الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

معرض ميساك ترزيان لدى "غاليري شريف تابت" تجريدي تعبيري تمثيلي

محمد شرف
معرض ميساك ترزيان لدى "غاليري شريف تابت" تجريدي تعبيري تمثيلي
معرض ميساك ترزيان لدى "غاليري شريف تابت" تجريدي تعبيري تمثيلي
A+ A-

يتم اعتبار ميساك ترزيان على أساس كونه من تلك الفئة من الفنانين التي حاولت أن تمزج ما بين تيارات فنيّة عدّة كالتجريد والتعبيرية وبعض ملامح الفن التمثيلي.

هذا الإتجاه "الإكلكتيكي"، الخاص بالفن التشكيلي، صرنا نراه في أكثر من مكان ضمن الإرهاصات التي قد يتبنّاها الفن المعاصر، علماً أن المداخل ليست هي نفسها، في طبيعة الحال، وذلك نظراً إلى أن الإمكانات والظروف التي يوفّرها العصر الراهن، أكان على الصعيد النظري والفكري أم على الصعيد التقني، صارت كثيرة من حيث مفاهيمها ومسالكها.



أعمال ميساك ترزيان، المعروضة لدى "غاليري شريف تابت"، وبالرغم من القواسم المشتركة التي تجمع في ما بينها، لا تبدو جميعها من طبيعة واحدة، علماً أنها نُفِّذت خلال العامين الماضيين، أي خلال فترات زمنيّة متقاربة. هذا الأمر عادي، كما نعتقد، ولا يدعو إلى الإستغراب، إذ ليس من الواجب دائماً أن يتمحور المعرض حول موضوع واحد، كما شاء العرف أو التقليد الذي يأخذ به بعضهم، وينصرف عنه بعض آخر. ما من شك في أن الفئة الطاغية من الأعمال هي ذات منحى تجريدي، ويمكن أن ننسب بعضها حتى إلى مصاف التجريد الصافي. في هذا المجال، يمكن القول ان أعمالاً كتلك التي تحمل عناوين "هيكاري" أو "سنترال بارك" أو "ظهور"، على سبيل المثل، وعلى ما تحمله من إشارات بعيدة إلى قامات إنسانية متداخلة وشديدة الإختصار، قد لا تجاري الواقع إلاّ من خلال ملامح بعيدة، وربما لا تمثّل هذه المجاراة هدفاً لدى الفنان. الرؤى شخصيّة، بحسب ما نعتقد، وإذا حضر الهمّ الإنساني، فيجب البحث عنه في دهاليز التأويل.

في حين أن أعمالاً أخرى كـ"متوازيان"، "أوهام"، أو "شاربا دالي"، ذات المتن المتضمّن ضربات فرشاة عمودية عريضة، تبتعد عن كل إشارة إلى الواقع، وهي ترمي إلى ما سمّاه موندريان، ذات يوم، "إتحاد الفردي والعام"، وصرّح في هذا المجال قائلاً: "على الفن أن يصل إلى توازن صحيح باكتشاف وسائل تشكيلية صافية في تقابل مطلق". لا بد من الإشارة، هنا، إلى أن موندريان كان حينها في صدد الحديث عن أعماله الهندسيّة "العقلانيّة"، في حين أن أعمال ترزيان، وبالرغم علاقتها النسبية بوصف موندريان، ذات مزاجيّة واضحة تبتعد بها عن العقلانية المفرطة. لا بل تبدو، في أحيان معينة، مدموغة ببعض العفويّة. هذا، وربما ينطبق عليها، إلى حد ما، ما ذكره الكاتب والناقد الفرنسي، جان كاسّو، في صدد الحديث عن إنعكاس المشاعر الشخصية، والمطالبة بجمالية مبنيّة على العلاقات الصرفة للخطوط والألوان النقيّة (وهو ما نراه لدى ترزيان)، حين قال: "إن تقابل الأفقي والرأسي هو معادلة" لأن "العلاقات الصافيّة وحدها كفيلة ببلوغ الجمال الخالص".

ولكن، وبصرف النظر عن الناحية "النظرية"، تكتسب لوحة ترزيان أبعاداً مختلفة، بصرياً ولونياً، ومردّ هذه القرارات التشكيلية ربما يعود إلى موقف مزاجي قد تدخل في تكوينه عوامل مختلفة: الدراما الأرمنية التي حملها الفنان معه، ولو بالوراثة، المرتبطة بلحظات تاريخيّة قاهرة ومريرة، يبدو أن مفعولها لن يزول بسهولة، وسترزح تحت وطأتها أجيال قادمة. العنف الذي يخترق العالم في اللحظة الراهنة، ولو كان يحلّ في أمكنة أخرى. الحالة النفسيّة المرتبطة بوضع داخلي لن تنفك تعقيداته، ولا يسلم من مفاعيله إلاّ صانعوه من ذوي الوجوه الصفراء. حتى "السرور الحياتي" و"اللحن الشرقي" و"الغروب عند الشاطئ الألماسي"، التي من شأنها، كما يشاء المنطق، أن تدعو إلى رومنطيقية حالمة، جاءت في لوحة ترزيان مفعمة بالصخب، الذي قد يكون نقيض الرومنطيقية لدى البعض، كما يمكنه، أيضاً، أن يكون رديفها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم