الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما لا يمكن رؤيته بالعين في معرض الفنان الكوري لي أوفان

المصدر: "النهار"
متز شرق فرنسا- أوراس زيباوي
ما لا يمكن رؤيته بالعين في معرض الفنان الكوري لي أوفان
ما لا يمكن رؤيته بالعين في معرض الفنان الكوري لي أوفان
A+ A-

افتتح في مركز "جورج بومبيدو الثقافي"، فرع مدينة متز، معرض استعادي شامل للشاعر الفنان والنحات الكوري لي أوفان (من مواليد عام 1936) الأكثر شهرة في العالم اليوم الذي تقام له باستمرار معارض في العواصم العالمية وفي المتاحف الكبرى التي أدخلته في مجموعاتها الخاصة.

يغطي المعرض المراحل الأساسية لتجربة الفنان منذ أكثر من نصف قرن، وهو لا يكشف فقط عن خصائص تجربة فنية محددة، بل أيضا عن بعض مآلات الفن المعاصر وتساؤلاته. الفن هنا يقترح رؤية جديدة للواقع تتجاور فيها النظرة الفنية والرؤية الفلسفية. فأعمال لي أوفان تتمثل في ظاهرها في كتل مادية ملموسة تتألف من أحجام صخرية ومسطحات ترتكز فوقها هذه الأحجام. أما في باطنها، وهنا يكمن البعد الفلسفي فيها، فتسعى الى دفع العين الى ما وراء الظاهر والتفكير في ما يُرى من خلال ما يمكن رؤيته. يقول لنا الفنان في هذا الصدد "ما الذي تنبغي رؤيته في أعمالي هو الذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة". هذه العبارة هي مفتاح أساسي للدخول في عالم الفنان الذي يأتي الى الفنون البصرية من خلال الشعر والفلسفة وهو أحد شعراء كوريا المعروفين أيضا بالإضافة الى كونه فنانا.

نشعر كأننا أمام إحدى الحدائق اليابانية التي يمكن النظر إليها والتأمل فيها من بعد. يصبح التجوال فيها ذهنيا ينفتح على عين الداخل. تصبح الكتل المعروضة ذريعة لهذا النوع من التأمل الصوفي الذي، كما في الرسوم اليابانية أيضا، ينظر الى الانسان بصفته نقطة صغيرة في هذا الكون وكائنا من كائناته، لا السيد الواحد المستبد فحسب.

ما يعطي خصوصية لهذا الفنان وتساؤلاته الفلسفية المتعلقة بالإنسان والعالم، هو انفتاحه وتفاعله مع ثقافات مختلفة آسيوية وأوروبية على السواء، هو الذي ولد في كوريا وعاش وعمل في اليابان ثم انتقل منذ مرحلة السبعينات الى فرنسا التي أقامت له معارض عدة أحدها في حدائق قصر فرساي عام 2014. في فرنسا أيضا تعمقت معرفته الفلسفية من خلال قراءته للفيلسوف الفرنسي الراحل موريس ميرلو بونتي الذي التقى معه حول مسائل جوهرية عدة منها طريقة النظر الى ما يحيط بنا. ومن خلال مسعى الفنان وتأمله الفلسفي، توصل الى أن الفن هو مسعى لرؤية جديدة للوجود. وهذا ما يدفع الى مشاهدة اعماله من خارج النظرة المألوفة إلى الفن، لأن هذه الأعمال تشكل إحدى التجارب المثيرة منذ تجربة الفنان الفرنسي الرائد مرسال دوشان الذي أخذ الفن الى مطارح أخرى. يعتبر لي أوفان أخيرا أن كل ما يفعله هو محاولة لفهم أعمق لعناصر الطبيعة وموقع الانسان فيها من خلال لغة بصرية جديدة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم