السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

زيادة الضريبة على الرواتب والأجور سبعة أضعاف

جهاد الحكيّم
A+ A-

بعد أن أكمل شادي دراسته الجامعية في العام 1999 وجد عملًا في إحدى الشركات اللبنانية، وكان يتقاضى آنذاك راتبًا شهريًا يبلغ 800.000 ليرة لبنانية، أي ما يعادل 9.600.000 ل.ل سنويًا، يدفع منها 42.000 ل.ل كضريبة على الرواتب والأجور مستفيداً من التنزيل العائلي للعازب الذي يبلغ 7.500.000 ل.ل في السنة. بعد انقضاء 20 عامًا أصبح راتب شادي الشهري 1.600.000 ل.ل (17.200.000 ل.ل. سنويًا)، أما الضريبة فأضحت 348.000 ل.ل، كون أن التنزيل بقي على ما هو عليه على الرغم من زيادة الحد الأدنى للأجور من 300.000 ل.ل شهريًا في سنة 1998 إلى 675.000 ل.ل سنة 2009، أي ما يعادل 2.25 ضعف الحدّ الأدنى السابق.

غير أنه كان من المتوجب، وبشكل بديهيّ، أن يصبح التنزيل العائلي 16.875.000 ل.ل. (7.500.000 × 2.25) مواكبًا الزيادة في الحدّ الأدنى للأجور.

لو طبّقت هذه التصحيحات لكان توجّب على شادي 47.000 ل.ل. فقط كضريبة على الرواتب، وبالتالي هو يدفع 301.000 ل.ل. (348.000 – 47.000) إضافية من دون أي وجه حق، أي أكثر من سبعة أضعاف المبلغ المتوجب فيما لو طبّق التصحيح العادل (حسب الجدول رقم 1).

هذا الأمر لا ينسحب فقط على شادي إنما على زينة التي التحقت بالشركة قبله ولديها أقدميّة أكثر، فراتبها الشهريّ كان 1.200.000 ل.ل. شهريًا في سنة 1999 وأضحى 2.400.000 ل.ل. في عامنا هذا. فارتفعت ضريبتها من 90.000 ل.ل. سنويًا إلى 585.000 ل.ل. بدل 165.000 ل.ل. وهي بالتالي تدفع 420.000 ل.ل. جزافًا أي 3.55 ضعف ما يتوجّب عليها. وبدوره غسّان مدير الشركة يدفع 2.685.000 ل.ل. ضريبة رواتب وأجور بدل 1.654.000 ل.ل. أي 1.031.000 ل.ل. (1.62 ضعف المبلغ المتوجب) زيادة عمّا يجب أن يدفعه كضريبة، والسبب يعود فقط لعدم تطبيق التصحيحات العادلة. نلاحظ أنّه كلّما انخفض راتبك كلّما كنتَ عرضة للظلم والغبن.

كما أنّه بطبيعة الحال يجب أن يعدَّل التنزيل العائلي للمتزوّج والذي يبلغ 10.000.000 ل.ل. كما هو حاليًا، شرط أن تكون زوجته لا تعمل، ليصبح 22.500.000 ل.ل. (10.000.000 ×2.25). وبالتالي، المبلغ بين 10 ملايين و22.5 مليوناً يخضع للضريبة بدل أن يكون معفى بالكامل.

ليس التنزيل العائلي هو الأمر الوحيد الذي يجب أن يعدّل، إنما ايضاً الشطور الضريبية التي يجب أن توسّع أيضًا خصوصًا الشطور الدنيا. فعلى سبيل المثال الشطر الأول من صفر إلى 6 ملايين والذي يخضع لضريبة 2% يجب أن يصبح 13.5 مليوناً (6 مليون × 2.25) أو 20 ضعف الحد الأدنى للأجور 20×675000 وليس كما هو الأمر حالياً 20 ضعف الحد الأدنى السابق 300.000 × 20 أي 6 ملايين. وبالتالي، فالمواطن اللبناني يدفع 4% بدل 2% على المبلغ بين 6 و 13.5 مليوناً من دون أي مبرر.

ما يدعو للاستغراب أكثر هو أن قانون موازنة 2018 قام بتعديل تنزيل سكن المالك، الذي يحسم من القيمة التأجيرية للشقق المسكونة، من 6 ملايين إلى 20 مليون ل.ل.، وبالتالي إذا كانت القيمة التأجيرية للشقة التي تسكنها لا تفوق الـ 20 مليون ل.ل. فلا تخضع لضريبة الأملاك المبنية وبالتالي 14 مليون ليرة إضافية (20 ناقص 6 ملايين) لا تخضع للضريبة. فلم لا تطبّق هذه التعديلات أيضاً على الرواتب والأجور خصوصاً أن التهرّب الضريبي غير موجود في هذه الفئة (الباب الثاني) كون أن الضريبة تقطع من المنبع وتطاول الشريحة الأكبر من المواطنين في القطاعَين العام والخاص وغالبيتهم من ذوي الدخل المحدود.

ليست الضرائب غير المباشرة وحدها غير عادلة كما هو معروف، إنما أيضًا الضرائب على الرواتب والأجور لعدم توافر الإصلاحات الضريبية اللازمة والتي تكبّد المواطن اللبناني نتيجة غيابها أعباء مالية ضخمة خلال السنوات العشر الأخيرة.

في فترة الركود الإقتصادي ينصح بإعطاء التحفيزات الضريبية اللازمة لجلب الاستثمارات، وبتخفيض الضرائب إذا أمكن من أجل زيادة الإنفاق وتسريع عجلة الإقتصاد، وكيف لا إذا كانت هذه الضرائب تؤخذ من دون أي وجه حق؟

حذّرنا في العام 2017 من مغبّة زيادة الضرائب في فترة الركود لأنها ستأخذ الإقتصاد إلى الكساد، كما أن الإيرادات الضريبية ستصبح أقل في حال زيادتها وذلك بحسب Laffer Curve، لكنّ أحدًا لم يسمع وهذا ما حصل للأسف. فهل سيتّعظون هذه المرّة ولو لمرّة، أم سنتجرّع الكأس المُرّة أيضًا هذه المرّة؟!

جهاد الحكيّم - إستراتيجي في أسواق البورصة العالميّة وشؤون الإستثمار.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم