الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قصة مستشفى كان يداوي مرضاه بالنبيذ!

جاد محيدلي
قصة مستشفى كان يداوي مرضاه بالنبيذ!
قصة مستشفى كان يداوي مرضاه بالنبيذ!
A+ A-

عبر التاريخ، قام الطبيب الإغريقي أبقراط، المُلقب بـ "أبو الطبّ"، باستخدام عدد من أنواع النبيذ لعلاج أمراض مختلفة، إيماناً منه بأن "النبيذ مادة مناسبة للبشرية، سواء للسليم من الناس أو العليل". لكن في فرنسا، التي عرفت زراعة الكروم منذ القرن الخامس الميلادي، ظلت عبارة "في صحتك" التي تُصاحب عادةً احتساء النبيذ والمشروبات الكحولية، تبدو مفعمة بالمصداقية حتى قرب بداية القرن الحادي والعشرين. وخير دليل على ذلك هو قبو للنبيذ في مستشفى يعود للعصور الوسطى في مدينة ستراسبورغ الواقعة في منطقة الألزاس شرقي هذا البلد الأوروبي. هذا المستشفى التعليمي أُسِّس عام 1119 وارتبط منذ عام 1395 بعلاقة تكافل مع قبو عتيق للنبيذ يوجد في نُزل تابع لأحد أديرة المدينة ويقع أسفل منه مباشرة.

وبحسب BBC بلغت هذه العلاقة حدّ أنه لم يكن لأحد هذين المكانين أن يبقى قائماً لولا وجود الآخر. فعلى مدار قرابة 600 عام، سدد الكثير من مرضى المستشفى فواتير علاجهم عبر التخلي عن أراضٍ مملوكة لهم ومزروعة بالكروم، وكانت المحاصيل التي تُزرع في هذه المساحات يُعدّ منها نبيذ يُخزّن في قبو النُزل. ولم يكن هذا الأمر حكراً على ستراسبورغ وحدها، بل كان ممارسة شائعة في فرنسا، إذ كانت مزارع الكروم توفّر الدخل للمستشفيات، بينما مثّلت أقبية النبيذ - التي كانت تعمل كمبرّدات ضخمة - الأماكن المثالية للحفاظ على هذا المشروب بارداً. وتدفق الناس من مختلف أنحاء فرنسا على هذا المستشفى للحصول على "علاجات نبيذية"، كانت اسماً على مسمّى، إذ تألّفت ممّا يتراوح ما بين زجاجة إلى زجاجتين من النبيذ يومياً لمعالجة أمراض مختلفة.

وبالرغم من أن العلاج باحتساء النبيذ كان شائعاً للغاية في العصور القديمة، فإن المسؤول عن هذا القبو أطلع BBC على أدلة تفيد بأن هذه "الوسيلة العلاجية" ظلت قيد الاستخدام منذ عام 1960 وحتى عام 1990. وتنوعت الأمراض والعلل التي كان النبيذ يُستخدم لمعالجتها، بين الانتفاخ والبدانة والقوباء "الهربس"، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وكذلك تراجع الرغبة الجنسية لدى الرجال، بل وعند النساء أيضاً. كما قال الرجل في المقابلة: "لاحظت لاحقاً أيضاً أن قائمة العلاجات النبيذية شملت وصفة يُمزج فيها أحد أنواع النبيذ بالماء الفوار لمعالجة تليّف الكبد". وبرغم أن صفحة العلاج بالنبيذ طُويت قبل عقود، فإن القبو لا يزال يضطلع بدور مهمّ في تاريخ صناعة النبيذ في فرنسا، من خلال مواصلة عرضه لأنواع فاخرة من النبيذ الفرنسي، بجانب الدعم المالي الذي يوفره للمستشفى. ويبلغ الإنتاج السنوي للقبو في الوقت الراهن 140 ألف زجاجة نبيذ من أنواع مختلفة، بفضل استخدام محاصيل كروم شارك 26 شخصاً  في زراعتها. وتُعتَّق هذه الكميات من النبيذ لفترة تمتد ما بين ستة إلى عشرة أشهر في براميل ضخمة من البلوط، قبل أن تُعبأ في زجاجات وتُباع للمستهلكين. المذهل أن القبو لا يلجأ أبداً للإعلان عن نفسه بأي شكل من الأشكال، وليس له سوى موقع إلكتروني خاص به.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم