بالمجتمع الدولي الى الوقوف مع واشنطن، فتهديد انسياب البترول الى الاسواق العالمية هو خط احمر ويهدد الاقتصاد العالمي ككل وليس فقط اميركا، وعليه يبقى ان ايران ستلعب على عامل الوقت الضائع بانتظار الانتخابات الاميركية وما ستسفر عنها وخصوصاً في ظل تقدم بايدن نائب الرئيس في عهد اوباما في نتائج الاستطلاعات، رغم أني أعتقد بأن ترامب سوف يعاد انتخابه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم