السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

نتنياهو على طريق الفوز بولاية جديدة... الصعوبات ليست وراءه

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

يبدو نتنياهو في موقع مرجّح لترؤس الحكومة المقبلة مع فوز تحالفه ب 65 مقعداً على الأقل في الكنيست الإسرائيليّ من أصل 120 بعد فرز 97% من الأصوات. كذلك، حصل حزب "الليكود" على 35 مقعداً رافعاً حصّته النيابيّة بخمسة مقاعد عن الانتخابات الماضية، فيما حصل حزب "أزرق أبيض" على عدد مساو من المقاعد. يظهر الفوز المرجّح لليكود برئاسة الحكومة بأنّ يسار الوسط الإسرائيليّ لم يستطع أن يصل إلى الحكم منذ عشرين سنة. وإذا استطاع نتنياهو فعلاً أن يشكّل الحكومة الائتلافيّة المقبلة والتي ستكون الخامسة في مسيرته، فسيصبح رئيس الوزراء الإسرائيليّ صاحب الفترة الأطول في هذا المنصب على الإطلاق. لكن باستثناء هذا الرقم، قد تتوالى التحدّيات تباعاً أمام نتنياهو.

قضايا الفساد

منذ أواخر 2016، تعرّض رئيس الوزراء الإسرائيليّ لثلاثة تحقيقات مختلفة تتعلّق بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة العامّة. وفي شباط الماضي، أعلن النائب العام الإسرائيلي أفيخاي مندلبلت قراره توجيه اتّهامات رسميّة إليه في القضايا الثلاث، لكنّ "الليكود" وصف القرار بأنّه "عقاب سياسيّ يهدف إلى الإطاحة بالحكومة اليمينيّة وتشكيل حكومة يساريّة".

لم تكن الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة بعيدة عن خطّة لتشكيل درع من "الشرعيّة الشعبيّة" لمواجهة الاتّهامات القضائيّة. ويمكن استخدام عبارة هيو لوفات في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة" لتوضيح الصورة حول واحدة من أهمّ غايات الدعوة إلى الانتخابات المبكرة. فلوفات رأى أنّها قد تكون "ورقته المجانيّة الأخيرة" لتفادي السجن إذ تقوم الفكرة المبدئيّة لدى نتنياهو على أنّ الفوز الانتخابيّ سيمكّنه من الادّعاء بأنّ تفويضاً ديموقراطيّاً متجدّداً يجب أن يتمتّع بالأسبقيّة على التحقيقات، بما أنّ الجمهور الإسرائيليّ صوّت له على الرغم من علمه بالاتّهامات.

يريد نتنياهو في الصيف المقبل تجنّب المحاكمة، لذلك سيسعى مع حلفائه إلى تمرير مشروع قانون لتجميد الاتّهامات أو لإعطائه حصانة ضدّ المحاكمة. لكنّ ذلك سيعقّد مفاوضاته مع حلفائه من اليمين المتطرّف الذين سيحاولون انتزاع تنازلات كثيرة منها ما هو مرتبط بحجمهم داخل الحكومة لكن منها ما يتعلّق بحقوق الفلسطينيين.

ليس واضحاً ما إذا كان هذا الفوز سيمكّن نتنياهو من مواجهة التحقيقات خصوصاً إذا عمد إلى استصدار قانون حول ذلك، لكنّ كثيراً من التقارير تنفي هذه الفرضيّة. "إنّ الانتصار الانتخابيّ لنتنياهو، بكلمات أخرى، لا يعني أنّه خرج من الغابة حتى الآن"، كتب زاك بوشان في موقع "فوكس" الأميركي.

مرحلة "ردّ الجميل"؟

حتى مع افتراض قدرة نتنياهو على تخطّي هذه العقبة، ستبرز التساؤلات حول إمكانيّة حفاظه على بعض المكاسب السياسيّة الإقليميّة التي حقّقها مؤخراً بفعل دعم الرئيسين الأميركيّ والروسيّ. إنّ فوز نتنياهو الصعب على منافسه بني غانتس يرجّح فعلاً أنّ هذه النتيجة كانت لتكون مختلفة لو أنّ ترامب لم يعترف بسيطرة تل أبيب على الجولان المحتلّ ولو أنّ بوتين لم يقدّم له رفات الجنديّ زخاري بوميل.

على الضفّة الروسيّة تبدو الأمور معقّدة، لأنّ الرئيس الروسيّ يريد مقابلاً لخدماته ولعلّ أبرزها أن يعمل نتنياهو على إقناع واشنطن باعتراف ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم. وحتى لو تمكّن من إقناع الإدارة الأميركيّة بهذه الخطوة، فهو سيعجز على الأرجح عن دفع الأوروبّيّين إليها. فهم ناهضوا الإسرائيليّن والأميركيّين في الخطوات الأحاديّة الكثيرة التي تقوّض ما تبقّى من فرص للسلام، إضافة إلى رؤيتهم أنّ قضيّة القرم قضيّة أوروبية بالدرجة الأولى.

حتى على الضفّة الأميركيّة، لا تبدو الأمور سهلة بالمقارنة مع التصوّرات الأوّليّة. قدّم ترامب الكثير من الخدمات للإسرائيليّين طوال السنتين الماضيتين، وهي لم تقتصر على قضيتي الجولان والقدس بل شملت أيضاً وقف أو تخفيض مساعدات للسلطة الفلسطينيّة إضافة إلى وقف التمويل لوكالة "أونروا". كذلك، بالنسبة إلى وضع الحرس الثوريّ الإيرانيّ على لائحة الإرهاب، كان التوقيت لافتاً للنظر بما أنّه أتى قبل يوم واحد على الانتخابات.

لكن تبقى التكهّنات حول مدى استعداد ترامب للاستمرار في إرضاء نتنياهو إذا أراد فعلاً إنجاح "صفقة القرن" والحصول على موافقة فلسطينيّة وعربيّة وأوروبّيّة وروسيّة عليها. ويصبح السؤال أكثر إلحاحاً إذا ذهب نتنياهو، مع حكومته اليمينيّة الائتلافيّة المفترضة، لضمّ المستوطنات في الضفّة الغربيّة. رأى الباحث في "المجلس الأطلسيّ" شالوم ليبنر أنّ مسألة ضمّ نتنياهو للمستوطنات قد تعود بشقّها الأكبر إلى الرئيس الأميركيّ لا إلى رئيس الوزراء الإسرائيليّ، وفقاً لما كتبه في صحيفة "ذا واشنطن بوست".

تقويض الدولة لا يعني تقويض الفلسطينيّين

في هذا السياق، بإمكان ترامب أيضاً البدء بمطالبة نتنياهو ب "ردّ جميل" مقابل التنازلات الأميركيّة التي قُدّمت له على مدى أكثر من سنتين. وبغضّ النظر عمّا سيفعله ترامب في هذا الإطار، حتى لو أقدم على اعتراف بعمليّة الضمّ وبتقويض فكرة الدولة الفلسطينيّة فإنّ هذا لن يحجب تحدّياً آخر سيبرز من داخل الأراضي المحتلّة بحسب ما كتبه دومينيك غرين في مجلّة "سبكتايتور": "يمكن أن تكون فكرة دولة فلسيطينيّة قد ولّت، لكنّ الفلسطينيّين لا يزالون هنا".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم