الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بسّام حجّار يردّ على أسئلة بريد السماء الافتراضي: القصيدة قبر وبعد وفاة أختي دلال تقدَّم الموتُ بي

المصدر: "النهار"
أسعد الجبوري
Bookmark
A+ A-
كان الشاعر اللبناني بسّام حجّار يتمدد على سريره في تلك الساحة القريبة من صيدلية "الأرواح المشتعلة"، وهو يدخن، إلى جانبه ممرضةٌ وطبيبٌ نفسي، ممارساً عزلته الثانية في هذه المنطقة من السماء. وجهٌ تتساقطُ منهُ الآلام. جسدٌ يخرج منه البخار، ليشتعل احتراقاً وحنيناً إلى زمنٍ قد لا ندرك طقوسه ولا معالمه، لأنه خاص بباطن شاعر شطبَ كلّ ظاهر له في وجوده الأول، وها هو يصمم دون انفعال على عدم تكرار قصص الأمس ولا روائح ذاته القديمة التي قضى معظمها في لبنان. نهض مغادراً السرير، تتبعه ممرضته، وهي تحمل كيسَ سيروم مصل الدم المحتوي على كل البروتينات، مع كتاب لم يبد عنوانهُ واضحاً. قبل أن يصل إلينا بخطوات، رأيناهُ يهمس في أذن تلك الممرضة بعض كلمات، لتتوقف عن ملاحقته. آنذاك صافحنا مرحباً بكلمات مقتضبة، وهو ما دفع بنا إلى الجلوس على تلك الأريكة المنجدّة بقماش من المخمل الأحمر. قبل أن يسيطر الوجوم على الجلسة، قمنا بطرح الأسئلة عليه تماشياً مع وضع الشاعر الصحي. قلنا له دون مقدمات:* كيف نجوتَ من جيولوجيا اللقب العائلي، حجار، لتدخل مجرى الماء، فتكون شاعراً؟- ربما لأنها دورة الماء في طبيعتي الساكنة. ذاك ما أظن. فالأسماء والألقاب والكنى، خرائط للاستدلال على الشخصية، لكنها في الغالب العام، تولي المرءَ أذى غير مقصود. كاللقب الذي ارتبط باسمي: حجار.* ولمَ لا تأخذ المقصدَ الآخرَ من تحولات الحجر إلى ماء، مثلما تفعل ذلك ضرباتُ النيازك، عندما ترتطم بالصخر، فتخلق ألماساً وتفجر السوائل من الحجارة؟- صحيح. لكنني غير متأكد من حقيقة تلك الفكرة، سواء أكنتُ مولوداً من ذلك الاحتكاك أم لا. في كل الأحوال، أنا تركتُ للشعر حرية التصرف بي.* كيف تنظر إلى القصيدة. أهي لمبةٌ فوق رأسكَ أم في جوفكَ؟- لمبةٌ في الجوف من دون أسلاك.* ولا حتى تلك الأسلاك الموصولة بالمحبوب؟!- تلك أسلاكٌ قد لا يحتاجُ المحبوبُ إليها المشتعلُ بالحرائق أصلاً. فما من حبّ إلا وكان مصباحاً تائهاً في منازل الأبد. في كلّ عاشقٍ مصعدُ نورٍ يقود إلى قلب المحبوب.* في رأيكَ، هل يتساوى حب النساء مع حب المدن؟- لا. أبداً. المدنُ تتمظهر بصور النساء، فتتحوّل إلى لحم ودم وكلمات، فيما النسوة مدنٌ تختلف في التصاميم، وتتفق في هندسة الشهوات. يمكن أن تلمس حجر أحداهنّ، وسرعان ما تتشكل بين أصابعك إلى موجةٍ متناغمة من السحر والحب المعطر. * هل ينطبق هذا المعنى على مدينة مثل صور، رحمك الأولى؟- صورُ رسالةٌ بحريةٌ، لا تزال مشفّرةَ الأمواج في قلبي حتى بعد موتي الأول.* أنت تعيدنا إلى المرحلة الفلسفية التي سبق لك أن مررتَ بدروسها في جامعة السوربون. لكن، كيف يمكن فك الارتباط ما بين الشعري والفلسفي في النصّ المفتوح؟- ذلك لا يحدث إلا بقوة النار. ففصل الشعر عن الفلسفة، يشبه فكفكة قشرةِ بيضة الدجاجة عن محتواها الزلالي، ولكن من دون الإساءة إلى مُحّ البيضة أو خدشه .* على ذكر الدجاجة، هل تعتقد أن سيدنا نوح أخذ منها اثنين إلى سطح سفينته؟- نعم، ولكن سرعان ما تم التخلي عن الديك، فرُمي إلى الماء، لتبقى الدجاجة وحيدةً .* وما السببُ في إقصاء الديك عن سفينة سيدنا؟- لوقاحتهِ وصلفه بالصياح الدائم ليل نهار، الأمر الذي أغضب الطوفان، فدفع بآلهة المياه إلى تفريغ حمولة السفينة، وكبّها في القاع دون رأفةٍ، تخلصاً من صياح ذلك الديك الذي أيقظ في مخلوقات السفينة الزئيرَ والعواءَ والنباحَ والخوارَ والثغاءَ والمواءَ والفحيحَ والزئيرَ والصهيلَ والقباعَ والمأمأةَ والنقيق.* وهل كان ثمة شعراء على ظهر...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم