اشترِك في نشرتنا الإخبارية
أبي
صورة النرجس
معلّقاً
على قدم خشبية
فتى في السابعة عشرة
بكتفين هزيلتين
وكفين عاريتين
مصاباً برعشة سماوية
يخاف صوت- جدي-
الذي دفنه وأمه
في غرفة الطين
وحكايا الذقون المزيّنة
بالخلع الخضراء
حول التكايا
حافياً
يحمل كيس بحارته
يلمّ قلوب جيف أعدائه
ويضعها
وليمة النسر...
*
أبي
يقرأ شعراً
منقوشاً على شاهدة الزيتون
خلف ظلال الحصاد
يرفع معوله
ينقب عن شجرة نسله
بين أكوام المجازر
يلاعب سبحة
تحنّط الأسماء الحسنى
يتناول وجبته
بيض مسلوق
على رغيف يابس
حساءً ممزوجاً بالكافور
لئلا يوقظ رأسه
جوع الحرية.
**
أبي
يخون اليسار
يخون اليمين
ببنادقهم المستوردة
على أرض ستطئها
جحافل التتر الجديدة
يُبقي مسمار أمانه مغلقاً
في وجه الموت العابر
بين الجبهتين
يحتفظ برصاصه الحي
مخزن جعبته الخاكي
يزرع رصاصة واحدة
في القلب
ليريق النصر الأسود
دمه عنوة
على صخرة الصوان
***
أبي
يزف طفولته الموؤودة
حشوة بارود
تنفجر في سماء رمادية
يرتجف وحيداً
داخل قوقعته
يتمترّس خلف ساتر ترابي
يدخل رأسه بيت النار
يبصر خطوات نبضه
الهادرة على الأرض
يتلعثم باسم الجلالة
يخرج طلقاته الطائشة
من بدنه الشهيد
يدفن نفسه
خطوط التماس.
***
أبي
رفات فارغ
لا رائحة مسك
تحتضن العلم
لا أرز يرمى عليه
من عيون النساء
فوق الأسطحة
لا ملائكة تنهض
روحه إلى السماء
لا فاتحة تغسل
جثته المتحلّلة
لا جباه تصلي
قامته المنحنية
أبي مجرد
لوحة معدنية.
