الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

العذاب يشتري منك الطريق بالمجّان، ويبيعك الخطى بسعر النار

المصدر: "النهار"
جورج شكرالله
العذاب يشتري منك الطريق بالمجّان، ويبيعك الخطى بسعر النار
العذاب يشتري منك الطريق بالمجّان، ويبيعك الخطى بسعر النار
A+ A-

العذاب

شوكٌ يمشي في جسد،

ينقّب عن النفس في دغلة الأحشاء.

كيف يحفر؟

بها كيف يلتقي؟!

أصمّ،

عن كلّ أنين أو حسرة،

له امتداد وتلبّد كالصحراء،

يصطاد الأعصاب ببندقية الذكريات،

وعلى نزفها، يفتح جناحيه،

ويصفّق، ولا ينوي أن يطير.

مشتهى الشعراء، والكثير منهم،

يرمي له القبعة،

ينادمه،

يناجيه،

وبحرارة يدعوه إلى بيته،

وبثياب المعاناة يقيه من البرد،

وقد يحمله إلى السطح، أيام الشمس،

ليدفأ ويشتدّ.

على باب النوم يستلقي،

وفي تمام اليقظة يكون مستعدًّا.

هو قائدٌ وجنديٌّ. حربه كأنها ليست

[ ] له. لعلّه عميل الحياة...!

العذاب يشتري منك الطريق بالمجّان، ويبيعك الخطى بسعر النار.

في بدء الواقعة، يندفع صوبك على أنك مظلوم،

ثمّ يفلح فيك على أنك أنت الظالم،

وأنت المعتدي، والمفتري، والمستبدّ، والطاغية، والمخطئ...

والسوط قليل عليك!

لو حدّق الإنسان أكثر، لرأى ظلَّ عذابه يهيم حوله،

من دون شمس يتراقص حوله، من دون ضجيج،

يسري به في الأزقّة من دون ليل!

كما العلّيق رفيق الدروب البريّة لمسافات،

أيضاً، العذابات رفيقة الإنسان لمسافات طويلة.

وإذا ما شعر الإنسان بسعادة ما،

فكما يشعر الضرير بسعادة اجتياز الشارع من رصيف إلى رصيف.

يُطرَد العذابُ من الباب، فيعود من الشبّاك.

من يعيده؟

أنتِ أيتها الحياة

أنتِ أيتها الأعصاب

أنتَ أيها الإحساس المفرط

أنتَ أيها المجتمع المطحون،

أو أنتِ أيتها الرغبة في العذاب؟!

العذاب ليس وقفًا على الفقير،

وإلّا كان عنصريًّا في الفشل

في الهزيمة

في الثراء

في البخل

في الجهل.

حتى في الشُّهرة عذاب!

أنتَ في العذاب، إذاً أنتَ في وجه ألف عاصفة من ألف غابة،

في وجه لهاث من ألف حصان في منخار واحد،

في وجه حائط ما استقام إلا ليهوي

ويحطّم!

العذاب حداء الوجع في أعماق جراح الأشقياء،

والمغلوبين، والمشردين،

في أعماق التائهين، في أقاصي الكون!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم