السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

دروس من زيارة البطريرك

المتروبوليت باسيليوس منصور راعي ابرشية عكار وتوابعها للروم الارثوذكس
دروس من زيارة البطريرك
دروس من زيارة البطريرك
A+ A-

يوم دخلنا مع غبطة البطريرك يوحنا العاشر إلى بلدة ببنين العكّاريّة، شعرنا بعمق انتمائنا إلى هذه البلدة، وبعمق الرّوابط المُحِبَّة الّتي يحملها لنا أبناء هذه المنطقة الطّيّبون، فالقضيّة ليست بحفاوة المظاهر، بل بحفاوة نقيّة صادقة نابعة من الأعماق، حفاوة تعبّر عن حيرة صاحبها كيف يمكنه أن يكرّم زائره ويظهر له المودّة الخالصة.

إذ نشكر الدّكتور كفاح الكسّار على كلّ الجهود الّتي بذلها، نعبّر عن اعتزازنا بأمثاله، وعمق امتناننا لجهوده، فقد رأيناه مهتّماً بأدقّ التّفاصيل، وعاينّاه يتابع شخصيّا هذا الموضوع أو ذاك. وإن عبّر هذا السّلوك عن شيء فهو يعبّر عن صدق الرّجل مع نفسه، وقناعته بما يقول وبما يؤمن، ومثل هذا النّموذج نحتاجه بقوّة لنكرّس الصّدق في التّعاطي مع الآخر، ولنؤكّد أنّه يمكننا أن نحوّل الاختلاف إلى غنى، من دون أن يتحوّل إلى خلاف.

عندما نظرت إلى عيون الأطفال الّذين كانوا يلوّحون لنا بالأعلام، حسبتهم يعرفوننا منذ زمن. نعم، إنّهم كذلك، فالقيم الجميلة الّتي يزرعها النّاس في وجدان أولادهم تنعكس على سلوكهم وعلى شخصيّاتهم، هم يعرفوننا لأنّ تربيتهم عرّفتهم على احترام الآخر ومحبّة جميع النّاس.

هذا الصّدق النّابع من عيون الأطفال جعلني أتأمّل أكثر في الآية:" "مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا"، ففي تعبير الأطفال حقيقة حتميّة، ومثلُنا الشّعبي يقول: "خدوا قرارن من صغارن"، ونحن نقولها وبصدق لقد أكّد لنا هؤلاء الصّغار ما نعرفه عن تفكير أهلهم، وقد علّمَنا هؤلاء الصّغار دروساً ستبقى في الذّاكرة تفرحها تنعشها وتحضّها على محاكاتها في أكثر من مجال.

وإذا التفتُّ إلى الكلام الطيب الّذي قيل والّذي استُقبلنا به، بمشاركة حشود كبيرة من النّاس، ندرك حقّاً كم أن مكامن الجمال الأخلاقيّ موجودة عند جميع النّاس، وكم نشبه بعضنا في التّعليم السّلوكيّ، في أن نكون مصدر محبّة ووئام لجميع النّاس، في ألاّ يأتي إيماننا إلا فعل الخير في مجتمعاتنا.

أمام هذا المشهد الّذي أثلج قلوبنا وأفرحها، لا يمكنني إلا أن أستحضر شخصيّة الدّكتور كفاح الكسّار حين كان في عداد الزّائرين لغبطته في مقرّه في البلمند للمشاركة بدعوته لزيارة عكّار، حينها أظهر الرّجل جانباً من رجاحة فكره، وسعة علومه، وعبّر عن أصالة منبته، وعاد بنا إلى أيّام الهجرة الأولى يوم استقبل ملكُ الحبشة المسلمين الأوائل، واعتبر أنّ للمسيحيين في ذلك فضلاً، وعلى المسلمين حفظ هذا الفضل وتقديره. وفي الحقيقة، إنّ للقيم الإنسانيّة أمداء لا تعرف حدّاً، فشكراً لأبناء ببنين الّذين نبضوا بمدى جديد، وكرّسوا نموذجاً حضاريّاً نعتزّ به، وسيبقى فينا حافزاً لكلّ سلوك جميل.

مَن زرع الحبّ حصد الحبّ، فلكم في قلوبنا الكثير من المودة يا أبناء ببنين الأحبّاء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم