الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

محارق الكتب

رامي زيدان
A+ A-

على هامش حرق مكتبة "السائح" في طرابلس، يمكن المرء أن يستعيد الكثير من الصولات والجولات في التاريخ الغابر ومن الزمن الراهن، وخصوصاً العربي منه، تبيّن وقع الإيديولوجيات والأنظمة والأديان، وأحياناً الشبّيحة، في استعمال لغة النار لالتهام لغة الكتب ومضامينها، ثم تحويلها رماداً وسواداً. والحال أن النار حين تستعر، لا تميز بين الشعر والنثر، بين القصيدة الحديثة وبطل الرواية، بين الفلسفة والكتب المقدسة. كل شيء يشتعل هو بالنسبة إليها وقود لتحيا، فتحوّل ما تأكله رماداً لا ينفع طائر الفينيق في استعادته.


لم يقدر الذين يستقوون بالنيران لحرق الثقافة، على منع تأليف الكتب ونشرها. حتى أنظمة الكتاب الواحد كانت تستسلم مع الوقت لكل ثقافة جديدة، لأن الكتب امتداد لوجود العقل قبل كل شيء. ربما لهذه الأسباب كان بورخيس يقول إنه لم يحزن على حرق الكتب في ما مضى لأنه يعتقد أن البشرية تعيد انتاجها.
لم تنج الكتب يوماً من الأخطار والأفكار التعسفية، إما من خلال قتل أصحابها جسدياً، وإما عبر منعها، وأحياناً كثيرة إعدامها أو حرقها. يأتي هذا تبعاً للسياسات والأنظمة والأديان والإيديولوجيات، والأحداث كثيرة في هذا المجال. بدءاً من العصر اليوناني فالمسيحي فالإسلامي، مروراً بالزمن النازي الهتلري والشيوعي والديكتاتوري في أكثر من بلد، من تشيلي الى العراق، وصولا إلى زمن حركة "حماس" و"الدواعش" في سوريا والعراق و"القاعدة" في موريتانيا.


في التراث العربي
ظاهرة حرق الكتب لها معانيها السلبية ودلالاتها في تأريخ البشرية السياسي والاجتماعي والديني. هذا ما يبيّنه الكاتب ناصر الحزيمي في كتابه الموسوم بـ"حرق الكتب في التراث العربي"، وهو مسرد تاريخي يجمع بين جلدتيه ما مرّ به من حوادث وأخبار تتناول تلف الكتب (أو إعدامها بالمعنى الأعمق وأحيانا اغتيالها) في التراث العربي. يكتب الحزيمي في مفتتح كتابه ما يشبه التوطئة عن أحوال الكتابة في الإسلام، فيبين كيف "رفعوا من شأن الحفظ ومجّدوه حتى أصبح من أهم وسائل تحمّل الرواية، بل ذم بعض الصحابة كتابة الحديث". هناك الكثير من الأحاديث التي تذمّ الكتابة والكتاب، وهذا في رأي الحزيمي "موقف موروث عن الفترة التي سبقت الإسلام"، حيث ان "احتقار كتابة العلم بالقراطيس هو سمة عربية صميمة وهو رأي جمعي عند العرب المتقدمين أورثوه لمسلمي صدر الإسلام". فالعداء قبل الإسلام شمل عموم المدوّن، وفي الفترات المبكرة من الاسلام استثني القرآن الكريم من هذا العداء، فدُوّن مصحف عثمان وأتلف ما عداه من المصاحف. وأحرق الخليفة عمر بن الخطاب صُحُفا جُمعت فيها أحاديث الرسول، على ما ذكره ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، إذ أورد: "إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها، أمر بتحريقها ثم قال "مثناة كمثناة أهل الكتاب". وذكر أيضاً: "أما عمر بن الخطاب فقد أمر بحرق مكتبة فارس، أي مكتبة ملوك الفرس التي كانت ولا شك تحتوي على ملايين الكتب!"، لقوله لا كتاب بعد القرآن. اما مكتبة الإسكندرية فقد اخذوا جلود كتبها وصنعوا منها نعالاً، أما ورقها فقد جعلوا منه وقودا للحمّامات استمر اربع سنوات، كما روى الزمخشري. هناك التباسات حول هذه المكتبة، وككل الاحداث التاريخية في الاسلام تضيع الحقيقة في متاهة الروايات والمرويات. اللافت أيضاً أن العرب والاسلاميين كثيرا ما يتحدثون عما فعله المغول عندما غزوا بغداد ورموا مكتبتها في النهر وقد صبغته بالحبر كما قيل، وقلّ ما يتحدثون عن دورهم في حرق الكتب وتلفها، لأسباب دينية وفقهية وسياسية وربما شخصية.
طاولت حوادث الحرق في محطات من التاريخ الإسلامي بعض الاتجاهات. فعندما سيطر مذهب المعتزلة على الدولة العباسية وخصوصاً في عهدي المأمون والمعتصم، أقدم قضاة مذهبهم على محاكمة المخالفين في الرأي، فحرقت كتب الكثير من الفقهاء والعلماء. وعندما زال عهدهم غابت كتبهم وطال بعضها الحرق والبادئ أظلم. يشير صاعد الأندلسي في كتابه "طبقات الأمم" إلى إقدام الحاجب العامري في عهد هشام المؤيد على حرق بعض الكتب استجابة لرغبة بعض العلماء وضغوط الشارع. في مرحلة من المراحل شهدت الفترة العباسية مطاردة الزنادقة والمانويين، ولم تمنع قصائدهم وافكارهم فحسب، بل صلب بعضهم أو قطع جسده بالسيف.


في الأندلس
شهدت بلاد الأندلس في القرنين الخامس والسادس للهجرة ظاهرة حرق الكتب بأمر من السلطة. ففي عهد "أمراء الطوائف" أحرقت كتب الإمام ابن حزم الظاهري. وفي عهد أمير دولة المرابطين علي بن يوسف بن تاشفين أحرقت كتب الإمام أبو حامد الغزالي، وخصوصا كتابه "إحياء علوم الدين". وفي عهد أمير دولة الموحدين المنصور أحرقت كتب القاضي ابن رشد، وتحولت ظاهرة حرق كتبه مجرد كليشيه عن حرية الفكر والرأي، وخصوصاً بعد الحديث عنها في فيلم "المصير" ليوسف شاهين. وفي زمن الموحدين جرى اضطهاد المؤلفين ممن كتبوا في علم المذهب والفقه وأحرقت كتبهم، ويذكر أحمد أمين في كتابه "ظهر الاسلام" حوادث حرق كتب الفقهاء في عصر مؤسس دولة الموحدين حيث يروي صاحب "المعجب" باعتباره شاهد عيان على حرق الكتب بقوله: "وفي أيامه – أي أيام محمد بن تومرت – انقطع علم الفروع وخافه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب، فأحرق منها جملة في سائر البلاد، وقد شهدت ذلك وأنا بمدينة فاس يؤتي منها بالأحمال فتوضع ويطلق فيها النار".
من بين المكتبات الخاصة التي تم حرقها على أيدي بعض الحكّام العرب المسلمين آنذاك ثلاث مكتبات، في كل منها أكثر من عشرة آلاف كتاب هي: مكتبة ابن حزم الأندلسي، ومكتبة سابور نسبة إلى مؤسسها أبو نصير سابور وزير بهاء الدولة البويهي، ومكتبة عبد السلام بن عبد القادر البغدادي المدعو بالركن.
احتار المؤرخون في تفسير هذه الظاهرة واختلفوا في الاتفاق على سبب مشترك يقف وراء هذه الردة السلبية ضد أئمة أعلام في عصرهم. وعلى رغم اختلاف الدوافع، إلا أن العامل السياسي والسلطوي هو السبب المباشر لغضب السلطات. غداة انهيار الدولة الاندلسية لم تنج الكتب من المحارق، فأمر الكاردينال سيسنيروس عام 1501 بحرق مكتبة "مدينة الزهراء" التي كان بها ما ينوف على 600000 مخطوط في مكان يسمّى "باب الرملة" في غرناطة، فاختفت العديد من المخطوطات وأمّهات الكتب النفيسة. تكثر الروايات والأشعار التي تتحدث عن تلك المرحلة، وما كان يحصل للكتب في ظل محاكم التفتيش.


الحملة الصليبية
تؤكد المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب": "وهكذا حرقت يد التعصب مليوناً وخمسة آلاف من المجلدات، هي مجهود العرب في الأندلس وثمرة نهضتهم في ثمانية قرون". ورافقت موجة حرق الكتب الحملة الصليبية، وتروي المصادر التاريخية أن مكتبة بني عمار في القرن العاشر الميلادي في طرابلس أحرقت. ويعود سبب حرقها إلى توهم الصليبيين أن جميع محتويات المكتبة هي نسخ من القرآن الكريم. فعند احتلال طرابلس كان يرافق الحملة الصليبية أحد القساوسة الذي تجول في القاعة المخصصة للقرآن الكريم، فاعتقد أن المكتبة بجميع قاعاتها مخصصة للقرآن الكريم، فأعطى أوامره بحرقها.
ووثق المؤرخ ابن أياس الذي عاصر الفتح العثماني الكثير من أحداث التخريب والتدمير وحرق الكتب. وقد نهبت مكتبة السلطان حسن، وأحرقت مكتبة جامع الأمير شيخو عن بكرة أبيها، وغيرها من المكتبات، ونقلت الألوف من المخطوطات العربية إلى إسطنبول.


"مأثرة" الأمبراطور الصيني
ظاهرة حرق الكتب وتلفها ليست خاصية أندلسية أو إسلامية أو مغولية أو عربية أو عثمانية او صليبية، ومحاولة بعض "الغوغاء الثقافي" والعنصري والاستشراقي اختصارها في فئة محددة ليس أكثر من مساهمة في تزوير التاريخ، وجزء من لعبة الصراع على تشويه الصور. على هذا لا تقف ظاهرة حرق الكتب على فريق بعينه، وأشهر حملة لحرق الكتب تم تسجيلها في تاريخ الإنسانية، تلك التي أقدم عليها الأمبراطور الصيني شي هوانغ تي في العام 212 قبل الميلاد حين قاد حربه على الكتب فأتلف وأحرق مئات الدراسات التاريخية والأدبية والقانونية وطارد الأدباء ولاقى كل من قبض عليه المصير نفسه. الغريب أن الأمبراطور المذكور يعتبر من أهم الشخصيات التي عرفتها الصين وتنسب إليه إنجازات حضارية وعسكرية وسياسية كبيرة. فهو الذي شجع على البدء ببناء سور الصين لوقف هجمات المغول من الشمال. على هذا يبدو حرق الكتب أمراً سلطوياً قبل كل شيء، فحضارية شو هوانغ تي لم تمنعه من حرق الكتب، وكذلك التنوع الثقافي والعمراني والديني الذي شهدته الأندلس، ولا يزال العرب وغيرهم، يتغنون به، لم يمنع السلاطين والفقهاء من حرق الكتب، كأن حرق الكتب كان يتم لمصحة الترويج لكتب أخرى.
توقف الفيلسوف الألماني هيغل أمام ظاهرة الأمبراطور الصيني وحاول تفسير أوامره بحرق الكتب والكتّاب فرأى أنه فعل ذلك "بغية تقوية أسرته الحاكمة من طريق هدم وتدمير ذكرى الأسر الحاكمة السابقة". فالحرق في رأي الأمبراطور هو إلغاء السابق والبدء من جديد من المربع صفر (هذا ينطبق على الكثير من الامبراطوريات أو الحضارات في بدايتها، سواء الاسلامية أو اليونانية وحتى القوميات الأوروبية من دون أن ننسى الشيوعيات بألوانها الماوية والستالينية والقوميات العربية بألوانها البعثية والقذافية).


في الاسكندرية والمكسيك وبلاد الفرنسيس
في العام 392 للميلاد أحرقت مكتبة "سيرابيوم" في الاسكندرية بأمر من الأمبراطور ثيودوسيوس الأول. وكان ذلك قبل ثلاثة قرون من حريق مكتبة الاسكندرية الشهير، وبالتحديد في 640 ميلادية. في القرن السادس عشر، أحرق الأرشيدوق دييغو دي لاندا كل مكتبات المكسيك القديمة. وبحث الغزاة الأسبان عن كل الآداب المتعلقة بحضارة المايا ودمّروها تدميراً كاملاً بصفتها علوما وثنية (باستثناء أربع وثائق فقط موجودة الآن في متاحف أوروبية). وقد تحدث الكثير من الشهود عن الصرخات المعذبة التي أطلقها علماء المايا خلال رؤيتهم أعمالهم وأعمال أسلافهم تحترق أمام أعينهم وتتطاير مع اللهب مما حمل البعض منهم على الانتحار.
في الحروب النابوليونيّة، تم تدمير أو نهب الكثير من المكتبات الكبيرة في أوروبا، وساهم الاستعمار الفرنسي في نهب الكتب العربية وحرقها. فعند خروج الحملة الفرنسية من مصر في العام 1801 تم نقل العديد من المخطوطات من مصر.


"الحنان" الهتلري
في زمن تصاعد القوميات والإيديولوجيات خلال الحربين العالميتين، كان للمكتبات والكتب نصيبها من النار، وابرز حارقي الكتب في تلك المرحلة كان هتلر. ففي العام 1933، وصل هتلر إلى السلطة في ألمانيا، فلم ‏تستطع النازية تحمل الكتب المحرضة ووسمتها بعبارة "الروح غير الالمانية". ‏بعد مرور أربعة اشهر على وصول هتلر الى السلطة وتحديداً في العاشر من ايار ‏‏1933 حمل طلاب وأساتذة جامعيون وقادة نازيون عشرات الألوف من الكتب للكتّاب ‏‏"المنبوذين" ورموها في النار التي اشعلت مسبقاً في ميدان الأوبرا في وسط برلين. هكذا بدأ التدمير المنهجي للوثائق والكتب التي تختلف مع الإيديولوجيا النازية، الذي شمل كتابات معادية للقومية وكتب انصار حركات السلام، ‏وفلاسفة الاشتراكية والشيوعية، والكتاب اليهود، وطال الأمر أيضاً الكتاب والعلماء الذين انتقدوا ‏توجهات النازية وأفكارها.
بعد مسيرة المشاعل وضع الطلاب الكتب في ساحة الأوبرا في برلين التي ‏احتشد فيها اكثر من 70000 متفرج لمشاهدة محرقة الكتب من بينهم الكاتب إريك كاستنر. ‏من المفارقات أن هتلر كان يمتلك في وقت انتهاء صلاحيته وانتحاره في العام 1945، 16 ألف كتاب كانت موزعة في مقار إقامته في برلين وميونيخ وسالزبورغ. وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الكتب بقي غير مقروء، فإن الشهادات تذهب إلى سنوات هتلر المبكرة التي تؤكد أنه كان قارئا شرها وانتقائيا.
ثلاثة آلاف كتاب من هذه الكتب وجدت في بافاريا، و1200 منها تحولت إلى قسم الكتب النادرة في مكتبة الكونغرس الأميركي في واشنطن العاصمة حيث شكلت مادة عمل الكاتب تيموثي ريباك لكتابه "مكتبة هتلر الشخصية". هذا الكتاب ليس مسحا لمكتبة هتلر، بل يناقش محطات حياة هتلر والناس الذين تأثر بهم من خلال هذه الكتب وتسببوا في قيامه بأعمال خطيرة مختلفة.


بينوشيه
ما نقوله عن هتلر ينطبق على الديكتاتور بينوشيه الذي احرق الكتب التي لا تناسبه في الساحات وزجّ بالكتاب في السجون بعد انقلابه على سلفادور الليندي في بداية السبعينات من القرن الماضي، لكن كان لديه في الوقت نفسه مكتبته، وكشف كتاب "الحياة الادبية السرية لاوغستو بينوشيه" الذي وضعه الصحافي التشيلياني خوان كرستوبال أن بينوشيه جمع سراً مكتبة تضم أكثر من 50 الف كتاب، تقتصر على مصنفات في التاريخ والجغرافيا وفي الفكر الماركسي الذي كان بينوشيه يسعى الى سحقه بأشد الوسائل القمعية في عهده بين 1973 و1990. ويرى الصحافي أن هذه المجموعة الضخمة من الكتب "كانت أشبه بمسرحية يعيشها بينوشيه ليوحي لنفسه أنه مثقف ومهم، لأنه كان يعرف في قرارة نفسه انه يعاني من خواء فكري".
كانت معظم الأنظمة الدكتاتورية تتعاطى مع الكثير من المؤلفات كأنها مخيفة، فيتم منع الكتب أو تلفها أو مصادرتها، والأسرار كثيرة في هذا المجال. ففي العراق، مثلاً، أقدم الكثير من الناس على حرق مكتباتهم المنزلية الصغيرة أو ألقوا بها في آبار بيوتهم أو دفنوها في حفر أعدّت على عجل، خصوصاً إثر مداهمات "الحرس القومي" لمنازل يعتقدونها تؤوي أناساً يحتفظون بكتب خطرة على النظام، في العام 1963.
استمر مسلسل حرق الكتب وتدميرها حتى نهاية القرن العشرين وفي العقد الأول من القرن الحالي. فبعد احتلال العراق دولة الكويت في العام 1990 نهبت المكتبة الوطنية بالكويت وبعد دخول قوات التحالف بغداد العام 2003 نهبت المكتبات الكبيرة ومنها المكتبة الوطنية، وضاعت الألوف من الكتب والمراجع النادرة، والمخطوطات والوثائق والكثير من النتاج الفكري الإنساني. وفي شهر آذار من العام 2007 دُمّر شارع المتنبي، مما أتى على المكتبات التجارية في ذلك الشارع التاريخي.
في كتابها "بائع الكتب في كابول"، تروي الصحافية النروجية آسني سيرستاد وقائع حياة أسرة أفغانية، عاشت الكاتبة معها كأحد أفرادها خلال عام 2001 بعد أن تعرفت بالمصادفة على رب هذه الأسرة بائع الكتب سلطان خان الذي أراها، منذ لقائها الأول به في مكتبه، الوجه الآخر للأفغان: وجه الأناقة والذوق والامتلاء الثقافي. فما إن تسلم الشيوعيون مقاليد السلطة حتى اندلع الحريق، بأمر رسمي، في كتاب "سلطان خان" الذي سُمي على الفور عدواً للشعب لحيازته وبيعه كتباً دينية أو بورجوازية! قبل سنوات أحرقت حكومة "حماس" قصص "قول يا طير" التي أحبها الاطفال الفلسطينيون، ومع بروز "الدواعش" في الأزمة السورية أحرقت الكتب الدينية المسيحية في المناطق التي يسيطرون عليها.


على سبيل الخاتمة
كان الشاعر هاينرش هاينه على حق حين قال "أينما حرق المرء الكتب، فإنه سيحرق البشر في النهاية". هذا الأمر ينطبق في الوقت الراهن على سوريا التي تحاول فيها جماعة "داعش" فرض ثقافة الصحراء، وهي قتلت التماثيل الأدبية وسرعان ما بدأت بقتل المواطنين العزّل، وإلغاء كل مظهر من مظاهر الثقافة. يحرقون الكتب، ولا يترددون في ذبح رجل أعزل.
للتذكير، يتطرق هذا المقال إلى الحرق السياسي والديني للكتب والمكتبات بشكل عام، ولا يتطرق إلى نوازع بعض الكتاب والمفكرين والشعراء في حرق كتبهم أو تلفها او دفنها أو التوصية بحرقها، بدءا بصاحب "الأرواح الميتة" الروسي غوغول، وفرانز كافكا الذي تحولت وصيته بحرق اعماله إلى وصية للترويج لهذه الأعمال. وفي العالم العربي تؤكد المصادر التاريخية أن بداية ضياع الكتب في العالم العربي الإسلامي كانت على أيدي المتنسكين حيث لعبت عوامل نفسية في قيام بعضهم بالتخلص من كتبهم. فقد أحرق أبو حيان التوحيدي كتبه بنفسه لأنه لم ينل من التقدير والاحترام في حياته ما كان يرجوه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم