الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رحلة فضائيّة من إعداد جمعيّة "كون وسماء" وجامعة القدّيس يوسف

كني-جو شمعون
رحلة فضائيّة من إعداد جمعيّة "كون وسماء" وجامعة القدّيس يوسف
رحلة فضائيّة من إعداد جمعيّة "كون وسماء" وجامعة القدّيس يوسف
A+ A-

هل رفعتَ يوماً عيناكَ نحو السماء طارحاً آمالكَ في هذا الكون الواسع، ضائعاً هائماً في أسرارِهِ، تعُدُّ نجومَهُ وتفقدُها، ثمَّ تشعرُ أنّكَ هذا المخلوق الصغير الصغير أمام سرّ كياني كبير؟

لطالما شغلت مسألة الوجود والكون بالَ الإنسان منذ فجر التاريخ، فجازف البعض في الغوص في أسراره بالرغم من تحدّيات أزمنتهم حتّى توصّلت البشرية إلى تكوين علم فلكي قائم بذاته.

في 9، 10 و11 أيّار 2019، وبعنوان "خطوة صغيرة... حلم كبير" استضافت كليّة العلوم والتكنولوجيا في جامعة القديس يوسف – مار روكز، بالتعاون مع جمعيّة "كون وسماء" (UniversCiel Liban)، مهرجان فلورانس (Fleurance) الفرنسي الفلكي بنسخته الخامسة في لبنان فاستقطب نحو 800 طالب مدرسي.

واللافت حضور عمدة بلدة فلورانس السيّدة إميلي مونيوز- دنيغ (Emilie Muñoz-Dennig) التي عبّرت لـ "النهار" عن شعورها تجاه لبنان قائلة: "لبنان في ذهني وروحي يلاقي بشدّة فرنسا؛ فارتباط الشعبين صلب وعميق كجذور الأرزة التي تزيّن علمكم؛ وهذه الأرزة الراسخة في الأرض علامة حياة وخلود. بحضوري إلى لبنان تحقّق حلمي الكبير وأقدّر كثيراً الحرارة في استقبالكم للآخر. سررت كثيراً بلقاء تلامذة لبنان والاستماع إليهم".

"خطوة صغيرة... حلم كبير"

يتحدّث رئيس جمعيّة "كون وسماء" المهندس جان-بيار صغبيني عن كيفيّة اختيار موضوع المهرجان شارحاً أنّ الذكرى الـ50 لخطو نيل آرمستونغ أوّل خطوة على سطح القمر تحلّ هذه السنة وبالتوازي، إنّها السنة الخامسة التي نستضيف فيها المهرجان الذي ينعقد منذ 29 عاماً في فرنسا. ويضيف: "بمناسبة الخمس سنوات والـ50 سنة، دعوة للشباب إلى خطوات جريئة ولو صغيرة في غاية تحقيق الأحلام الكبيرة...".

نحو مستقبل واعد...

دخلنا قاعة المحاضرات وكانت تعجّ بالتلاميذ. النقاش دينامي. نوعيّة الأسئلة مدهشة. الطلّاب يتعطّشون إلى معرفة المزيد عن الثقوب السوداء وانطفاء النجوم وغيرها من المواضيع الساخنة والمثيرة، التي تنمّ عن حشريّة علميّة وفكر عميق...

المحاضرون الثلاثة نخبة من الاختصاصيّين والباحثين الفرنسيّين في مجال العلوم الكونية، ومع أدمغة عملاقة لا يمكن للحوار إلّا أن يكون في مستويات عالية... وتبيّن لنا أنّ الدكتور جان- فيليبأوزان - Jean-Philippe Uzan) المحاضر الجامعي في علوم الكونيات ومدير الأبحاث في المركز الوطني للأبحاث العلمية) والدكتورة بريجيت زندا Brigitte Zanda) متخصصة بالنيازك البدائية ومحاضرة في متحف العلوم الطبيعية) والدكتور سيلفان برنارد Sylvain Bernard) الباحث في مجال الكيمياء الفلكية في المتحف نفسه في باريس)، لم يتوانوا عن المجيء إلى لبنان لنقل خبراتهم للمشاركين والإجابة عن أسئلتهم...

وقد خصّنا الدكتور جان-فيليب اوزان، بحديث فيه أنه "علينا تنشئة الأجيال الصاعدة منذ الصغر على فهم ما يدور حولها ودفعها على البحث عن الحقيقة. إنّ الانسان اليوم أمام قضايا سياسية واجتماعية مصيريّة مرتبطة بالبيئة والعلوم والتكنولوجيا، والمطلوب منه القيام بخيارات في مسائل مهمة وساخنة تحدّد السياسات المتبعة وانعكاساتها على حياته ومستقبله. إنّ الثقافة العلمية الكاملة وحسّ التمييز يمكّنان معاً المواطنين من الاختيار بحريّة ووعي، ويساعدان المجتمعات في تفادي المخاطر وعدم الوقوع في فخّ المؤامرات".

كيف نُقِلَ الحلم إلى لبنان؟

تروي السيدة كانديس سلوكجي، المسؤولة الإعلاميّة في الجمعيّة عن نشأة الفكرة وتطوّرها: "أعجب بشدّة المهندس جان-بيار صغبيني بالمهرجان الفلكي في فلورانس جنوب غرب فرنسا عام 2014 وتمنّى مشاركة اللبنانيّين بالحدث. وعلى الفور، طرح رؤيته على رئيس جمعية Ferme des Etoiles الذي تحمّس لرغبته، فكان المهرجان الأوّل عام 2015 في لبنان. لاحقاً، أسّسنا جمعية "كون وسماء" UniversCiel Liban التي أخذت على عاتقها التحضير للمهرجان سنويّاً. وتمكنّا حتّى اليوم من استقبال 6000 تلميذ لبناني ليصبح الحدث غنيّاً بالنشاطات ومحطّ أنظار كثير من الناس كباراً وصغاراً، يترقّبونه من سنة إلى أخرى".

التعاون مع الجامعات

كما في السنة الأولى، هكذا في السنة الخامسة، أتى الحدث للمرّة الثانية بالتعاون مع جامعة القديس يوسف، وقد رحّب في بداية المهرجان الأب البروفيسور سليم دكّاش اليسوعي، رئيس الجامعة، والدكتور ريشار مارون، عميد كليّة العلوم والتكنولوجيا بهذا الحدث العلمي الهام.

هذا وصرّحت الدكتورة ماري عبود مهنّا لـ"النهار": "إنّ صرحنا الأكاديمي يقدّم منذ عام 2010 شهادة الماجستير في الـastrophysique أي الفيزياء الفلكية بالتعاون مع جامعة سيدة اللويزة". وتعبّر عن رغبة الجامعة بتسليط الضوء على الفيزياء والفيزياء الفلكية بالتحديد لأنّ هذا المجال يستقطب عدداً كبيراً من الناس.

ردّة فعل التلاميذ

في مبنى الكليّة، ورش عمل من إعداد الطلّاب وباشراف الأستاذ مارك بو زيد عضو الجمعيّة. التبادل حيوي ومثمر، وبو زيد لـ"النهار": إنّ الأطفال منذ صغرهم يطرحون العديد من الأسئلة ومولعون بالأمور الكونيّة، أمّا نحن فعلينا أن ننقل لهم شغفنا لهذا المجال، والإجابة عن أسئلتهم". وعن غشراك التلاميذ بإعداد الورش يقول: "إنّ ذلك يساعدهم في التعلّم من بعضهم والتفاعل في ما بينهم. وهذا أمر رائع".

تشاركنا تلميذة في مدرسة الحكمة برازيليا ساهمت في اعداد الورش خبرتها قائلة: "أكثر ما أحببنا هو التفاعل مع الزائرين الذين أبدوا اعجابهم واندهاشهم أمام الأفكار الجديدة التي أطلعناهم عليها. فالمعلومات التي اكتشفناها قيّمة وقد استفدنا منها جميعنا".

أمّا الطالب ايلي ابرهيم، فقد تغيّب عن مدرسته في تعنايل وحضر مع والدته للمشاركة في الحدث معلّلاً: "انّي مولع بأسرار الكون وأريد التخصّص في الفيزياء الفلكيّة. جئتُ للتعمّق في الموضوع واستكشاف الاختصاص. إنّها فرصة لا تثمّن. أحببتُ كثيراً النشاطات والتبادل مع الخبراء والمحاضرين".

وفي اتّصال مع "النهار" عبّرت إدارة مدرسة القديس فرنسيس لراهبات الصليب – غزير عن فرحتها بمشاركة ناديها المتخصّص في علوم الفلك والكون، في أمسية للنقاش مع الخبراء الفرنسيّين ومشاهدة الكواكب والقمر، متمنّية لطلّابها المتحمّسين، السير على خطى كبار الباحثين الذين التقوهم ضمن فاعليات المهرجان.

الرسالة الأخيرة

وفي الختام، نوجّه رسالة مع الدكتورة مهنّا والمهندس صغبيني إلى الشباب اللبناني الذي يتمتّع بطاقات هائلة: "لا تخافوا أن تكون أحلامكم كبيرة لأنّكم قادرون على تحقيقها! وان كنتم مولعين بمجال الكونيّات فلا تتردّدوا عن التخصّص في الفيزياء والفيزياء الفلكية، فسوف تبرعون وتشعّون".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم