الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مساءلة شعبية... كيف نبني وطناً؟

المصدر: "النهار"
فرح البعيني
مساءلة شعبية... كيف نبني وطناً؟
مساءلة شعبية... كيف نبني وطناً؟
A+ A-

من ساحة الشهداء وبمناسبة مرور مئة يوم على تشكيل الحكومة،  نظّم "تحالف وطني" جلسة "مساءلة شعبية" لتقييم الأداء الحكومي. فبين تماثيل الشهداء المرتفعة خلف المتحدثين ورمزية المكان الذي اختير لهذا النوع من النقاش وبين الأبنية التي لفّت المكان خالية من البشر ويكاد حجرها يتحدث عما مرّ ويمرّ من أمامها كل يوم، تجمّع عدد خجول من شعب يريد أن يحاسب حكومةً ويسألها عن ملفات الفساد.

الجلسة التي ولدت من رحم مبدأ حق الشعب في المساءلة عن العدالة والحريات وإدارة الموارد ووقف الهدر والفساد، استهلها مارك جعارة بكلمة للتحالف شرحت أهداف هذا اللقاء وضرورة مساءلة الشعب بعد تأليف الحكومة.

ثم تلاه بلال علامة الذي تحدث بإسهاب عن قانون الموازنة، فشدد على أهمية أن تكون المساءلة في العمق، إذ أطلق عدة أسئلة حول الموازنة التي من المفترض أن تشكل خارطة طريق لاقتصاد لبنان على ما تبقى من عام 2019. واعتبر علامة أن بعد تسعة عشر جلسة لإقرار موازنة 2019 قد تكون هذه الموازنة صالحة لخمسة أشهر مع وقف التنفيذ. وفي حين أن القانون يحتم إقرار هذه الموازنة قبل الدخول بمتن العام أي قبل البدء بعام 2019 بحيث يجاز للحكومة الجباية والإنفاق. وهنا طرح علامة أسئلة حول كيف تجيز الحكومة لنفسها أن تجني الضرائب والرسوم طيلة الأشهر الخمسة في وقت عمم وزير المالية على كافة الوزارات بوقف الصرف إلا بأمر مباشر منه، وهذه مخالفة لقانون المحاسبة العمومية. وأضاف أن مبادئ الموازنة أولوية الإنفاق على الجباية، أي على الدول أن تنفق على الشعب وعلى كافة القطاعات ومن ثم تبحث في كيفية الجباية وفق رؤية اقتصادية تنموية سياسية كي تمنح الثقة للمواطن.



بعد علامة تحدثت زينة الحلو وأضافت أن حسب "المسودات" التي تم تسريبها يظهر أنه تم التعاطي مع الموازنة مع مبدأ أساسي وهو خفض العجز وبالتالي خفض الإنفاق دون أن يترافق ذلك مع أي رؤية أو أي خطة وبالتالي تم التعاطي مع ذلك كعملية حسابية دون التفكير من أين يجب اقتطاع المخصصات. وعرض الحلو ثلاث نقاط أساسية وهي: موضوع القطاع العام الذي حصل فيه قضم للموارد البشرية على مبدأ عقاب جماعي لكافة الموظفين دون دراسة معمقة حول هذا القطاع وحول العاملين فيه. وأضافت أن التوظيف في القطاع العام هو توظيف سياسي زبائني والدليل على ذلك توظيف 5473 شخصاً في فترة الانتخابات النيابية حيث إن 90% من هؤلاء لم يخضعوا لأي توصيف وظيفي. وجاء هذا التوظيف بعد مرور تسعة أشهر على إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي تضمن بند يمنع التوظيف في القطاع العام. وثالثاً تحدث الحلو عن وقف التوظيف لمدة ثلاث سنوات إلى حين الاستحقاقات البلدية حيث ستستفيد السلطة الحاكمة من هذا الملف.

إنطلقت الجلسة بعدها لتناقش ملف الكهرباء مع يحيى مولود الذي اعتبر أن خطة الكهرباء هي في الشكل خطة جيدة، لكن في المضمون ستولّد الكثير من المشاكل، وذلك أن قانون 462 الذي أقر عام 2002  ينصّ في أهم بنوده على إنشاء هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، والخطة اليوم تتحدث عن ثلاثة أسباب واضحة وهم الهدر الفني وغير الفني  وقدرة تحسين الفعالية إضافةً إلى زيادة التعرفة. وأضاف أنه عام 2018 بلغ العجز المالي لمؤسسة كهرباء لبنان 1.8 مليار دولار تعود إلى أسباب عدة.  وبالعودة إلى  قانون 462 جاء بعده تعديل وضع تحت رقم 288 من أجل تأسيس الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بشكل مؤقت ولمدة سنتين إلى حين تعيين أعضاء الهيئة. الأمر الذي لم ينتج أي خطة فعّالة.

أما أزمة النفايات التي ما زلنا نناقشها حتى يومنا هذا، تحدّث عنها جورج عازار وخصوصاً قانون النفايات الصلبة الذي سيؤدي إلى عدة كوارث في هذا الملف، حيث إن المحارق السرية التي لا نعلم عنها شيئاً لا تناسب طبيعة نفاياتنا، وهي ليست خياراً معقولاً. وسأل عن دراسات وزارة البيئة حول المحارق والمطامر البحرية. ودعا إلى عدة حلول مثل التخفيف من النفايات عبر قوانين عاجلة ووضع برنامج لامركزي لفرز من المصدر وبناء البنى التحتية الجيدة للمعالجة.



المحامي واصف الحركة تحدث عن الطعن بقرار المهل الإدارية للكسارات والمقالع الذي قال إنها شريكة في هذه الجريمة وفق توزيع الحصص بين المناطق والطوائف. وتحدث أنه يمكن للبنان استيراد الترابة من الخارج بأسعار أقل من سعر السوق دون وجود أي مقالع وكسارات وذلك للمحافظة على الثروات الطبيعية.

وفي سياق آخر تحدث د.حليمة قعقور عن ملف الحريات وخرق حريات التعبير الممنهج ضد كل من ينتقد أداء هذه السلطة. وأضافت أن سلوك الدولة هو عبارة عن انفعال تأديبي لكل شخص يقول للدولة كلا.

ختاماً كان الحديث لنائبة التحالف بولا يعقوبيان التي شددت على ضرورة ارتفاع صوت المعارضة والمحاسبة والمساءلة بوجه المسؤولين السياسيين. وأعلنت أنها انضمت إلى هذا التحالف دون أي شروط من أجل رفع صوت المعارضة، مضيفةً أن لبنان الأخضر تحول إلى لبنان أخضر بمعنى آخر مع هذه السلطة. وطرحت عدة أسئلة حول المرحلة المقبلة داعية كل فرد من أفراد المجتمع إلى مساءلة الدولة وإيصال صوتهم عبر صناديق الاقتراع في كافة الاستحقاقات.

 

جلسة "المساءلة" هذه التي ناقشت كل هذه الملفات تطرح العديد من الأسئلة اليوم: هل يعلم المواطن اللبناني بالتفصيل حجم هذه الملفات؟ ماذا عن خطورتها؟ ماذا عن الشعب الذي أعاد انتخاب نفس الطبقة الحاكمة منذ سنة؟ هل سيستيقظ يوماً ما؟ أما التحالف هل سيبقى تحالفاً وطنياً؟ متى ستثمر هكذا تحالفات تحركات شعبية ضاغطة؟ متى ستتحول هذه الجلسات الحوارية الضيقة التي تتسم بالنخبوية إلى حركة تنطلق عبر قرع باب كل منزل في كل حيّ؟ متى سينطلق صوت موحّد للمعارضة بعيداً عن الأنا وحب الظهور وننزل من عليائنا لنخاطب زملاءنا في الوطن؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم