السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل نهايتك بالضربة القاضية بداية لنجاحٍ باهر؟

حسان شعبان
هل نهايتك بالضربة القاضية بداية لنجاحٍ باهر؟
هل نهايتك بالضربة القاضية بداية لنجاحٍ باهر؟
A+ A-

منذ تأسيسها في العام 1930، اعتمدت شركة "كاتول" على تصنيع منتج لتنظيف ورق الجدران، تبيعه بشكل مركّز في ولاية سينسيناتي الأميركية حيث كان السكان يستخدمون الفحم للتدفئة ويقبلون على شراء معجونة "كاتول" كي يزيلوا آثار الفحم عن جدرانهم. لكن بعد سنوات، تحول الناس من الفحم إلى الغاز الطبيعي، فتقلصت مبيعات الشركة تدريجياً وصارع مديرها جو ماكفيكر كثيراً لإبقاء مؤسسته على قيد الحياة. في العام 1965، بدأ جو يفقد الأمل وكاد أن يُعلن إفلاسها إلا أن القدر شاء ان يُلهم كاي زوفال زوجة شقيقه التي كانت تعمل في روضة الاطفال أن تستخدم معجونة "كاتول" لتزيين صفوفها في محاولة لتحفيز جو بشرائها بضعة علب. استمتع الأطفال كثيراً بالمعجونة وراحوا يصنعون منها أشكالاً مختلفة مما أثار إعجاب المدير وطالب باعتمادها في صفوف الحضانة لتدريب الأطفال على المهارات اليدوية. تلقف ماكفيكر الأمر فأجرى بعض التعديلات على المعجونة مضيفاً إليها الألوان، وأعاد طرحها في السوق باسم معجونة "بلاي دو" للأطفال فلاقت رواجاً استثنائياً بالرغم من انه كان يبيع عبوة "بلاي دو" بسعرٍ أكثر بخمسة أضعاف من سعر عبوة كاتول. وهكذا أصبحت "بلاي دو" اليوم من المنتجات الاكثر مبيعاً للأطفال في العالم وتوزع نحو مئة مليون علبة في العام الواحد.

تعديلٌ بسيط اقترحته مدرسة روضات جعل شركة على شفير الإفلاس تصل إلى قمة النجاح، قد يرى البعض أن الفضل يعود إلى كاي، ولكن سر النجاح يكمن في ان ماكفيكر تمتع بذهنية منفتحة خولته تلقف آراء واقتراحات الآخرين ولم يكن منغلقاً على ذاته بل عمد إلى اجراء تحسينات على المنتج واختار شريحة جديدة من الزبائن مهتمة بالمنتج من دون مكابرة بالاصرار على استهداف نفس الشريحة التي اعتاد التوجه إليها منذ بداية المشروع وباتت اليوم غير معنية به.

"كل من يرفض التغيير مآله الاضمحلال. المؤسسات البشرية الوحيدة التي ترفض التطور هي المقابر" (هارولد ويلسون).

كثيرة هي المؤسسات والمهن التي أقفلت ولم تتمكن من مواكبة التطورات فانكفأت بنفسها رافضة إجراء تعديلات على نماذجها ومنتجاتها من دون أن يدرك القيمون عليها بأن المشكلة ليست في المنتج ولا في أصل المشروع انما في محدودية رؤيتهم وعدم التعاطي بدينامية مع المتغيرات.

من يخشى التغيير سيتوقف عن التقدم إلى الأمام وسيجد نفسه متخلفاً عن الركب في المستقبل مهما كانت منتجاته أو خدماته جيدة في الحاضر. فمن يريد الريادة عليه أن يجعل من التطوير والتعديل استرايجية دائمة ومستمرة.

امتهن مايكل بنت الملاكمة منذ صغره وحقق ألقاباً كثيرة، فقد كان اسمه يرعب الملاكمين إلا انه في الحقيقة لم يكن يحب الملاكمة وقد كان يخشى تلقي الضربات لكن تنمّر أباه دفعه إلى ممارستها رغماً عنه. يقول مايكل إنه خسر البطولة بالضربة القاضية لأنه لم يكن يحب الملاكمة بالرغم من احترافه لها. خسارته كانت مدوية ومؤذية، دخل على اثرها في غيبوبة وحينما استيقظ طلب منه الطبيب التوقف عن ممارسة الملاكمة نهائياً خوفاً من التعرض لأزمة صحية أخرى. كان مايكل بنت يهوى الكتابة والتمثيل فدخل الجامعة لتعلم التصوير والإخراج وصار يكتب في صحيفة رياضية إلا ان احد المخرجين في هوليوود اكتشف موهبته وطلب منه التمثيل بدور ثانوي في فيلم "علي" الذي لعب دور بطولته الممثل ويل سميث وأسند لمايكل مهمة التدريب والإشراف على الممثلين الذين يؤدون دور ملاكمين فانتقل إلى هوليوود وبرع في العمل كممثل ومدرب فلاقى شهرةً واسعة. ينسُب مايكل بنت الفضل في نجاحه في الكتابة والتمثيل والاخراج إلى خسارته بالضربة القاضية فلولاها لما أدرك المهنة التي يعشق ويبدع فيها.

كثيرون يجدون أنفسهم عالقين في مهنة ما أو وظيفة لا يحبونها ولكنهم يخشون التغيير وترعبهم فكرة البداية من جديد. فالإنسان بطبيعته يخاف من المجهول حتى لو كان خلاصه فيه إذ يميل إلى تقبل واقعه الملموس بالرغم من انسداد أفقه بدلاً من خوض المغامرات مهما كانت محسوبة ومربحة.

النهايات تؤسس لبدايات أفضل والفشل أمر ضروري لنمكّن أنفسنا وندرب ذواتنا للوصول إلى قمة النجاح. لكن أغلبنا يخشاه فيمتنع عن المحاولة من جديد أو يتقاعس عن الإقدام مخافة الاخفاق.

"لكي تنجح ، ينبغي أن تكون الرغبة في تحقيق النجاح لديك أكبر من الخوف من الفشل" (بيل كوسبي).

الفرص أمامنا كثيرة وما علينا سوى القيام بالتغيير المناسب، أحياناً التغيير يقتصر على تعديل بسيط في آدائنا أو منتجاتنا وأحياناً يكون تغييراً كلياً لعملنا أو لمهنتنا. والعبرة هنا تكمن في أن نحتضن التغيير كيفما كان دون أن نهابه أو نجزع منه.

تويتر: @alshaaban

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم