اختبار الإيمان وشهود القيامة

الإيمان ليس قبولاً عقليًّا لمجموعة عقائد غريبة عن الإنسان. بل هو اختبار شخصيّ يقوم به الإنسان في عمق كيانه. ماذا نعني بلفظة "اختبار"، وكيف التوفيق بين اختبار الإيمان، الذي هو أمرٌ شخصيّ، وموضوع الإيمان الذي هو الوحي الذي يأتينا من الله؟نبدأ بالقول إنّ الحياة مجموعة اختبارات يجريها الإنسان على الكون الذي يحيط به وعلى نفسه. وكلّما عاش الإنسان قام باختبارات متنوّعة، وصارت له خبرة واسعة وغنيّة. والاختبار هو دومًا علاقة بين موضوع وشخص. فلا اختبار ممكن من دون موضوع اختبار. فالاختبار البشريّ هو حتمًا اختبار لموضوع معيَّن خارج عن الشخص الذي يقوم بالاختبار. إنّا نختبر دومًا شيئًا خارجًا عنّا أو شخصًا مختلفًا عنّا: فنختبر حَدَثًا، أو علاقة، كعلاقة حبّ أو بغض أو ثقة أو سوء تفاهم، كما أنّنا نختبر البرد أو الحرّ أو الجوع أو العطش إلخ. ومن ناحية أخرى لا اختبار ممكن من دون شخص يقوم بالاختبار: ذلك بأنّي، من خلال اختباري للآخر، أختبر نفسي. فلدى لقائي مثلاً أحد أصدقائي، أسَرّ لرؤيته، فأختبر الفرح في نفسي. في هذه اللحظة أنا وصديقي نكوّن موضوع اختباري. وكذلك عندما أشعر بالحزن، أو بالجوع، فالحزن والجوع هما السبيل والواسطة...