الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الأصدقاء لا وجوه لهم، يتكوّرون على شكل حماقات

إليانا بدر
الأصدقاء لا وجوه لهم، يتكوّرون على شكل حماقات
الأصدقاء لا وجوه لهم، يتكوّرون على شكل حماقات
A+ A-

من هم الأصدقاء؟

يدوّرون الزوايا ويطرّزون كفن الحياة بورود ملونة.

ينسجون الذاكرة على طريقتهم. حاضرون دائمًا كقصيدة، والغائب منهم يد ملوّحة عند أول محطة قطار.

هم عكاز خطواتنا الناقصة، الكتف التي تحمل عنا الوجع أحيانًا، ولو أنهم لا يملكون جعلنا نتخلّص منه.

فزاعات قمح حقولنا، يقذفون الوهم عن ظهر الأيام، يغلقون باب الندم بمفاتيحهم الصغيرة الصدئة، ويرسمون وجهًا أبله يحدّق بنا، مصرّاً على زرع ابتسامة في وجهنا المعطل.

شركاء الحياة بكل أساها وشغفها. شركاء الأحلام والعادات السيئة، الطيش، الفرح، الملل، الخوف، الشوق، البؤس، الخيبة، الحب، والضحك بشهية كبيرة.

نتقاسم معهم عقد الطفولة، والتجارب المخجلة المذلّة، نرتّب معهم الأولويات، نحدّثهم عن دهشة الحب ووجعه، عن الخيانات ومحاولات الانتحار الفاشلة، عن الطفل الصغير في داخلنا والعمر الذي نحاول عبثًا التفوّق عليه.

هرمنا يا رفيق! الأصدقاء لا وجوه لهم، يتكوّرون كلحظات، على شكل أمسيات ونزهات وحماقات وأماكن ترفق بنا كالكورنيش البحري، سمرا، البارومتر، ابو ايلي، الريغستو، ومقاهي مدينة اسمها بيروت، على رغم كل تشوهاتها ظلت تشبهنا وتحنّ علينا بلياليها المهزومة.

كراسي اعتراف نلقي عليها أسرارنا ونمضي. نبكي أمامهم ومعهم، نرتكب أخطاءنا المتكرّرة ونتتظر منهم تنبيهنا. يوشمون ندوبنا الطرية برسائلهم الطازجة كخبز يومي. هم الحقيقة الثابتة في قصصنا الخيالية، والصدق عندما تصيبنا الخديعة. مرايا الأمل وحظنا السعيد في هذه الحياة. لا يخافون الغرق معنا، وإن عُتم قلبنا يشعلون مكانه قنديلًا يضيء روحنا. الأصدقاء هم الماء الذي يغسل موتنا اليومي عندما تحين ساعتنا، بالماء نفسه الذي كان يحيينا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم