الإيمان وكيان الإنسان

يرى البعض صعوبة في الإيمان بعقائد تتجاوز قدرة عقلهم. لهؤلاء نقول إن الإيمان ليس مجرَّد قبول عقليّ لبعض الحقائق، بل هو موقف شامل من الحياة، إنّه علاقة كيانيّة بمصدر كياننا الإنسانيّ. إنّه خروج من الذات للاتّحاد بمن هو المطلَق الذي يمتلك كلّ كيان الإنسان. المؤمن هو الإنسان الذي يضع في هذا المطلَق كلّ اهتمامه وكلّ رجائه. لذلك فإنّ موضوع الإيمان ليس أمرًا خارجًا عن الإنسان، بل هو عمقُ كيان الإنسان. ما أؤمن به ليس بعيدًا منّي ولا غريبًا عنّي، إنّما هو بُعدٌ من أبعاد كياني. عندما أدرِك أنّ كياني ووجودي مرتبطان بمن هو الكيان بالذات، وأقبل هذا الارتباط، إذّاك أنا مؤمن. ما أؤكّده أنا المؤمن هو قبولي والتزامي ودخولي دخولاً كيانيًّا ووجوديًّا في كلّ أبعاد ذاتي في الله. وإذا لم أصلْ إلى هذا الالتزام الكيانيّ والوجوديّ، يكون إيماني ناقصًا. هذا ما نعنيه عندما نُعلِن في قانون الإيمان: "أؤمن بإله واحد، آب ضابط الكلّ، خالق السماء والأرض، كلّ ما يُرى وما لا يُرى". ما نؤكّده في فعل الإيمان هذا هو أنّ كلّ الكائنات مرتبطة بمصدر هو...